ووفقًا لتقرير “BBC Verify” (فريق متخصص داخل هيئة الإذاعة البريطانية BBC مهمته التحقق من المعلومات والأخبار) المستند إلى بيانات متابعة السفن، فإن للناقلة سجلًا طويلًا في “تزييف أو إخفاء بيانات موقعها”.

وقد قدّمت الولايات المتحدة السفينة باسم “سكايبر”، وتمكّن فريق “بي بي سي” من التعرف عليها عبر مطابقة صور عملية المصادرة مع صور مرجعية نشرها موقع “تانكر تراكرز” لتتبع حركة السفن في البحار.

وقالت كارولين ليوت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، يوم الخميس 10 ديسمبر (كانون الأول)، إن الحرس الثوري الإيراني كان يستخدم هذه الناقلة في عمليات السوق السوداء.

سجلّ من التلاعب وإخفاء الهوية

كانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت أول عقوبات على الناقلة عام 2022 حين كانت تعمل باسم “أديزا”، واتهمتها حينها بالضلوع في “شبكة دولية لتهريب النفط”.

وبحسب بيانات التتبّع العامة، توقفت السفينة عن إرسال إشارات موقعها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وقالت شركة “كيبلر” المختصة بتحليل البيانات البحرية، إن الناقلة كانت تشارك على الأرجح في عمليات نقل النفط من سفينة إلى سفينة (STS)، وهي طريقة شائعة لإخفاء مصدر الشحنة.

ورغم أنها كانت تبحر تحت علم “غيانا”، فقد أعلنت حكومة تلك الدولة أن السفينة استخدمت علمها بشكل مزيّف وأنها غير مسجلة لديها.

وأشار خبراء لـ”BBC Verify” إلى أن “سكايبر” تمثّل نموذجًا واضحًا لـ “أسطول الظل”، وهي شبكة عالمية تستخدم سفنًا مخفية الملكية والهوية والمسار لتجاوز العقوبات.

ورغم أن لوائح الأمم المتحدة تُلزم السفن باستخدام نظام تحديد الهوية الآلي (AIS)، فإن بيانات “سكايبر” كانت “ناقصة ومضلِّلة”.

وتُظهر بيانات “MarineTraffic” أن آخر ميناء مُسجَّل للسفينة في يوليو (تموز) الماضي كان ميناء سروش في إيران، لكن “كبلر” تؤكد أن ذلك جزء من “نمط تزييف الموقع”.

وأضافت الشركة أن السفينة كانت تُظهر عبر إشاراتها وجودها في ميناء البصرة العراقي، بينما كانت في الواقع تُحمِّل نفطًا خامًا من جزيرة خارك الإيرانية.

وبعد ذلك، اتجهت شرقًا، ونفّذت بين 11 و13 أغسطس (آب) الماضي عملية نقل من سفينة إلى أخرى. وقد أُفرغت الشحنة لاحقًا في الصين، لكن الوجهة وهوية الشحنة “أُعلنتا بشكل مزيّف”.

الأقمار الصناعية تكشف المسار الحقيقي

بعد مغادرة المنطقة، توجّهت السفينة من إيران إلى البحر الكاريبي.

وتُظهر صور الأقمار الصناعية أن الناقلة كانت في ميناء خوسيه الفنزويلي في 18 نوفمبر الماضي، رغم عدم ظهورها في أنظمة التتبّع حينها.

وقالت “كبلر” إن السفينة حمّلت حتى 16 نوفمبر الماضي نحو 1.1 مليون برميل من خام “مِري” الفنزويلي، وكانت تُعلن أن وجهتها كوبا.

كما تشير الأدلة إلى أنها شاركت في عملية نقل أخرى من سفينة إلى سفينة في 7 ديسمبر الجاري، أي قبل أيام فقط من مصادرتها، قرب السواحل الفنزويلية.

وذكرت شركة “كبلر” أن السفينة كانت تبث بين 28 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي و4 ديسمبر الجاري إشارات موقع مموّهة لا تعكس موقعها الفعلي.

ملكية معقّدة وشبهات تهريب

قال فريدريك فان لوكرن، الضابط السابق في البحرية البلجيكية، إن مثل هذه العمليات رغم أنها ليست غير قانونية بحد ذاتها، فإنها “نادرة جدًا”، وفي العادة تُعد مؤشرًا واضحًا على محاولات الالتفاف على العقوبات.

وأوضح أن فنزويلا، بعد تراجع قدراتها على التكرير، باتت تعتمد على إيران وروسيا لتحويل النفط الخام إلى منتجات ذات قيمة أكبر.

وبحسب بيانات “MarineTraffic”، فإن الشركة المشغّلة لـ “سكايبر” مقرّها نيجيريا، أما المالك القانوني المسجّل فهو شركة في جزر مارشال.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن السفينة استُخدمت سابقًا لدعم نشاطات رجل الأعمال الروسي الخاضع للعقوبات، فيكتور آرتيموف، ضمن شبكة عالمية لتهريب النفط.