في مشهد لم يعتده اليمنيون منذ شهور طويلة، استيقظت البلاد على استقرار نسبي في أسعار صرف الريال مقابل العملات الأجنبية، حيث سجل الدولار الأمريكي 535 ريالاً – رقم يحدد مصير 30 مليون يمني كل صباح. وللمرة الأولى منذ فترة طويلة، نام اليمنيون دون قلق من انهيار جديد لعملتهم، لكن السؤال المقلق يبقى: هل هذا استقرار حقيقي أم مجرد هدوء ما قبل العاصفة؟

شهدت محلات الصرافة في العاصمة صنعاء وعدن حركة نشطة بعد إعلان البنك المركزي اليمني تثبيت سعر الدولار عند 530.50 ريال كحد أقصى معتمد. “لأول مرة منذ أشهر، أستطيع النوم دون خوف من أن أستيقظ لأجد راتبي قد فقد نصف قيمته”، تقول أم محمد، المعلمة المتقاعدة البالغة 45 عاماً، والتي تراقب أسعار الصرف يومياً لمعرفة قيمة تحويلات ابنها من السعودية. حسام العبسي، صراف في تعز، يؤكد أن محله حقق استقراراً نسبياً لأول مرة منذ بداية العام.

قد يعجبك أيضا :

هذا الاستقرار المفاجئ يأتي بعد سنوات من التدهور المستمر، حيث انخفضت قيمة الريال بنسبة تزيد عن 2000% مقارنة بما كان عليه قبل عقد من الزمن. يشبه خبراء الاقتصاد الوضع الحالي بـ”ميزان حرارة المريض، كل ارتفاع في سعر الدولار ينذر بالخطر”. د. عبدالله النقيب، الخبير الاقتصادي، يرى أن “هذا الاستقرار نفس جديد للاقتصاد المتهالك، لكنه يحتاج لمراقبة دقيقة”. العوامل المؤثرة تشمل الصراع السياسي المستمر، ونقص العملة الصعبة، والاعتماد المفرط على تحويلات المغتربين.

تأثير هذا الاستقرار بدأ يظهر فوراً على الحياة اليومية للمواطنين، حيث تمكنت ربة البيت فاطمة أحمد من التخطيط لمصروفات أسبوع كامل دون قلق من تذبذب الأسعار. أسعار السلع الأساسية شهدت ثباتاً نسبياً، والتجار بدؤوا في إعادة تخزين البضائع بثقة أكبر. لكن الخبراء يحذرون من أن “646 ريال لليورو الواحد يعادل ثمن 15 كيلو أرز في السوق اليمني”، مما يعكس عمق الأزمة الاقتصادية. المغتربون اليمنيون وجدوا فرصة ذهبية لإرسال مدخرات أكثر لعائلاتهم، بينما ينصح الخبراء بتنويع مصادر الدخل وتجنب تخزين مبالغ كبيرة نقداً.

قد يعجبك أيضا :

رغم الأمل الحذر الذي يحمله هذا الاستقرار، تبقى التحديات كبيرة أمام الحفاظ على هذه المكاسب المحدودة. السيناريو الأكثر احتمالاً يشير إلى تذبذب محدود حول الأسعار الحالية مع ميل تدريجي للانخفاض، ما لم تتدخل عوامل إقليمية أو دولية لدعم الاقتصاد اليمني. السؤال الذي يؤرق الجميع اليوم: هل هذا بداية التعافي الحقيقي لليمن، أم مجرد هدنة مؤقتة قبل موجة جديدة من الانهيار؟