
بيروت ـ «القدس العربي»: برزت في بيروت جولة أعضاء مجلس الأمن الدولي برئاسة مندوب سلوفينيا السفير صموئيل زبوغار الذي أكد «التزام المجلس بالاستقرار في لبنان والمنطقة، ودعم سيادة واستقلال لبنان السياسي». وقال خلال زيارة الوفد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في قصر بعبدا بمشاركة الموفدة الامريكية مورغان أورتاغوس «إن مجلس الأمن ينظم المداولات حول الوضع في لبنان وعلى طول الخط الأزرق، وزيارتنا اليوم هي تأكيد إضافي على التزامنا تجاه بلدكم. نأتي إلى بيروت في وقت محوري، من أجل تنفيذ القرار 1701 وتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، ونؤمن بان الزيارة تأتي في الوقت المناسب».
وأضاف: «نقدّر تقييمكم لتنفيذ القرار 1701 واتفاق وقف النار، بما في ذلك التحديات التي تعيق التنفيذ. وفي هذا السياق، نود أن نعرف رأيكم بشأن عملية وضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة اللبنانية. نحن ندعم الجهود الدبلوماسية المطلوبة لحل النزاع أو التسوية المتعلقة بالحدود الدولية مع إسرائيل. وندعم البدء في المفاوضات مع سوريا حيث كنا بالأمس». وختم بالإعراب «عن دعم «اليونيفيل» والتطلع إلى معرفة رأي الرئيس عون بشأن الدور المستقبلي للقوات الدولية».
وتوالى عدد من السفراء على الكلام مؤكدين دعم دولهم للبنان ولسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، مبدين الاستعداد لدعم الجيش ومواقف الرئيس عون لاسيما فيما خص المفاوضات التي سوف تستكمل بعد أيام في الناقورة. وضم الوفد سفراء من الجزائر، الصين، الدانمارك، فرنسا، اليونان، غويانا، باكستان، بنما، كوريا، الاتحاد الروسي، سيراليون، الصومال، بريطانيا، وعدداً من الخبراء في مجلس الامن والأمانة العامة للأمم المتحدة، إضافة إلى المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان عمران ريزا، وقائد «اليونيفيل» الجنرال ديو داتو ابانيارا.
عون: خيار المفاوضات
وخلال اللقاء، أبلغ الرئيس عون الوفد «أن لبنان اعتمد خيار المفاوضات مع إسرائيل وكلّف سفيراً سابقاً ترؤس الوفد اللبناني، لتجنيبه جولة عنف إضافية من جهة، ولأن لبنان مقتنع بأن الحروب لا يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية، وأن وحده التفاوض يمكن أن يوفر مناخات تقود إلى الاستقرار والأمان وتجد حلولاً للمسائل العالقة وتبعد العذابات عن المواطنين»، مشيراً إلى «أن ما يقوم به لبنان على صعيد التفاوض ضمن لجنة «الميكانيزم» ليس لإرضاء المجتمع الدولي، بل لأنه لمصلحة لبنان».
وقال «لقد اتخذنا القرار ولا مجال للعودة إلى الوراء، وهذا الأمر ابلغته لجميع المسؤولين العرب والأجانب الذين التقيتهم بما في ذلك وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو عندما التقيته في نيويورك في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، ونحن ملتزمون بهذا الخيار. وقد بدأ قبل يومين فصل جديد من المفاوضات بعد تعيين السفير السابق سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني».
وأضاف عون «أشكر كل من عمل لتسهيل هذا الامر لاسيما السيدة مورغان أورتاغوس التي شاركت في الاجتماع». ورأى «أن هذه المفاوضات تهدف أساساً إلى وقف الأعمال العدائية التي تقوم بها إسرائيل على الأراضي اللبنانية واستعادة الاسرى، وبرمجة الانسحاب من المناطق المحتلة وتصحيح النقاط المختلف عليها عند الخط الأزرق. ونأمل ان تؤول هذه المفاوضات إلى نتائج إيجابية. لكن لا بد من التأكيد على ان نجاح هذه المفاوضات يرتبط بشكل أساسي بموقف إسرائيل التي يتوقف عليه وصول المفاوضات إلى نتائج عملية أو فشلها».
الرئيس عون: اعتمدنا خيار المفاوضات لتجنيب البلاد جولة عنف جديدة
ورداً على أسئلة السفراء، أكد الرئيس عون «ان الجيش اللبناني انتشر في جنوب الليطاني في اليوم الأول للإعلان عن اتفاق وقف الاعمال العدائية في 27 تشرين الثاني 2024، وهو منذ ذلك اليوم يقوم بدوره كاملاً وقدم شهداء في اثناء أداء مهماته في مصادرة السلاح وتفتيش الأنفاق وسحب الذخائر ومنع المظاهر المسلحة. ولم يتمكن الجيش من استكمال انتشاره في جنوب الليطاني نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي لاراض لبنانية حدودية. إلا ان ذلك لم يمنعه من مواصلة تنفيذ مهماته وتطبيق القرار 1701 في مناطق شاسعة جغرافياً ومليئة بالوديان التي من الصعب الوصول إليها دائماً، ما يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين. ونأمل أن يصبح عديد الجيش نحو 10 الاف عسكري في الجنوب قبل نهاية السنة الحالية»، مضيفاً «ان مهمات الجيش لا تقتصر فقط على جنوب الليطاني بل تشمل حفظ الامن على كل الأراضي اللبنانية ومكافحة الإرهاب والتهريب وضبط الحدود وحماية العديد من المقرات الدبلوماسية والإدارات والمؤسسات العامة، الأمر الذي يوجب تقديم الدعم للجيش ليتمكن من الاستمرار في مهماته. لذلك اطلقت الدعوة تلو الأخرى لمساعدته وتجهيزه بالمعدات الضرورية، وقد راهن لبنان على انعقاد مؤتمر لدعم الجيش والقوات المسلحة تشارك فيه الدول المانحة لتوفير حاجاته ليبقى قادراً على أداء مهامه الوطنية، وإلا فان الفوضى ستحل من جديد، ذلك أن الجيش هو الضمانة للمحافظة على السلم الأهلي والاستقرار في البلاد».
العلاقة مع «اليونيفيل»
وحول العلاقة بين الجيش والقوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل»، أكد عون «ان التنسيق مثالي بين الجيش «واليونيفيل» لتطبيق القرار 1701، وسوف يستمر ذلك حتى آخر يوم من بقاء «اليونيفيل» في الجنوب، علماً اننا كنا نأمل بأن يستمر وجود القوات الدولية إلى حين استكمال الجيش انتشاره حتى الحدود المعترف بها دولياً. وفي هذا السياق يرحب لبنان بأي دولة ترغب في إبقاء قواتها او جزء منها في ارض الجنوب لمساعدة الجيش بعد استكمال انسحاب «اليونيفيل» في نهاية عام 2027، لاسيما وان دولاً عدة أبدت مشكورة رغبتها في ذلك»، لافتاً إلى «عمق العلاقة بين الجيش اللبناني وأبناء الجنوب الذين يرون في جيشهم مصدر حماية لهم ويثقون به وبقدراته، وهم متعلقون بأرضهم ويريدون العودة إليها لإعادة بناء منازلهم والسكن فيها وهذا ما نريده أيضاً. لذلك طلبنا دعماً دولياً لإعادة اعمار المناطق التي تضررت نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية منذ اكثر من عام. ان إعادة الاعمار وعودة الأهالي الى أراضيهم هما أولوية لدينا، ونريد من المجتمع الدولي ان يقف الى جانبنا ويوفر لنا هذا الدعم لإعادة الاعمار ولمّ شمل الأهالي الذين اضطروا إلى ترك منازلهم وعادوا إليها فوجدوها مدمرة كلياً أو جزئياً».
بري: من غير المقبول التفاوض تحت النار واستمرار تل أبيب في العدوان يجدّد الحرب
وحول مسألة حصرية السلاح، قال رئيس الجمهورية «هذه المسألة تشكل هدفاً أساسياً، نعمل له بعد القرار الذي اتخذ في هذا الصدد، وبالتالي فنحن مصممون على تنفيذه وطلبنا من جميع الافرقاء التعاون لتحقيق هذا الهدف الذي لا رجوع عنه وان تطلب ذلك بعض الوقت، لأن اللبنانيين تعبوا من المواجهات العسكرية ويجمعون على ان لا قوى مسلحة على الأراضي اللبنانية الا القوى العسكرية والأمنية الشرعية». وختم «نحن لا نريد الحرب من جديد. لقد تعذب الشعب اللبناني بما يكفي ولن تكون هناك عودة إلى الوراء. الجيش اللبناني سيقوم بدوره كاملاً وسيحمي أبناء شعبه في كل المناطق اللبنانية ولاسيما في الجنوب، وعلى المجتمع الدولي أن يسانده ويدعمه، خصوصاً وان الامن متداخل بين كل الدول، ومن الضروري تعزيز استقرار لبنان وتثبيت الامن فيه لأن في ذلك حماية ليس فقط له بل لدول عدة شقيقة وصديقة».
لقاء بري
ثم انتقل وفد مجلس الأمن إلى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري بحضور المستشار الإعلامي علي حمدان، حيث تناول اللقاء الذي استمر أكثر من ساعة وربع الساعة تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والميدانية. وإستمع الرئيس بري لمواقف ممثلي الدول في مجلس الأمن وأجاب بإسهاب على مراحل القرار الأممي رقم 1701 وأهميته ووظيفته واتفاق وقف إطلاق النار وظروفه وموجباته لتطبيق القرار الأممي ودور قوات الطوارئ الدولية في هذا الإطار وما يراه تناقضاً في القرار رقم 2790. وأكد رئيس المجلس «أن الاستقرار في الجنوب يستلزم التزام إسرائيل بالقرار الأممي 1701 وباتفاق وقف إطلاق النار من خلال وقف إنتهاكاتها اليومية والإنسحاب إلى خلف الحدود الدولية، لا سيما بعد تكثيف اللجنة الخماسية المنبثقة عن الاتفاق لاجتماعاتها يُلزم ويفرض على إسرائيل وبشكل فوري وقف النار وبالتالي حربها الأحادية على لبنان «.
وقال «لا يجوز ومن غير المقبول التفاوض تحت النار»، محذراً من «أن استمرار إسرائيل بالحرب والعدوان يجدد هذه الحرب». وأثناء خروجها من عين التينة، وصفت أورتاغوس الاجتماع مع الرئيس بري بأنه كان «ايجابياً»، ورأت «أن السفير سيمون كرم شخصية مثيرة للإعجاب واجتماعات الميكانيزم أفضل لأنها ضمت مدنيين». من جهته، فإن ممثل بنما في مجلس الامن حول امكانية احتفال لبنان بعيد الميلاد من دون حرب قال: «نأمل ذلك وواثقون من أنه يجب أن يكون احتمالاواردًا».
أما في السرايا الحكومية، فقد عرض رئيس الحكومة نواف سلام أمام الوفد مقاربة الحكومة القائمة على ركيزتَي الإصلاح والسيادة، مؤكداً «التزامها المضي قدماً في تنفيذ الخطط الإصلاحية وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية». وأشار إلى «ضرورة الضغط على إسرائيل لحملها على الإيفاء بالتزاماتها في إعلان وقف الأعمال العدائية، بما يشمل وقف الاعتداءات والانسحاب من المناطق اللبنانية التي لا تزال تحتلها، إضافةً إلى العمل على إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين».
وفي هذا السياق، شدد سلام «على حاجة لبنان إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية قوة اليونيفيل، وذلك لملء أي فراغ محتمل، بما يساهم تعزيز الاستقرار في الجنوب»، طارحاً «إمكان أن تعمل هذه القوة تحت إطار هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة (UNTSO) أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه لقوة الـ UNDOF العاملة في الجولان لجهة طبيعة المهام وضبط الحدود».
كذلك، التقى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي وفد سفراء الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن، وأكد «ضرورة أن توقف إسرائيل اعتداءاتها على لبنان وأن تنسحب بشكل فوري وغير مشروط من الأراضي التي تحتلها»، مشيراً إلى «أن الحكومة اللبنانية ماضية بقرارها بسط سلطتها على كامل أراضيها، وأنها المسؤولة الوحيدة عن الدفاع عن لبنان». وشدد على «أهمية إعطاء فرصة للحلول الدبلوماسية بعدما أظهرت الخيارات العسكرية عدم قدرتها على الدفاع عن لبنان وردع الاعتداءات الإسرائيلية عنه».
تزامناً، أبدى المبعوث الأمريكي توم براك قلقاً بالغاً من خطر عودة الحرب في لبنان، ودعا «إلى مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل»، مشيراً إلى «أن نزع سلاح «حزب الله» لا يمكن أن يحصل بالقوة».
العدوان يجدّد الحرب
