في مغامرة خطفت الأنفاس، وتحوّلت خلال ساعات إلى مادة بصرية استثنائية حصدت ملايين المشاهدات، عادت دبي لتؤكّد أنها مدينة لا تكتفي بصناعة المشهد، بل تعيد تعريفه.

قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف (Steve Braff)
فيديو شاركه ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم على حسابه الخاص، احتفالاً بمرور 15 عاماً على “سكاي دايف دبي”، قدّم لحظة مختلفة: شابة بفستان أحمر تتأرجح على أرجوحة معلّقة على ارتفاع شاهق فوق معالم دبي الأيقونية، في مشهد جمع الجرأة بالفن، والخطر بالجمال.
قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف، إحدى أبرز الأسماء في عالم القفز الحر، التي تحدّثت الى “النهار” عن تجربة وصفتها بأنها “تتجاوز الكلمات”.
فالطيران بالنسبة لها “شعور يصعب وصفه. هو حرية مطلقة. لحظة لا يمكنك التفكير فيها بأي شيء آخر. إذا كنت تطير مع محترفين، أقول لك: افعلها. افعلها. إنها أفضل إحساس يمكن أن تعيشه”.

قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف (Steve Braff)
حلم طفولي… تحقّق في سماء دبي
عن الشرارة الأولى لهذه الفكرة غير المسبوقة، تقول ماغالي: “في الحقيقة، هذا حلم كل فتاة صغيرة: أن تتأرجح على أرجوحة فوق مدينة جميلة وهي ترتدي فستاناً. وقد دعاني فريق “سكاي دايف دبي” إلى الانضمام إلى هذا المشروع، وكنت فخورة جداً بأن أكون جزءاً منه”.
لم تكن المشاركة شكلية، بل طُلب منها أن تصمّم الفستان بنفسها، وهو ما شكّل تحدياً في ذاته: “أردتُ أن أبتكر شيئاً يحمل أنوثة وحركة في الهواء، ضمن رياضة وعالم يغلب عليه الطابع الذكوري. ما نفعله يبقى رياضة خطرة، ومن الصعب جداً أن تكوني أنيقة ورشيقة في الهواء أثناء ممارسة رياضة قصوى. لذلك كنت ممتنّة جداً للمشاركة في هذا المشروع”.

قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف (Steve Braff)
عندما يشارك ولي عهد دبي الفيديو…
ما إن نشر الشيخ حمدان الفيديو حتى انتشر كالنار في الهشيم، محققاً ملايين المشاهدات خلال ساعات. عن تلك اللحظة، تقول ماغالي : “ما زلت أشعر أن رأسي في الغيوم! لا أستطيع أن أصدق ما حصل، لأن المشهد كان جميلاً جداً. حظيت بفرصة العمل مع فريق محترف إلى أقصى الحدود، ورؤية النتيجة، ورؤية اللقطات على منشور سموّه… هذا أمر يفوق الوصف”.
وتضيف بامتنان واضح: “لا أجد كلمات أعبّر بها عن امتناني لمدينة دبي كلها. إنه ليس مشروعاً فحسب، بل هو دبي بأكملها. أنا ممتنّة جداً لأنني استطعت العمل معهم وتقديم شيء مميّز”.
دبي… المكان الوحيد الممكن
بالنسبة الى ماغالي ، لم يكن اختيار دبي مصادفة: “دبي مدينة تحمل مكانة خاصة جداً بالنسبة لي. “سكاي دايف دبي” معروفة باحترافيتها، بابتكارها، وبقدرتها على التطوّر. ولا يوجد مكان آخر في العالم قادر على تنفيذ مشروع بهذه الجودة العالية مع الالتزام بكل متطلبات السلامة”.
وتتابع: “الاحتفال بمرور 15 عاماً على “سكاي دايف دبي” له معنى كبير بالنسبة لي، لأنني كنت هنا قبل 15 عاماً، عندما حصلت أولى القفزات. هذا يعني لي الكثير… إنه يفوق الكلمات”.

قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف (Steve Braff)
خوف محسوب…
وتكشف عن المشاعر التي رافقتها خلال التحضير للمغامرة: “طبعاً شعرتُ بالحماسة، بالخوف، بالتركيز. كنت متوترة. حاولت أن أتخيّل كل ما قد يسوء، وكيف يمكن حلّه بسرعة. كل هذه الأمور جزء من المغامرة ومن الرحلة. تصميم الفستان في ذاته كان تحدياً حقيقياً”.
أما عن اختيار اللون الأحمر، فالأمر محسوم: “اختير اللون الأحمر لأنه لون “سكاي دايف دبي”. هو لون يبرز في السماء ويمكن رؤيته بوضوح. جرّبنا ألواناً عدة، لكن الأحمر كان الأبرز، ولا يمكن أن يكون هناك خيار أفضل منه”.

قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف (Steve Braff)
وحيدة في السماء ولكن…
تصف ماغالي اللحظة الأشد تأثيراً: “من الصعب وصف هذا الشعور، لأنك تكونين وحيدة في السماء. لديك مشهد واحد أمامك: البحر وخط أفق دبي. ترين الشمس تشرق وتوقظ هذه المدينة المدهشة. كل ثانية يتغيّر الضوء، وتتبدّل الانعكاسات على المباني”.
وتضيف: “كنت وحدي من دون هاتف، فقط أنا والأرجوحة، أحاول تشغيل كل عضلاتي لأحافظ على التوازن. وعندما ارتفعت عن الأرض، قلت لنفسي: يا إلهي… هذا حقيقي، أنا أعيشه”.

قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف (Steve Braff)
وتكشف عن لحظة عاطفية بعد الهبوط: “عندما هبطت للمرة الأولى، بكيت. كان شعوراً عاطفياً جداً: ارتياح لأن كل شيء سار كما يجب، فرح لأننا نجحنا، وإرهاق لأن الأمر كان متعباً جداً لذراعيّ وجسدي. لذلك أنا ممتنّة للفريق بالكامل، لأن ما حصل كان عملاً جماعياً”.

قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف (Steve Braff)
بين الخطر والجمال
عن العلاقة بين الخطورة والفن، تقول: “ما يبدو جميلاً على الأرض يكون تقنياً جداً في السماء. القماش، الرياح، السرعات المختلفة… جميعها تحدّيات. بعض الأجزاء كان خطراً فعلاً، لكننا ركّزنا دائماً على السلامة أولاً، حتى لو كان ذلك على حساب الشكل بنسبة بسيطة”.

قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف (إنستغرام)
رقم قياسي جديد في الإمارات
بعد عام 2025 الذي وصفته بأنه “إستثنائي”، إذ حطّمت فيه أرقاماً قياسية عدّة، تؤكد أن القادم لا يقل طموحاً: “مهمّتي أن أُظهر للناس أن حلم الطيران متاح للجميع. في 2026 هناك رقم قياسي جديد في الإمارات مخطّط له مع “سكاي دايف دبي”، وسأكون هناك بالتأكيد”.

قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف (Steve Braff)
شراكة خلف الكواليس
خلف هذا الإنجاز الجوي الدقيق، تقف شراكة إنسانية ومهنية شكّلت حجر الأساس في مسيرة ماغالي فولكنر، تتمثّل بزوجها ستيف براف، الذي لا تصفه بانه شريك حياة فحسب، بل مرشد حقيقي في عالم القفز الحر.

قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف وزوجها ستيف براف (Steve Braff)
تقول: “هو السبب في أنني أصبحت ما أنا عليه اليوم، لأنه هو من أدخلني إلى عالم القفز الحر. يمتلك خبرة كبيرة في القفز المظلي والقفز من القواعد الثابتة (BASE jumping)، وقد رافقني ووجّهني طوال رحلتي منذ اللحظة التي بدأت فيها بممارسة هذه الرياضة، وهو دائماً إلى جانبي”.

قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف توثّق زواجها (حسابها في إنستغرام)
وتضيف: “كان حاضراً في كل رحلة طيران. لم يكن معي على الأرجوحة لأنني كنت هناك وحدي، لكن ما إن هبطت كان أول من يستقبلني، ليقيّم الأداء ويقول لي: في المرة المقبلة عليك أن تفعلي هذا بهذا الشكل وذاك بذلك الشكل”.
وتختم مؤكدة: “إنها روح الفريق. نعم، هو فريق كامل”.

قافزة المظلات البلجيكية ماغالي فولكنر براف (Steve Braff)
لم يكن الفيديو مجرّد لقطة مبهرة، بل رسالة بصرية عن دبي التي تحلّق دائماً أبعد، وعن امرأة جعلت من الخطر فناً، ومن السماء مسرحاً للحلم.
