يعاني الفلسطينيون من الفيضانات التي غمرت مخيم البريج للاجئين في مدينة غزة، بعد هطول أمطار غزيرة في ١١ ديسمبر/كانون الأول ٢٠٢٥. وتتفاقم أوضاع النازحين الذين دُمرت منازلهم في الهجمات الإسرائيلية، حيث يواصلون معاناتهم ليس فقط من ويلات الصراع، بل أيضاً من تدهور الأحوال الجوية.

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، الأمطار الغزيرة تغرق مخيم البريج للاجئين في مدينة غزة، يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 2025.10 ديسمبر/ كانون الأول 2025

آخر تحديث قبل 2 ساعة

أكدت مصادر طبية في مستشفى ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، وفاة الرضيعة رهف أبو جزر، والتي تبلغ من العمر 8 أشهر، جرّاء البرد الشديد بعد أن غمرت مياه الأمطار خيمة عائلتها في مخيم المواصي للنازحين غربي المدينة إثر المنخفض الجوي الحالي.

وقال جهاز الدفاع المدني في غزة، الذي يتبع حماس، في تصريح صباح الخميس، إنّ مياه الأمطار غمرت مخيمات بأكملها في مخيم المواصي وكذلك في مناطق أخرى مثل دير البلح والنصيرات ومدينة غزة.

كما أشار الجهاز إلى أنه تلقّى أكثر من 2500 نداء استغاثة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بسبب العاصفة، موضحاً أنّ خيام النازحين لا تستطيع مواجهة المنخفضات الجوية، وأكد أنه تمكّن من نقل عشرات الأسر إلى مناطق أخرى.

وحذّر من أنّ الساعات المقبلة ستكون كارثية بحسب وصفه، مع تعمق المنخفض، داعياً السكان إلى أخذ الحيطة والحذر من حدوث حالات غرق.

وكان الدفاع المدني قد حذّر الأربعاء من انهيار مراكز الإيواء والمباني الآيلة للسقوط جرّاء العاصفة، وسقوط ضحايا.

يعاني الفلسطينيون من الفيضانات التي غمرت مخيم البريج للاجئين في مدينة غزة، بعد هطول أمطار غزيرة في ١١ ديسمبر/كانون الأول ٢٠٢٥. وتتفاقم أوضاع النازحين الذين دُمرت منازلهم في الهجمات الإسرائيلية، حيث يواصلون معاناتهم ليس فقط من ويلات الصراع، بل أيضاً من تدهور الأحوال الجوية.

صدر الصورة، Getty Images

ومن جهتها، أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أنّ هطول الأمطار يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها مئات آلاف النازحين في القطاع.

وأوضحت في منشور عبر منصتها الرسمية على موقع “إكس”، أنّ الشوارع المغمورة بالمياه وتسرّبها إلى خيام النازحين يزيدان من سوء الأوضاع المعيشية المتدهورة أصلاً، مشيرة إلى أنّ البرد القارس والاكتظاظ وانعدام النظافة، جميعها عوامل ترفع من خطر الإصابة بالأمراض والعدوى، خصوصاً بين الأطفال.

وأكدت الوكالة أنّه يمكن تفادي ما وصفته بـ”المعاناة المتفاقمة” عبر السماح لتدفّق المساعدات الإنسانية من دون عوائق، كالإمدادات الطبية ومستلزمات المأوى المناسبة التي تمكّن العائلات من مواجهة ظروف الشتاء القاسية.

وكانت الأمطار الغزيرة أغرقت خيام النازحين الهشّة وجعلت ظروفهم الحياتية شبه مستحيلة منذ بداية المنخفض الجوي. فلا مأوى يحميهم من البرد، ولا مقومات أساسية تساعدهم على العيش داخل تلك الخيام التي لم تعد صالحة للسكن.

وقالت إحدى النازحات لبرنامج غزة اليوم عبر بي بي سي الأربعاء: “غرقنا بسبب الأمطار، وطوال الليل نحاول التخلص من المياه، ولا يوجد لدينا أي وسائل للتدفئة، ولا حتى مواقد صغيرة، ولأن الخيام مصنوعة من الخيش فإنها ابتلت بالماء والبقاء فيها مستحيل”.

وقالت سيدة أخرى: “منذ ليلة أمس لم ننم ونعيش في مستنقع من المياه، وأعاني أنا وأطفالي السبعة ويعيش معنا في الخيمة أيضاً والدا زوجي، وهما كبيران في السن ولم يستطيعا الحركة”.

وقالت أخرى لبي بي سي: “نعيش قرب مكب اليرموك وبجوار تل مرتفع، وقد تجمعت المياه في الأعلى ثم تدفقت بقوة لتجرف المكان بالكامل، وجرفت الخيام، والآن نعيش تحت الأمطار ووسط المياه”.

وأضاف أحد الرجال إنهم حاولوا عمل سدود لحجز المياه، لكنهم فشلوا، وشرح قائلاً “الخيام مهترئة وتسقط منها المياه على الموجودين تحتها ولا تحميهم من الأمطار، بالإضافة إلى الحيوانات والكلاب الضالة التي تهددنا أيضاً”.

خطر المخلفات

نازح فلسطيني في مكب نفايات اليرموك يقف أمام خيمته بعد أن فشلت السدود التي أقامها في منع المياهالتعليق على الصورة، خطر الذخائر غير المتفجرة ومياه الأمطار تهدد حياة آلاف النازحين في وسط قطاع غزة

بالإضافة إلى الخطر الذي تتسبب به الأمطار، تلاحق سكان غزة آلاف الذخائر غير المتفجرة أيضاً والتي تهدد حياتهم في كل وقت.

وحذّر رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في الأراضي الفلسطينية يوليوس فان دير والت، من أن مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة تعرقل عودة الحياة إلى طبيعتها في غزة، وأن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للخطر.

وأكد فان دير والت، للصحفيين يوم الأربعاء، أن الذخائر غير المنفجرة في غزة تشكل خطراً بالغاً على المدنيين، لا سيما مع تحرك مئات الآلاف منهم عقب وقف إطلاق النار.

وذكر أن “أكثر من عامين من الهجمات الإسرائيلية المكثفة على قطاع غزة خلّفت تلوثاً واسعاً بالمواد المتفجرة، ما يؤثر سلباً في إيصال المساعدات الإنسانية، ويبطئ تعافي القطاع، ويجعل أعمال إعادة الإعمار شديدة الخطورة، إضافة إلى تهديد مباشر لحياة المدنيين”.

وأوضح رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في الأراضي الفلسطينية أن فرق الأمم المتحدة تواجه مخاطر المتفجرات بشكل شبه يومي في مختلف مناطق القطاع، وأن العائلات التي تتحرك داخل غزة معرضة لخطر هذه المواد.

وأكد والت أن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للخطر، كما هو الحال في معظم مناطق النزاع حول العالم، نظراً لفضولهم ومحاولتهم لمس الذخائر غير المنفجرة دون إدراك خطورتها.

وحذّر من عدم توفر بيانات دقيقة حول حجم التلوث بالمتفجرات في غزة، غير أن هناك مؤشرات قوية على انتشارها بشكل واسع في أغلب المناطق.

وأوضح المسؤول الأممي، أن دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام تعمل في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ومنذ بداية العمل في غزة، تمكنت الدائرة من “رصد أكثر من 650 مادة خطرة” في المناطق التي استطاعت الوصول إليها فقط، وكانت الأغلبية العظمى منها ذخائر غير منفجرة ومواد متفجرة يدوية الصنع”.

وأشار رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في الأراضي الفلسطينية إلى أن صغر المساحة الجغرافية لقطاع غزة وارتفاع الكثافة السكانية، يؤديان لتعقيد الوضع مقارنة بمناطق نزاع أخرى مثل سوريا ولبنان.

كما شدد على أنه يكاد يكون مستحيلاً تجنب مخلفات المتفجرات في مثل هذه الظروف، وأن بقايا صغيرة قد تؤدي إلى كوارث كبيرة، وأن عودة السكان إلى منازلهم أو أنقاضها تقتضي حذراً شديداً، داعياً إلى الإبلاغ الفوري عن أي جسم مشبوه أو متحرك.