في تطور صادم يهدد بكارثة إنسانية جديدة، تواجه مئات الآلاف من الأسر اليمنية شبح البقاء بلا دخل مع اقتراب نهاية الشهر، بعد توقف المنحة السعودية الحيوية التي تشكل شريان الحياة لصرف مرتبات موظفي الدولة. هذه المأساة، التي تحدد مصير دولة كاملة بقرار واحد، تضع الحكومة الشرعية أمام أزمة خانقة قد تعصف بما تبقى من استقرارها.
كشف مصدر حكومي مسؤول عن التفاصيل المرعبة لهذه الأزمة، مؤكداً أن “المنحة السعودية تشكل عنصراً حيوياً وأساسياً في تمويل صرف المرتبات بشكل منتظم”. وفي مشهد يحبس الأنفاس، تجد أحمد المرادي، الموظف الإداري وأب لخمسة أطفال، نفسه عاجزاً عن الإجابة على أسئلة أطفاله حول راتب ديسمبر الذي كان ينتظره لشراء احتياجات العيد. الأرقام تتحدث عن كارثة حقيقية: مليارات الدولارات من المساعدات السعودية معلقة بسبب خلافات سياسية قد تدمر حياة ملايين اليمنيين.
قد يعجبك أيضا :
وخلف هذه الأزمة تكمن قصة صراع مرير على السلطة والموارد، حيث يرفض المجلس الانتقالي الجنوبي الانسحاب من محافظتي حضرموت والمهرة الغنيتين بالنفط والغاز، في تحدٍ صارخ لمطالب تسليمهما لقوات درع الوطن. هذا السيناريو يذكرنا بأزمة انقطاع الرواتب التي عصفت بلبنان في 2019، حين تحولت حياة آلاف الموظفين إلى جحيم حقيقي. د. محمد الحضرمي، خبير الاقتصاد اليمني، يحذر قائلاً: “هذه الأزمة تعكس هشاشة النظام المالي اليمني الذي يعتمد كلياً على المساعدات الخارجية”.
في البيوت اليمنية، ينتشر القلق كسرعة النار في الهشيم، حيث تروي فاطمة القحطاني، زوجة موظف عسكري، معاناتها قائلة: “أطفالي يسألونني عن راتب والدهم يومياً، ولا أعرف ماذا أقول لهم”. التأثير لا يقتصر على الجانب المالي فحسب، بل يمتد لتدهور محتمل في الخدمات الحكومية الأساسية، وربما احتجاجات شعبية قد تزيد من تعقيد المشهد السياسي المضطرب أصلاً. الخبراء يتوقعون أن تؤدي هذه الأزمة إلى إعادة تشكيل كاملة لخارطة النفوذ في اليمن، في وقت تتربص فيه القوى المعادية بأي فرصة لملء الفراغ.
قد يعجبك أيضا :
مع دخول الأزمة منعطفاً حرجاً، يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً: هل ستنجح الوساطة في إنقاذ مرتبات الموظفين قبل فوات الأوان، أم أن اليمن على أعتاب كارثة إنسانية جديدة قد تطيح بآخر معاقل الحكومة الشرعية؟ الوقت ينفد، والملايين من اليمنيين ينتظرون إجابة قد تحدد مصير أجيال قادمة.
