وبحسب التقرير، الذي نُشر يوم الأربعاء 17 ديسمبر (كانون الأول)، استخدم جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) “سلاحًا خاصًا” في عملية “نارنيا” لتنفيذ هجمات دقيقة داخل إيران.

وأشار إلى أن “الموساد” استعان في العملية بأكثر من 100 عميل إيراني، وتم تجهيز بعضهم بسلاح ثلاثي الأجزاء سري صُمم لاستهداف أهداف عسكرية محددة.

وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” إن هذا السلاح الخاص كان أحد العناصر الأساسية للاستراتيجية متعددة المستويات لهجوم إسرائيل على البرنامج النووي والقدرات العسكرية الإيرانية، إذ سمح للعملاء بتنفيذ عمليات برية دقيقة قبل دخول مقاتلات القوات الجوية الإسرائيلية إلى المجال الجوي الإيراني.

وأضاف التقرير أن السلطات الإيرانية تمكنت من اكتشاف بعض منصات إطلاق هذا السلاح، لكن الصواريخ والجزء الثالث منه لم يتم العثور عليها أبدًا.

تفاصيل عملية “نارنيا”: الهجوم الذي خشيت إسرائيل تنفيذه
كانت القناة 12 الإسرائيلية، قد أعلنت في 20 يونيو (حزيران) الماضي، أن جميع العاملين في البرنامج النووي في طهران استُهدفوا أثناء نومهم في منازلهم.

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع شارك في التخطيط للعملية لصحيفة “واشنطن بوست” إن هذه الخطوة كانت “غير مسبوقة” من الناحية العملياتية، وإن العملاء المشاركين لم يكن لديهم سوى معرفة محدودة بمهمتهم، ولم يكونوا على اطلاع كامل بأبعاد الهجوم.

كما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، في 30 يونيو الماضي، أن “الهجمات نُفذت في وقت واحد لمنع الأهداف من الاختفاء”.

عملية “نارنيا”

بدأت إسرائيل، فجر الجمعة 13 يونيو الماضي، بالتزامن مع الهجمات الواسعة على البنى التحتية العسكرية والنووية الإيرانية، عمليات استهداف العاملين في البرنامج النووي بشكل مباشر.

ووفقًا لمسؤولين استخباراتيين أميركيين وإسرائيليين، كان الهدف من هذه العملية “تدمير النواة الفكرية” للبرنامج النووي الإيراني.

قتلى الساعات الأولى للهجوم

في الساعات الأولى للهجوم، قُتل محمد مهدی تهرانجی، وهو فيزيائي نظري ومتخصص في المواد المتفجرة، والمُدرج تحت العقوبات الأميركية، في منزلهبطهران.

ثم قُتل الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، فریدون عباسی، في هجوم آخر بعد ساعتين.

وأعلنت إسرائيل أنها قتلت 11 شخصًا من العاملين في البرنامج النووي، يوم 13 يونيو والأيام التالية.

وذكرت “واشنطن بوست” و”فرونت لاين” أن العملية استندت إلى سنوات من التجسس وجمع المعلومات وإعداد ملفات دقيقة عن أماكن إقامة وتحركات ونشاطات نحو 100 عالم نووي إيراني.

الخسائر البشرية

بحسب نتائج التحقيق المشترك مع فريق موقع «بيلينغكات» الإلكتروني الاستقصائي، فقد قُتل 71 مدنيًا في خمس هجمات استُهدف فيها العاملون بالبرنامج النووي على الأقل.

في إحدى الهجمات على مجمع يُعرف باسم “مجمع الأساتذة” شمال طهران، قُتل 10 مدنيين من بينهم طفل يبلغ شهرين.

وفي هجوم آخر، قُتل نجل محمد رضا صدیقی صابر، أحد العاملين بالبرنامج النووي، والذي كان من العمر 17 عامًا، بينما قُتل صابر نفسه بعد أيام في محافظة جيلان.

وقال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع لصحيفة “واشنطن بوست” إن “أحد الاعتبارات الرئيسة في التخطيط لعملية نارنيا كان تقليل الخسائر المدنية إلى الحد الأدنى”.

وفي المقابل، أعلنت السلطات الإيرانية أن الهجمات الإسرائيلية أوقعت أكثر من ألف قتيل، من بينهم مئات المدنيين.

البرنامج النووي الإيراني

أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، يوم الأربعاء، أن العديد من المعدات النووية في إيران دُمّرت خلال الهجمات الأميركية والإسرائيلية في “حرب الـ 12 يومًا”، وقال: “إن برنامج طهران النووي لم يُدمّر بالكامل”.

وأضاف: “نجحت الولايات المتحدة في الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية”.

ووفقًا لتقرير “واشنطن بوست” و”فرونت لاين”، فقد أرجأت الهجمات الإسرائيلية والأميركية، بما في ذلك قصف مراكز نطنز وفوردو ومقتل القادة العسكريين، البرنامج النووي الإيراني “لسنوات”، لكن، بحسب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي،”لم يُدمّر بالكامل”.

وقال غروسي إن طهران ما زالت تحتفظ بمخزونات من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المائة، وإن تقييم الأضرار بدقة غير ممكن بدون وصول المفتشين.

وفي الوقت نفسه، يؤكد المسؤولون الإيرانيون أن المعرفة الفنية النووية لن تُفقد بقتل العاملين في البرنامج.

وقال أمير تهرانجی، شقيق محمد مهدی تهرانجی، لـ “فرونت لاين”: “حتى لو قتلوا هؤلاء الأساتذة، قد لا يكونون موجودين، لكن معرفتهم لن تُفقد من بلدنا”.

وتعتقد السلطات الاستخباراتية الإسرائيلية أن قتل هؤلاء العاملين في البرنامج النووي كان الجزء الأهم من عملية “نارنيا”، لأن القادة العسكريين يمكن استبدالهم بمعدات، بينما المعرفة التي كان يمتلكها هؤلاء لا يمكن استرجاعها بسهولة.