في مشهد يحبس الأنفاس، تحولت مصر إلى متاهة عملاقة مغطاة بستار أبيض كثيف لمدة 6 ساعات متواصلة من الشبورة المرعبة، بينما تواجه البلاد موجة طقس شتوية عاتية حولت يوماً واحداً إلى أربعة فصول مختلفة بفارق حراري يصل إلى 13 درجة مئوية. هيئة الأرصاد تطلق تحذيراً عاجلاً: تجنبوا السفر فجراً.. الطرق تتحول إلى فخ قاتل، والأمواج تعصف بالسواحل بارتفاع مبنى سكني كامل.

من الساعة الثالثة فجراً وحتى التاسعة صباحاً، تحول شمال البلاد والقاهرة الكبرى إلى عالم من الضباب الأبيض الصامت. “شاهدت الطريق السريع يختفي تماماً أمام عيني، كأنني أقود في عالم آخر”، يروي أحمد محمود، سائق لوري يبلغ 45 عاماً، والذي تأخر 3 ساعات كاملة وكاد يتعرض لحادث مروع بسبب انعدام الرؤية. الأمواج البحرية تحولت إلى وحوش مائية بارتفاع 3.5 متر تضرب السواحل بقوة جرافة عملاقة، بينما تسود أجواء من الترقب والخوف وسط 30% احتمالية لوصول الأمطار إلى قلب القاهرة.

قد يعجبك أيضا :

هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها مصر مثل هذا الاضطراب الجوي الشديد. آخر موجة مماثلة ضربت البلاد في شتاء 2018 وتسببت في شلل حركي كامل للطرق السريعة وإغلاق المطارات لساعات طويلة. د. منى فؤاد، أستاذة المناخ بجامعة القاهرة، تحذر قائلة: “نشهد تزايداً مقلقاً في حدة التقلبات المناخية الشتوية، والسبب يعود لتأثر البلاد بمنخفض جوي نشط من البحر المتوسط يحمل تيارات هوائية باردة تتصادم مع الهواء الدافئ المحلي”.

الحياة اليومية لملايين المصريين تقلبت رأساً على عقب في غضون ساعات قليلة. فاطمة علي، ربة منزل من الإسكندرية، استيقظت على “صوت الرياح تعصف بعنف وتطاير الأشياء من الشرفة كأنها في إعصار راقص”. المدارس أجلت بداية اليوم الدراسي، الرحلات الجوية تأخرت، وازدادت حوادث الطرق بشكل مخيف بسبب ضعف الرؤية. لكن وسط هذا الاضطراب، يبتسم المزارعون فرحاً بقطرات المطر التي ستروي أراضيهم وتوفر عليهم تكاليف الري، بينما يتوقع الخبراء انخفاضاً ملحوظاً في فواتير الكهرباء بسبب البرودة الطبيعية.

قد يعجبك أيضا :

مع استمرار الاضطراب الجوي، تبقى التوقعات تشير إلى تحسن تدريجي خلال الأيام القادمة، لكن البرودة ستواصل سيطرتها ليلاً. الخبراء ينصحون بالبقاء في المنازل خلال ساعات الفجر، وحمل ملابس دافئة، ومتابعة نشرات الطقس بانتظام. السؤال المقلق الذي يطرح نفسه الآن: هل ستتحمل البنية التحتية المصرية موجات طقس أقوى وأكثر تطرفاً في المستقبل؟