ودّع السودان، يوم أمس الأربعاء، الموسيقي عبد القادر سالم، أحد أبرز رموز الأغنية السودانية الحديثة، الذي كان قد توفي مساء الثلاثاء في العاصمة الخرطوم، بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز 79 عامًا.

وشكّل رحيل عبد القادر سالم خسارة كبيرة للمشهد الموسيقي والثقافي في السودان، باعتباره من الأسماء التي أسهمت في نقل الأغنية السودانية من نطاقها المحلي إلى فضاء عربي أوسع، عبر مزجه بين الإيقاعات التراثية القادمة من غرب السودان، خصوصًا إقليم كردفان، وبين القوالب الحديثة في التلحين والتوزيع، ما جعل أعماله جسرًا بين الأغنية الشعبية ذات الجذور الريفية والأغنية الحضرية.

مسيرة موسيقار

وُلد الراحل في إقليم كردفان، ونشأ في بيئة غنية بالتراث الموسيقي والإيقاعي، ما انعكس بوضوح على اختياراته الفنية لاحقًا.

وبدأ مسيرته الفنية في سبعينيات القرن الماضي، وبرز بصوته المميز وأسلوبه المختلف، معتمدًا على مفردات قريبة من الحياة اليومية، وموسيقى تستحضر الذاكرة الجماعية للمجتمع السوداني.

وقدّم عبد القادر سالم عشرات الأعمال الغنائية التي تناولت موضوعات الحب، والأرض، والانتماء، والإنسان البسيط، وأسهم في ترسيخ حضور الأغنية الكردفانية في المشهد الفني الوطني.

كما شارك في مهرجانات داخل السودان وخارجه، وكان حاضرًا في تظاهرات ثقافية عربية عرّفت الجمهور على تنوّع الموسيقى السودانية.

إلى جانب مسيرته الفنية، شغل الراحل أدوارًا ثقافية ونقابية، من بينها رئاسته لاتحاد المهن الموسيقية في السودان، حيث عمل على الدفاع عن حقوق الفنانين وتحسين أوضاعهم المهنية، في ظل ظروف سياسية واقتصادية معقدة مرّت بها البلاد.

لحظة صعبة

وشُيّع جثمان عبد القادر سالم، أمس الأربعاء، في الخرطوم، بحضور أفراد عائلته وعدد من الفنانين والمثقفين ومحبيه، في وداع اتسم بالحزن والتقدير لمسيرته الفنية الطويلة وإسهامه في حفظ التراث الموسيقي السوداني.

وجاء رحيله في وقت يمر فيه السودان بأزمة إنسانية وسياسية عميقة، ما أضفى على وفاته بعدًا رمزيًا، باعتباره صوتًا عبّر عن التنوع الثقافي والوحدة الاجتماعية، وراهن على الفن بوصفه مساحة جامعة تتجاوز الانقسامات.