بعد انتظار امتد لشهرين كاملين، يتنفس آلاف الموظفين النازحين في عدن الصعداء أخيراً، حيث أعلن بنك عدن الإسلامي عن بدء صرف مرتبات وزارة النقل لفئة النازحين عن شهري يناير وفبراير 2025 دفعة واحدة. للمرة الأولى منذ شهور طويلة، ستمتلئ جيوب هؤلاء المواطنين المنكوبين بأموال حقيقية تعيد إليهم بصيص أمل في ظل ظروف قاسية لا تزال تطحن أحلامهم.

في مشهد مؤثر أمام مقر البنك بعدن، تجمع المئات من الموظفين النازحين منذ ساعات الفجر الأولى، حاملين معهم أوراقهم الثبوتية وقلوباً تخفق بالترقب. أحمد النازح، الموظف الذي ترك منزله في تعز قبل ثلاث سنوات، يقف في الطابور وعيناه تلمعان: “لم أتخيل أن أرى هذا اليوم مرة أخرى، راتبان معاً يعنيان الكثير لأسرتي”. البنك أكد أن عملية الصرف تتم عبر شبكة عدن_حوالة ونقاط الصرف المعتمدة، مع ضمان وصول المستحقات لجميع المستفيدين.

قد يعجبك أيضا :

تأتي هذه الخطوة في ظل أزمة نزوح مستمرة تؤثر على 4.5 مليون نازح يمني، معظمهم من الموظفين الحكوميين الذين فقدوا مصادر دخلهم الثابتة منذ اندلاع الصراع. وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن 80% من الموظفين الحكوميين لم يحصلوا على رواتبهم بانتظام منذ عام 2016، مما فاقم من معاناة أسرهم وجعل البحث عن لقمة العيش تحدياً يومياً. هذا الإجراء يأتي كنسمة أمل وسط عاصفة اقتصادية لا تزال تضرب البلاد بقوة.

فاطمة الصابرة، الموظفة التي تعيل خمسة أطفال بمفردها بعد نزوحها من الحديدة، تبتسم وهي تحتضن أطفالها: “أخيراً سأتمكن من دفع إيجار المنزل المتأخر وشراء الدواء لابني المريض”. التأثير لا يقتصر على الأسر المستفيدة فحسب، بل يمتد ليشمل الأسواق المحلية في عدن التي تشهد حركة تجارية منتعشة.

قد يعجبك أيضا :

تسديد الإيجارات المتأخرة لآلاف الأسرشراء احتياجات أساسية مؤجلة منذ شهورتنشيط الحركة التجارية في الأسواق الشعبية

رغم الفرحة الغامرة التي تملأ وجوه المستفيدين، يبقى التساؤل الأهم معلقاً في الهواء: هل سيكون هذا بداية عهد جديد من الاستقرار في صرف الرواتب، أم مجرد هدنة مؤقتة في معاناة لا تنتهي؟ الخبراء يدعون إلى ضرورة إيجاد حلول جذرية ودائمة لضمان حصول جميع الموظفين النازحين على حقوقهم كاملة، فالكرامة الإنسانية لا تقبل المساومة أو التأجيل.