شهدت أبوظبي، أمس، فعالية رفيعة المستوى، جمعت قيادات دولية ومساهمين بارزين عالميين في قطاع الرعاية الصحية، أعلنوا خلالها عن تعهّد جماعي بقيمة 1.9 مليار دولار أميركي لدعم الجهود العالمية الهادفة إلى القضاء على شلل الأطفال.

ويشمل ذلك نحو 1.2 مليار دولار من التمويلات الجديدة، التي تُسهم في خفض فجوة الموارد المتبقية في استراتيجية المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال «GPEI» للفترة 2022-2029، بحيث لا يتبقى منها سوى 440 مليون دولار، وتسريع الجهود الحيوية للوصول إلى 370 مليون طفل سنوياً باللقاحات وتعزيز الأنظمة الصحية في البلدان المتأثرة.

وجاء هذا التعهّد العالمي خلال فعالية بعنوان «الاستثمار في الإنسانية: متحدون للقضاء على شلل الأطفال»، التي استضافتها مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني بالشراكة مع المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، وذلك في إطار فعاليات وأحداث أسبوع أبوظبي المالي.

وشهد الحدث حضور كل من سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني، ووزير التخطيط والتنمية في باكستان، أحسن إقبال تشودري، ورئيس وعضو مجلس إدارة مؤسسة غيتس، بيل غيتس، والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إلى جانب قادة حكومات ومؤسسات دولية والقطاع الخاص.

وشهدت الفعالية الإعلان عن تعهّدات قدّمها عدد من الدول والجهات المانحة، بما في ذلك 1.2 مليار دولار من مؤسسة غيتس، و140 مليون دولار من مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني، و450 مليون دولار من روتاري الدولية، و100 مليون دولار من مؤسسة بلومبيرغ الخيرية، و154 مليون دولار من باكستان، و62 مليون دولار من ألمانيا، و46 مليون دولار من الولايات المتحدة الأميركية، وستة ملايين دولار من اليابان، وأربعة ملايين دولار من IFANCA، منظمة الغذاء والتغذية الإسلامية في أميركا، وثلاثة ملايين دولار من لوكسمبورغ.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس: «نحن على مشارف تحقيق إنجاز تاريخي للبشرية عبر استئصال شلل الأطفال، لكن إنجاز هذه المهمة يتطلّب مضاعفة الجهود من جميع الأطراف، والدعم الذي تم الإعلان عنه هنا في أبوظبي سيكون له دورٌ حاسم في الوصول إلى كل طفل في البلدان الموبوءة، ووقف تفشّي المتحورات في مختلف أنحاء العالم».

ويُعدّ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أحد أبرز القادة العالميين الداعمين لمسيرة القضاء على شلل الأطفال، إذ قدّم منذ عام 2011 أكثر من 525 مليون دولار أميركي دعماً لهذه القضية الحيوية، واضطلع بدور محوري في حشد الجهود والموارد الدولية وتسليط الضوء العالمي على ضرورة تسريع وتيرة الاستئصال.

ومن خلال حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال، تم إيصال أكثر من 850 مليون جرعة من اللقاحات للأطفال في باكستان منذ عام 2014، مع تركيز خاص على المجتمعات البعيدة وصعبة الوصول.

ويمثّل هذا الحدث ثالث لحظة تعهّد تستضيفها أبوظبي، بعد مؤتمرَي عامَي 2013 و2019، اللذين أسهما معاً في جمع 6.6 مليارات دولار، دعماً للجهود العالمية التي تقودها المبادرة.

من جانبها، قالت سمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد آل نهيان، رئيسة مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني، إن «التعهّدات المُعلنة تُجسّد إرادتنا المشتركة في القضاء على شلل الأطفال، وتعزيز كفاءة الأنظمة الصحية، وضمان حماية كل طفل من هذا المرض الذي يمكن الوقاية منه، لقد أثبتت عقودٌ من التقدم والعمل الدولي أن الوصول إلى عالم خالٍ من شلل الأطفال هدفٌ واقعي حين نعمل معاً يداً بيد، وبفضل رؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، نفخر بتوحيد الجهود مع الدول والشركاء لتحقيق هذا الهدف الإنساني».

ولايزال فيروس شلل الأطفال البري متوطّناً في بلدين فقط، هما أفغانستان وباكستان، فيما تستمر حالات تفشي المتحوّر في تهديد الأطفال حول العالم وتُجدد التعهّدات المُعلنة التأكيد على الالتزام الدولي باستكمال المسيرة، وحماية الأجيال القادمة من مرض كان يتسبب يومياً في شلل ألف طفل عبر 125 دولة قبل بدء الجهود العالمية للسيطرة عليه.

وسيُشكّل النجاح في القضاء على شلل الأطفال ثاني مرض بشري يُستأصل في التاريخ بعد الجدري، كما يُتوقَّع أن يوفّر للعالم أكثر من 33 مليار دولار بحلول عام 2100، مقارنةً بالتكاليف المستمرة للاستجابة لحالات التفشي والسيطرة عليها.

من جانبه، قال بيل غيتس: «تُبرز معركة القضاء على شلل الأطفال ما يمكن للعالم تحقيقه عندما يتوحّد خلف هدف مشترك، لقد قطعنا 99.9% من الطريق غير أن بلوغ خط النهاية يتطلّب العزم ذاته الذي أوصلنا إلى هذه المرحلة. وسيُسهم التمويل الجديد في استكمال المهمة وتعزيز الأنظمة الصحية التي تحمي الأطفال من هذا المرض إلى الأبد».

من جانبه، قال مؤسس شركة بلومبيرغ المحدودة ومؤسسة بلومبيرغ الخيرية وسفير عالمي لمنظمة الصحة العالمية بشأن الأمراض غير السارية، مايكل ر. بلومبيرغ: «تتعاون مؤسسة بلومبيرغ الخيرية مع مؤسسة غيتس منذ أكثر من عشر سنوات للقضاء على شلل الأطفال، ونحن اليوم على مشارف تحقيق إنجاز تاريخي بكل المقاييس، وسيُسهم الدعم الجديد، البالغ 100 مليون دولار، للمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال ولشركائنا حول العالم، في تقريبنا من بلوغ الهدف وحماية مزيد من الناس من الآثار المدمّرة لهذا المرض».

وأسهم العمل الدؤوب الذي اضطلعت به الحكومات والمناصرون والباحثون والشركاء في خفض حالات شلل الأطفال بأكثر من 99% منذ عام 1988 كما أدّت الجهود المكثفة للوصول إلى كل طفل باللقاحات إلى تحقيق تحسينات جوهرية في البنية الصحية، شملت تعزيز برامج التطعيم الروتيني، وتطوير أنظمة ترصّد الأمراض، ورفع كفاءة الاستجابة للطوارئ.

وعلى الرغم من هذا التقدّم، فإن مسيرة الاستئصال لم تكن يوماً مساراً مستقيماً، فبعد تسجيل مستويات متدنية تاريخية في عامي 2021 و2023، أصيب هذا العام 39 طفلاً بالشلل في باكستان وأفغانستان نتيجة الفيروس البري، فيما يستمر تفشي المتحوّر في 18 دولة، ما يؤكد أن التحديات المرتبطة بالوصول إلى كل طفل لاتزال قائمة وتتطلّب مزيداً من العمل والالتزام الدولي.

وقال وزير التخطيط والتنمية والمبادرات الخاصة الباكستاني، أحسن إقبال: «تلتزم باكستان بالقضاء على شلل الأطفال وحماية كل طفل، ومن خلال استراتيجيات تطعيم مبتكرة وتعزيز مشاركة المجتمعات المحلية، نعمل على بناء الثقة والوصول إلى عدد أكبر من الأطفال، وتقرّبنا هذه الجهود من تحقيق باكستان خالية من شلل الأطفال ومن مستقبل أكثر صحة للجميع».

وأكدت المدير التنفيذي لليونيسف، كاثرين راسل، أن «التعهّدات السخية التي قدّمها المانحون، إلى جانب الدعم المتواصل من شركاء آخرين، ستُمكّن العاملين الصحيين حول العالم من الوصول إلى كل طفل، ولاسيما الأطفال الذين يفوتهم التطعيم باستمرار في أكثر المناطق هشاشة والمتضررة بالنزاعات، وتؤكد اليونيسف التزامها الكامل بالاضطلاع بدورها في القضاء على شلل الأطفال نهائياً».

وقالت الرئيسة التنفيذية لـ«التحالف العالمي للقاحات والتحصين» (جافي)، الدكتورة سانيا نِشْتار: «لقد قرّبتنا عقود من الشراكة العالمية، بما في ذلك الدور المحوري الذي اضطلعت به دولة الإمارات، إلى جانب داعمين رئيسين آخرين، من إنهاء شلل الأطفال أكثر من أي وقت مضى، ومع مواصلة العمل المبتكر لتحقيق هذا الهدف المشترك، يمنحنا هذا التمويل الجديد ثقة متجددة بأننا سنتمكّن قريباً من تحقيق مستقبلٍ خالٍ تماماً من شلل الأطفال لجميع الأطفال».

وذكر رئيس اللجنة الدولية لبرنامج «بولو بلس» في منظمة روتاري الدولية، مايك ماكغفرن: «20 مليون إنسان قادرون اليوم على المشي بفضل لقاحات شلل الأطفال، وقد تعلّمنا وطوّرنا وابتكرنا الكثير على امتداد هذه المسيرة وستظل منظمة روتاري ملتزمةً بالمضيّ في هذا النضال حتى تحقيق النصر الكامل على المرض».

وقالت وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، ريم العبلي – رادوفان: «تظل ألمانيا ثابتة في دعمها للمعركة العالمية ضد شلل الأطفال، فمن خلال العمل المشترك والاستثمار في أنظمة صحية قوية بما في ذلك المساهمات الحيوية لمنظمة الصحة العالمية واليونيسف نستطيع ضمان حماية كل طفل أينما كان من هذا المرض الذي يمكن الوقاية منه».

وقال رئيس منظمة الغذاء والتغذية الإسلامية في أميركا «IFANCA»، محمد منير شودري، إن دعم الأطفال وحماية الفئات الأكثر ضعفاً يقع في صميم رسالة IFANCA.

مريم بنت محمد:

• التعهّدات المُعلنة تُجسّد إرادتنا المشتركة في القضاء على شلل الأطفال.

• محمد بن زايد أحد أبرز القادة العالميين الداعمين لمسيرة القضاء على شلل الأطفال.. وقدّم أكثر من 525 مليون دولار أميركي دعماً لهذه القضية الحيوية.