في تطور صادم هز حياة ملايين المقيمين، فرضت السعودية رسوماً جديدة تبلغ 300 ريال لرؤية الأم 90 يوماً فقط – مبلغ يعادل راتب أسبوع كامل للعامل البسيط. وبينما تتحدث الجهات الرسمية عن “تنظيم الحركة”، يواجه المغتربون واقعاً مؤلماً: قرارات تطبق فوراً دون مهلة للتأقلم، وآلاف الأسر تدخل سباقاً مع الزمن لفهم قواعد لعبة تتغير كل يوم.
أحمد المصري، عامل في مصنع بالرياض براتب 3000 ريال شهرياً، يصف الصدمة: “لم أرَ أمي منذ سنتين، والآن أحتاج 400 ريال على الأقل لتأشيرة وتمديد واحد.” الأرقام الجديدة صاعقة: ارتفاع 50% في الرسوم، انخفاض 60% في مدة الإقامة المتاحة، مع حد أقصى 180 يوماً فقط في السنة لرؤية الأهل. وبينما تتراكم رسائل “طلب مرفوض” على شاشات الهواتف المضاءة ليلاً، تتحول أحلام لم الشمل إلى كابوس مالي يهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي للمغتربين.
قد يعجبك أيضا :
القرارات الجديدة لم تأتِ من فراغ، بل كجزء من رؤية 2030 والتحول الرقمي الذي يهدف لضبط سوق العمل غير النظامي وإدارة الطاقة الاستيعابية للمملكة. د. محمد العنزي، خبير قانوني، يؤكد: “النظام يهدف للتنظيم لكن التطبيق يحتاج مرونة أكثر.” المشكلة ليست في الهدف، بل في التوقيت والتدرج. مثل قطار الحرمين – النظام يتغير بسرعة هائلة، لكن الناس ما زالت تجري خلفه دون قدرة على اللحاق بالتطورات المتسارعة التي تطال حياتهم الشخصية.
مريم الفلبينية تروي معاناتها: “قضيت 6 ساعات أحاول تعبئة النموذج الإلكتروني، ثم اضطررت لدفع 200 ريال إضافية لوسيط.” هذا المشهد يتكرر يومياً في آلاف البيوت، حيث تتحول منصة أبشر من أداة تيسير إلى عقبة تقنية تتطلب خبرة متخصصة. النتيجة المتوقعة: تراجع معدل الزيارات العائلية 30-40%، بينما تنمو سوق الخدمات الاستشارية التي تستفيد من معاناة الناس. الأمهات اللواتي ينتظرن رؤية أبنائهن يواجهن خياراً مؤلماً: إما دفع تكلفة باهظة تستنزف مدخرات الأسرة، أو قبول فراق قد يمتد لسنوات.
قد يعجبك أيضا :
والآن، بينما تنتظر ملايين الأسر “الانفراجة الكبرى” التي يتحدث عنها المتفائلون، يبقى السؤال الحقيقي معلقاً في الهواء: هل سيصمد النسيج الاجتماعي للمقيمين أمام هذه التحديات المتتالية؟ وكيف ستتأقلم الأسر مع واقع جديد قد يجعل لقاء الأم حكراً على الأثرياء؟ الإجابة لن تأتي من القرارات الرسمية، بل من قدرة المغتربين على التكيف مع نظام يتطور بسرعة أكبر من قدرتهم على فهمه.
