وحذّر عامير أوفي، العميد الاحتياط في الجيش الإسرائيلي والمدير التنفيذي لـ«معهد الدفاع والأمن الإسرائيلي» (IDSF)، في مقابلة مع “إيران إنترناشيونال”، من أن أي خطوة تتخذها الحكومة الإيرانية لإعادة ترميم البنى التحتية العسكرية والنووية التي تضررت في ضربات يونيو الماضي ستكون «زنادًا لعمل عسكري إسرائيلي جديد».
وقال أوفي: «أي محاولة جوهرية لإعادة بناء هذه القدرات، ولا سيما الدفاعات الجوية المتقدمة، أو الاستئناف الواسع لإنتاج الصواريخ الباليستية، أو إحياء الأنشطة المرتبطة بالسلاح النووي، هي خطوطنا الحمراء».
وأضاف أن هذا الموقف منسّق بالكامل مع الولايات المتحدة، وأن إسرائيل تراقب تحركات إيران «دقيقة بدقيقة».
من فشل المفاوضات إلى الضربات العسكرية
كانت الولايات المتحدة قد أجرت في مطلع العام الجاري خمس جولات تفاوض مع طهران بشأن برنامجها النووي، وحدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهلة 60 يومًا للتوصل إلى اتفاق. ومع انقضاء المهلة دون نتائج، شنّت إسرائيل في 13 يونيو هجومًا مباغتًا، قبل أن تستهدف الولايات المتحدة في 22 يونيو منشآت إيران النووية في أصفهان ونطنز وفوردو.
وشدّد أوفي على أن تدمير منظومات الدفاع الجوي الإيرانية لعب دورًا محوريًا في العملية، موضحًا أن إسرائيل استطاعت خلال يومين فتح «ممر جوي» حتى طهران وتعطيل جزء كبير من شبكات الدفاع الجوي في غرب البلاد ومحيط العاصمة.
ثلاثة خطوط حمراء إسرائيلية
حدّد المسؤول العسكري السابق ثلاث إشارات تُعدّ خطوطًا حمراء: أولًا، إعادة بناء دفاعات جوية متقدمة تعيق الوصول الجوي إلى طهران؛ ثانيًا، استئناف الإنتاج الواسع للصواريخ الباليستية؛ وثالثًا، أي خطوة لإحياء برنامج تصنيع سلاح نووي.
ورغم تأكيد إيران الدائم على «سلمية» برنامجها النووي، قال أوفي إن إسرائيل والدول الغربية تشكّك في هذه الادعاءات، مضيفًا أن إيران كانت تسعى قبل الحرب إلى إنشاء ترسانة تضم نحو 10 آلاف صاروخ باليستي.
استهداف العلماء والبنى التحتية
وبحسب أوفي، لم تقتصر ضربات خرداد على المنشآت النووية، بل شملت علماء نوويين وخبراء في مجال التسليح، إضافة إلى أجزاء من صناعات إنتاج المتفجرات والوقود والمكوّنات العسكرية، بهدف منع أي إعادة بناء سريعة.
كما قُتل في هذه الضربات عدد من كبار قادة فيلق القدس، من بينهم محمد سعيد إيزدي ومحمد رضا نصيرباغبان. وفي المقابل، أدّت الضربات الإيرانية المضادة — بحسب مسؤولين إسرائيليين — إلى مقتل 32 مدنيًا وجندي إسرائيلي واحد.
حرب نفسية ورسالة إلى الحاكمية الإيرانية
وصف أوفي الهجوم على سجن إيفين ومبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية بأنه جزء من «حرب نفسية»، هدفها توجيه رسالة مباشرة إلى قادة الجمهورية الإسلامية. وقال إن إسرائيل أرادت إظهار قدرتها، إذا ما قررت زعزعة استقرار الحكم، على استهداف رموز القوة والقمع الأساسية.
وفي السياق ذاته، أعلن المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران أن إسرائيل يُحتمل أن تكون قد انتهكت القانون الدولي خلال هذه الهجمات، وأن إيران وسّعت، في أعقاب الحرب، نطاق القمع الداخلي.
«حملة بين الحروب»
وصف الجنرال الإسرائيلي السابق الوضع الراهن بأنه «حملة بين الحروب»، أي مرحلة تتضمن عمليات عسكرية محدودة، وأنشطة سيبرانية، وجهودًا استخبارية لاحتواء التهديدات. وأضاف أن إسرائيل واصلت منذ يونيو هجماتها على أهداف مرتبطة بحزب الله في لبنان وحماس في غزة.
هدف الهجوم
في وقت يتحدث فيه الحرس الثوري عن «انتصار» إيران في حرب الأيام الـ12 ويهدد بردّ أشد، قال أوفي إن إسرائيل لم تكن تسعى في الجولة السابقة إلى تغيير النظام، لكنه حذّر من أن هذا الخيار قد يصبح «مطروحًا على الطاولة» إذا استمر ما وصفه بـ«تهديد إيران لوجود إسرائيل».
وختم بالقول: «إذا واصل هذا النظام تهديده، فقد يكون الهدف في المرة المقبلة أبعد من القدرات العسكرية».
