في تطور مفاجئ سيهز الحياة اليومية لعشرات الآلاف من المواطنين، تستعد مدينة دسوق بكفر الشيخ لدخول غيبوبة مائية تستمر 12 ساعة متواصلة – فترة أطول من يوم العمل الكامل بأكمله. مدينة كاملة ستدخل في انقطاع شامل عن المياه بينما تخضع الخزانات لعملية تطهير حاسمة، وأمامك أقل من 24 ساعة لتتحضر قبل أن تجف آخر قطرة من الصنابير.
ستبدأ المأساة المائية في تمام الساعة السادسة من مساء الجمعة، حيث ستتوقف كل قطرة مياه عن الوصول لمنازل دسوق ومحلة أبوعلي والقرى التابعة لها. فاطمة محمد، أم لثلاثة أطفال صغار، تحكي بقلق: “بدأت أملأ كل إناء في البيت.. أخاف أطفالي يعطشوا أو ما أقدرش أحممهم قبل المدرسة”. المشهد في الشوارع صادم: صفوف طويلة من الجراكن والأوعية أمام البيوت، ودوي مولدات محطة المياه يختلط مع همهمات الناس وهم يستعدون لأطول ليلة بدون مياه هذا العام.
قد يعجبك أيضا :
السبب وراء هذا الانقطاع الجذري يعود إلى عملية تطهير وتعقيم شاملة للخزانات الأرضية بمحطة إنتاج مياه الشرب، وهي عملية تحدث مرات قليلة في السنة ولكن نتائجها تستمر لأشهر قادمة. د. محمود عبدالحليم، خبير هندسة البيئة، يؤكد: “هذه العملية مثل مريض يتوقف عن التنفس 12 ساعة ليتطهر جهازه التنفسي – صعبة ولكنها ضرورية لحياة أفضل”. تراكم الرواسب والشوائب داخل الخزانات يتطلب تنظيفاً عميقاً بمواد تطهير متخصصة، وهو ما يفسر رائحة الكلور القوية التي ستملأ أجواء المحطة طوال ساعات العمل الليلي.
التأثير على الحياة اليومية سيكون أشبه بإعصار صامت يضرب خدمات المدينة دون أن يحرك شعرة واحدة. المطاعم والمقاهي تستعد لإغلاق مؤقت، ربات البيوت يعيدن جدولة أنشطة الطبخ والتنظيف بالكامل، والأطفال قد يضطرون للذهاب للمدرسة دون استحمام صباحي. عم حسن البقال يحكي: “من الفجر والناس بتشتري مياه معبأة.. محدش عايز يفضل عطشان 12 ساعة”. لكن الخبراء يؤكدون أن هذه المعاناة المؤقتة ستؤتي ثمارها: مياه أنظف بطعم أفضل ونسبة كلور أقل لمدة تصل إلى 6 أشهر قادمة، وانخفاض ملحوظ في الأمراض المنقولة بالمياه.
قد يعجبك أيضا :
بينما يعمل أحمد السباك وزملاؤه طوال الليل داخل المحطة بملابس واقية لضمان عودة المياه نظيفة وآمنة، يبقى السؤال الأهم: هل أنت مستعد لـ 12 ساعة بدون مياه؟ الوقت ينفد سريعاً، وعليك أن تملأ كل وعاء متاح، تطبخ وجبات لا تحتاج تنظيف كثير، وتضع خطة طوارئ لعائلتك. لا تكن من الذين سيندمون عند انقطاع آخر قطرة مياه مساء الجمعة.