نظمت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، في ختام نشاطها الثقافي للعام 2025 ندوة بعنوان «الدبلوماسية الثقافية للإمارات.. قوة ناعمة تعبر الحدود»، شارك فيها بلال البدور، رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم في دبي، ود. عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، والباحث الدكتور يوسف الحسن، وأدارها د. سليمان الجاسم، نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة العويس الثقافية، وحضرها نخبة من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي والدبلوماسي.

بداية، أشار د. سليمان الجاسم إلى أن الثقافة أصبحت أداة استراتيجية في بناء العلاقات الدولية وتعزيز صورة الدول، وأن القوة الناعمة تمثل اليوم امتداداً للعمل الدبلوماسي الحديث، وقد نجحت الإمارات في توظيفها بذكاء ضمن رؤيتها للتواصل الحضاري والانفتاح على العالم.

ثم قدم يوسف الحسن إطلالة على مفهوم القوة الناعمة وتطور الدبلوماسية الثقافية، مؤكداً أن فكرة القوة الناعمة برزت أواخر القرن العشرين مع تطور العلاقات الدولية والحاجة إلى أدوات جديدة أكثر تأثيراً في مخاطبة الشعوب، وقال: إن القوة الناعمة تقوم على الإقناع والجاذبية، وتتطلب وقتاً وجهداً لبنائها وترسيخها. وأضاف قائلاً: إن الجامعات ومراكز البحث العلمي باتت منابر لإنتاج الفكر ونشر المعرفة، وبالتالي أصبحت جزءاً أساسياً من الدبلوماسية الثقافية الحديثة، وأكد أن الإعلام، يمثل اليوم أداة رئيسية في تشكيل الرأي العام وبناء الجسور بين المجتمعات. واختتم قائلاً: إن دولة الإمارات أدركت مبكراً أهمية هذا التوجه، فاعتمدت الدبلوماسية الثقافية وسيلة لتقوية علاقاتها مع دول العالم على أساس من التفاهم والاحترام المتبادل.

بدوره، تناول بلال البدور عدداً من النماذج العملية التي تجسد القوة الناعمة الإماراتية من واقع خبرته في العمل الدبلوماسي، موضحاً أن الإمارات دعمت مؤسسات ثقافية في مختلف أنحاء العالم، وقدمت مبادرات لدعم الفنانين والمبدعين في بلدانهم، ما عزز حضورها الثقافي في الخارج. وقال: إن الإمارات حرصت منذ قيام الاتحاد على الانفتاح الثقافي وتقديم المثقف والكاتب الإماراتي للعالم عبر المجلات والصفحات الثقافية المحلية التي لعبت دوراً بارزاً في التعريف بالإبداع الإماراتي، ولفت إلى أن هذه الجهود التراكمية أرست أسس جسر ثقافي عالمي جعل من الإمارات منصة للتبادل الثقافي والحضاري.

وتطرق الدكتور عبدالعزيز المسلم، إلى تجربة إمارة الشارقة في ترسيخ الدبلوماسية الثقافية الإماراتية، مشيداً بالدور الريادي لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تأسيس نهج ثقافي شامل جعل من الثقافة ركناً أصيلاً في بناء القوة الناعمة للدولة، وأوضح المسلم أن سموه يؤكد على أهمية الثقافة في مد جسور التواصل مع العالم، حيث أنشأ مؤسسات تعنى بالمسرح والشعر والفنون، وأسس المعهد الثقافي العربي في ميلانو ومركز الدراسات العربية في البرتغال، ما عزز حضور الإمارات الثقافي دولياً، وفتح آفاقاً جديدة للحوار الحضاري بين الشرق والغرب. وأشار المسلم إلى أن المشروع الثقافي الذي أطلقه حاكم الشارقة شكل أحد أبرز المسارات التي دعمت مسيرة الدبلوماسية الثقافية الإماراتية.