أبوظبي (الاتحاد)
اختُتمت فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان «أيام العربية» في منارة السعديات، بعد ثلاثة أيام حافلة بالعروض الأدائية، والجلسات الحوارية، والإبداعات الفنية، التي احتفت باللغة العربية بصفتها لغة نابضة بالخيال والإبداع والاستمرارية الثقافية. وتحت شعار «جونا عربي»، حظي المهرجان بتفاعل واسع من مختلف فئات الجمهور، جامعاً بين الموسيقى والسينما والذكاء الاصطناعي والتصميم والفنون الحية والسرد القصصي، وقدم البرنامج تجربة تفاعلية مع تجليات الإبداع العربي المعاصر. واستكشف الزوار مجموعة من الأنشطة التي ربطت الأنماط الكلاسيكية بالممارسات الإبداعية الراهنة، مسلطة الضوء على قدرة اللغة على تشكيل المشهد الفني والثقافي.
وفي القاعة الرئيسية، تناولت النقاشات مستقبل الإبداع العربي من خلال الأفلام والموسيقى والفنون، إذ جمعت جلسة «الشباب وصناعة المحتوى العربي» بالتعاون مع استوديو الفيلم العربي، المخرجين ماجد الزبيدي وندى جاهد، وأدارتها زينب الشكيلي، للحديث عن السرد الأصيل والفرص السينمائية الجديدة في المنطقة.
وفي الأمسية الختامية، استضافت القاعة الرئيسية جلسة بعنوان «أصوات وجماليات: العربية مصدراً للإلهام»، بالتعاون مع مجموعة أبوظبي للموسيقى والفنون، وأدارها أستاذ النقد الأدبي الدكتور نزار قبيلات، وناقش خلالها الموسيقار إيهاب درويش، رئيس جمعية الموسيقيين الإماراتيين، والشاعر عبد الرحمن الحميري، الفائز بلقب أمير الشعراء 2025، كيف يمكن للغة العربية أن تشكل المقطوعات الموسيقية والهوية الإبداعية والإحساس الفني.
وظل السرد القصصي المحور الرئيسي في «الحكايات حول موقدة النار»، ففي الحديقة، أعادت جلسة «الخراريف الإماراتية» تخيل الحكايات الشعبية العربية بصورة معاصرة للجماهير، أدارتها الكاتبة مريم الزعابي بمشاركة عود عبد العزيز المدني، وناي ناصر أمير.
أما جلسة «الخيل العربي: إرث حي»، فقد تناول خلالها الخبير في سلوك الخيل علي العامري والفارسة فاطمة البلوشي، بحضور الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، رمزية الخيل العربي في الشعر والأدب والثقافة البصرية.
من ناحية أخرى، كان التعبير الفني أداة هند خليفات في عرض فني حي بعنوان «طابع الحضارة» دمج بين الرسم والسرد القصصي، وتصميم الصوت، مجسداً تطور الإبداع العربي، فيما كان التطور المهني جزءاً رئيسياً من المهرجان عبر مؤتمر «الذكاء الاصطناعي وتعليم اللغة العربية»، إضافة إلى البرنامج التدريبي للسرد القصصي، بالتعاون مع «سي إن إن بالعربية» الذي زود صناع المحتوى الصاعدين بمهارات كتابة المحتوى والتصوير والنشر الرقمي.
وأضفت الموسيقى حياة للمهرجان، من خلال الأمسيات الغنائية التي عكست قدرة اللغة العربية على التعبير العاطفي. ومن خلال المساحات المخصصة للشباب والعائلات، تفاعل الزوّار مع ورش العمل المتنوعة. فيما خاضت العائلات تجربة مميزة مع ألعاب الطاولة والإيقاعات العربية، مع تركيبات فنية، مثل «العطور العربية الساحرة» والأعمال الفنية الفائزة بجائزة «كنز الجيل»، إذ اصطحبت الزوار في رحلة بين العطور العربية التراثية، والشعر النبطي عبر بيئات متعددة الحواس. وقال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: «على مدى ثلاثة أيام، رأى الجمهور اللغة العربية كما هي في حقيقتها الحيّة، ليست لغة تاريخ فحسب، بل لغة تصوغ موسيقانا، وتضيء شاشاتنا، وتواكب تقنياتنا، وتتجلى في تفاصيل إبداعنا اليومي». وأضاف: قدم برنامج المهرجان اللغة العربية بوصفها وطناً للمعنى، ومسرحاً للجمال، ورؤية للمستقبل، مجسداً رؤية أبوظبي في تمكين اللغة العربية جسراً يصل الإرث الثقافي الحضاري الفريد بنسيج الحاضر، ويغذيه بالابتكار والإبداع والخيال، نحو مستقبل أكثر إشراقاً، وقد عبرت ليلة الختام عن جوهر «أيام العربية»، حيث يلتقي التراث بالابتكار، ويجد كل جيل صوته ومكانه في اللغة.
