أكدت إدارات مدارس في الدولة إعداد خطط ممنهجة لتطبيق برنامج «التاجر الصغير»، تتضمن أبرز محاورها إعادة جدولة الحصص الدراسية لدمج الأنشطة التطبيقية، وتزويد الطلبة بمعايير تعليمية تعتمد على الإبداع والابتكار، وتأهيل معلمين بمهارات الإرشاد الريادي، وتخصيص مساحات داخل الحرم المدرسي لتنفيذ المشروعات الطلابية، فضلاً عن العمل على تفعيل شراكات مع مؤسسات اقتصادية ومجتمعية لدعم التجارب العملية للطلبة.
ويستهدف برنامج «التاجر الصغير» 100 ألف طالب وطالبة من مختلف المراحل الدراسية، عبر استقبال ما يزيد على 2000 مشروع خلال فترة التقديم، ليتم اختيار أفضل 100 مشروع للمشاركة في المعرض الوطني، إلى جانب منح 10 مشاريع رائدة فرصة العرض أمام مستثمرين وخبراء في ريادة الأعمال.
وأكد تربويون ومعلمون وأولياء أمور أن المشهد التعليمي في الإمارات يشهد تحولاً جوهرياً، في ظل تبني برامج تطويرية نوعية مثل «التاجر الصغير»، الذي ينقل الطلبة من صفوف الدراسة إلى فضاءات الإنتاج، ويعيد تشكيل دور المتعلم من متلقٍّ للمعلومة إلى منتج ومبتكر.
وقال خبير تربوي لـ«الإمارات اليوم» إن البرنامج طموح ومتميز، ويحمل أهدافاً مستقبلية واعدة، لكنه يضع المدارس أمام استحقاقات تربوية وتنظيمية تتطلب جاهزية عالية لمواكبة هذا التحول العميق.
وتفصيلاً، أكدت مديرة مدرسة، خلود فهمي، أن تطبيق برنامج «التاجر الصغير» لا يشكّل تحدياً بقدر ما يفتح أبواباً جديدة لتطوير البيئة التعليمية، مشيرة إلى أن معظم المدارس بدأت بالفعل في رفع جاهزيتها لاستيعاب هذا التحول، مع التركيز على إعداد المعلمين لمهارات الإرشاد الريادي وتخصيص مساحات داخل الحرم المدرسي لتنفيذ المشروعات الطلابية.
وقال مدير مدرسة، حميدان ماضي، إن المدارس تعمل الآن على تفعيل شراكات مع مؤسسات اقتصادية ومجتمعية لدعم التجارب العملية للطلبة، مؤكداً أن هذه الشراكات تشكّل دعامة أساسية لنجاح البرنامج، وتسهم في تحويل الطلبة من متلقّين للمعلومة إلى منتجين ومبتكرين قادرين على تنفيذ مشروعاتهم بأنفسهم.
وأشار مدير مدرسة، محمد بدواوي، إلى أن نجاح البرنامج مرهون بتوفير بنية تنظيمية متماسكة، تبدأ من إعادة جدولة الحصص الدراسية بمرونة لدمج الأنشطة التطبيقية، مروراً بتطوير معايير تقييم تعتمد على الإبداع والابتكار، وصولاً إلى إشراك أولياء الأمور في مراحل الإعداد والتنفيذ، مشدداً على أن مدارسهم جاهزة لهذا التحول، لكنها تحتاج إلى دعم مستمر في التدريب والموارد لضمان تطبيق فعّال ومستدام لهذه التجربة الريادية.
اكتشاف الذات
وقال ذوو طلبة: سهام محيي الدين، وعلي أحمد، وحمدان المحمود، إن برنامج «التاجر الصغير» الذي أطلقته وزارة التربية والتعليم، مؤخراً، سيغير نظرة أبنائهم للمدرسة، حيث سيتعاملون مع التعلم كمساحة واسعة لاكتشاف الذات وتطوير المهارات، وليس مجرد حضور روتيني للحصص، ولفتوا إلى أنه من المتوقع أن يصبح أبناؤهم أكثر حماسة للمشاريع الجماعية، وأكثر قدرة على ربط ما يتعلمونه بتطبيقات واقعية، تعزز ثقتهم بأنفسهم، وتمنحهم شعوراً بأن التعليم يمكن أن يكون عملاً إبداعياً ذا أثر حقيقي في حياتهم اليومية.
التفكير التحليلي
وأكد التربويون والمعلمون: الدكتور هاني حمزة، وسائد أبوسمرة، وحنان شرف، أن البرنامج يعد نقلة نوعية في حياة الطلبة، لما لديه من قدرة واضحة على تعزيز مهاراتهم العملية، من الإدارة المالية، والتسويق، وتنظيم الوقت، إلى العمل الجماعي والتفكير التحليلي، وصولاً إلى مهارات الإقناع والعرض أمام الجمهور.
وأضافوا: «يتحول الطالب، وفق هذا النموذج، من دور المتلقّي إلى صاحب مشروع يحمل اسمه ويتحمّل مسؤولية تطويره، ما يعزز ثقته بنفسه، ويجعله أكثر استعداداً لمواجهة تحديات الحياة العملية».
لا يشكّل تحدياً
وقالت الخبيرة التربوية، آمنة المازمي: «تمثل مواكبة التحول نحو التعليم القائم على الإنتاج وريادة الأعمال تحدياً أساسياً أمام المدارس، ما يستدعي إعادة تنظيم دورها، وتهيئة كوادرها بما يلائم هذا التغيير الجوهري».
وأضافت أن على الإدارات المدرسية إعادة هيكلة جداولها اليومية لتخصيص وقت فعلي للمشاريع الريادية، بوصفها جزءاً أساسياً من التعلم، مؤكدة ضرورة توفير بيئات ابتكار مجهّزة مثل مساحات التصنيع والنمذجة والتجريب، بما يتيح للطلبة تحويل أفكارهم إلى نماذج عملية داخل المدرسة.
مهارات الريادة
وتابعت أن جاهزية الكادر التعليمي تمثل عاملاً حاسماً في نجاح هذا التحول، إذ يحتاج المعلمون والمشرفون إلى تدريب متخصص في مهارات الريادة، يشمل إعداد دراسات الجدوى وتصميم نماذج العمل وأساسيات التسويق والإرشاد الريادي، لضمان قدرتهم على توجيه الطلبة ومتابعة تقدمهم خطوة بخطوة، وأوضحت: «يستدعي هذا التحول أيضاً تغييراً في دور المعلم من ملقّن إلى مرشد يطرح الأسئلة، ويفتح آفاق التفكير، ويقدّم تغذية راجعة مهنية تساعد الطلبة على التطوير المستمر، لا على تلقي الحلول الجاهزة»، وشدّدت على أن نجاح هذا التوجّه مرهون بإشراك الأسرة كشريك أساسي، إذ يحتاج الطالب في المراحل الريادية الأولى إلى دعم منزلي يعزّز التزامه دون أن يحل ولي الأمر محلّه، بل يسانده في تحمّل مسؤولية مشروعه، وأكدت أن هذا التعاون بين المدرسة والأسرة يعزّز الانضباط، ويفتح أمام الطلبة فهماً أعمق لقيمة العمل، ما ينعكس إيجاباً على تعلمهم وإنتاجيتهم.
وأوضحت أن التحول نحو «التعليم المنتج» يستدعي مراجعة آليات التقييم في المدارس، بحيث تنتقل من قياس حفظ المعلومات إلى تقييم العملية الإنتاجية بكامل مراحلها؛ من ابتكار الفكرة وإدارتها وتنظيم الوقت، إلى مهارات حل المشكلات والتواصل وعرض المشروع، كما شددت على ضرورة توحيد الحد الأدنى من الموارد بين المدارس، لتحقيق عدالة تنافسية بين الطلبة وضمان ألا ترتبط فرص التميز بالفوارق المادية بين المؤسسات التعليمية.
عمل تكاملي
وأكدت أن مواكبة هذا التحول تتطلب عملاً تكاملياً بين الإدارة المدرسية والمعلم والأسرة وشركاء المجتمع؛ فالمدرسة مطالَبة بأن تتحول إلى بيئة إنتاج، والمعلم إلى مشرف ريادي، والطالب إلى صاحب مشروع يتحمل مسؤوليته، فيما يشكّل القطاع الخاص ركناً أساسياً في دعم واستدامة العمل الريادي داخل المدرسة وخارجها، وعند تضافر هذه الأدوار، يصبح بالإمكان إعداد جيل ينتقل بثقة وكفاءة من مقاعد الدراسة إلى ميادين الإنتاج.
تفاصيل البرنامج
وبحسب دليل برنامج «التاجر الصغير»، الذي اطلعت «الإمارات اليوم» على تفاصيله، بدأ التسجيل في الخامس من ديسمبر الجاري، يليه إغلاق باب المشاركات في التاسع من يناير 2026، ثم إعلان المشاريع المتأهلة في 19 يناير، تعقبها جلسات تعريفية للطلبة خلال 26-28 يناير، ثم تنظيم المعرض الوطني خلال 13-15 فبراير 2026، وصولاً إلى عرض المشاريع الفائزة أمام المستثمرين في السابع من أبريل 2026، إضافة إلى سلسلة من ورش الثقافة المالية وريادة الأعمال التي تستمر طوال العام الدراسي.
مديرو مدارس:
• نعمل على تفعيل شراكات مع مؤسسات اقتصادية ومجتمعية لدعم التجارب العملية للطلبة.
ذوو طلبة:
• «البرنامج» سيجعل أبناءنا أكثر قدرة على ربط ما يتعلمونه بتطبيقات واقعية تعزز ثقتهم بأنفسهم.
تربويون:
• «البرنامج» سيحوّل الطالب من دور المتلقّي إلى صاحب مشروع، ما يدعمه لمواجهة تحديات الحياة العملية.
![]()
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
Share
فيسبوك
تويتر
لينكدين
Pin Interest
Whats App
