في تطور درامي هز محافظة السويس، نجحت قوات الحماية المدنية في تحقيق معدل نجاح 100% في إنقاذ الأرواح من حريق مدمر اندلع في مقهى شعبي مكتظ، بينما وصلت فرق الإطفاء قبل أن تنتشر النيران لمتر واحد خارج المبنى. لكن في نفس اليوم الذي شهد هذا الإنقاذ المعجزة، فقدت أرواح بريئة على طرق المحافظة، مما يطرح تساؤلات حارقة حول التفاوت في مستويات الحماية.

اندلع الحريق فجأة داخل مقهى بمدينة السلام 2، أحد أكثر الأحياء ازدحاماً في السويس، وسط ذعر المواطنين الذين شاهدوا ألسنة النيران تتصاعد كالوحش الجائع. النقيب أحمد صلاح، قائد فريق الإطفاء، وصف اللحظات الأولى: “كان الوضع خطيراً جداً، النيران انتشرت بسرعة البرق داخل المقهى الصغير، ولولا استجابتنا الفورية لكانت النتائج كارثية.” أم محمد، جارة المقهى، تروي بصوت مرتجف: “سمعت صرخات الناس ورأيت الدخان الأسود يتصاعد، لم أستطع النوم من الخوف.”

قد يعجبك أيضا :

هذا النجاح الاستثنائي يأتي في ظل تاريخ مؤلم من الحرائق المدمرة في المناطق الشعبية، حيث تشبه هذه الحادثة حريق خان الخليلي عام 2005 الذي امتد لساعات وتسبب في خسائر فادحة. اللواء حسام الدين أحمد الدح، مدير أمن السويس، أكد أن سرعة الاستجابة والتدريب المتطور للفرق المتخصصة كانا العاملين الحاسمين. د. محمود حسام، خبير السلامة المهنية، يتوقع أن “يصبح هذا النموذج مرجعاً لباقي المحافظات، خاصة أن معظم المقاهي الشعبية تفتقر لأنظمة السلامة الأساسية.”

بينما احتفل أهالي السويس بهذا الإنجاز الاستثنائي، سقط في نفس اليوم عاملان بريئان ضحية حادث مروري مأساوي على طريق جنيفة القاهرة. محمد عبد الرحمن، عامل بناء يبلغ 34 عاماً، فارق الحياة تاركاً خلفه 3 أطفال صغار وزوجة في انتظار عودته. هذا التناقض المؤلم بين النجاح في حماية الأرواح من النار والفشل في حمايتها على الطرق يسلط الضوء على التحديات المختلفة التي تواجه المحافظة. المواطنون يعيشون الآن بين مشاعر متضاربة: فخر بكفاءة فرق الطوارئ، وقلق من تكرار المآسي على الطرق الخطيرة.

قد يعجبك أيضا :

يبقى السؤال المحوري: هل ستتمكن السلطات من تعميم نجاح مكافحة الحرائق على مجالات السلامة الأخرى؟ الخبراء يؤكدون أن الاستثمار في أنظمة السلامة الشاملة وتدريب المواطنين هو الطريق الوحيد لحماية الأرواح. فبينما نحتفل بمعجزة اليوم، يجب ألا ننسى أن كل دقيقة تأخير في تطبيق معايير السلامة الصارمة قد تكلفنا أرواحاً غالية.