Published On 18/12/202518/12/2025

|

آخر تحديث: 21:57 (توقيت مكة)آخر تحديث: 21:57 (توقيت مكة)

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

كثيرون يتفاجؤون عند سماع صوتهم في رسالة صوتية أو تسجيل، ويشعرون بأن الصوت لا يشبههم أو يبدو غريبا على آذانهم، رغم أنه الصوت ذاته الذي يسمعه الآخرون يوميا.

هذه الظاهرة الشائعة لا ترتبط بجودة الصوت أو بطريقة الحديث، بل لها تفسير علمي واضح يتصل بكيفية انتقال الصوت داخل الجسم وطريقة إدراك الدماغ له.

نسمع صوتنا بطريقتين والتسجيل يلتقط واحدة فقط

عندما نتحدث، يصل صوتنا إلى الأذن عبر مسارين في الوقت نفسه:

التوصيل الهوائي (Air conduction): الصوت ينتقل في الهواء إلى الأذن كما يسمعه الآخرون.

التوصيل العظمي (Bone conduction): اهتزازات من الحنجرة والعظام والأنسجة تنتقل عبر الجمجمة مباشرة إلى القوقعة (الأذن الداخلية).

هذه “التوليفة” تجعل الصوت الذي نسمعه لأنفسنا أثناء الكلام أعمق وأكثر امتلاءً (خصوصًا في الترددات المنخفضة). أما التسجيل الصوتي التقليدي فيلتقط غالبًا المسار الهوائي فقط، لذلك يبدو الصوت المسجّل أعلى أو أنحف مما نتوقعه.

الجمجمة تغيّر “طابع” الصوت (الرنين الداخلي)

داخل الرأس توجد تجاويف (كالجيوب الأنفية) وبنى عظمية تعمل كرنانات (Resonators) تغيّر طابع الصوت الذي يصل إلينا ونحن نتكلم. وهذا يخلق نسخة “داخلية” من الصوت تختلف عن النسخة “الخارجية” التي يسمعها الناس أو يسجلها الميكروفون.

تأثيرات تقنية

حتى وإن كان الصوت في حقيقته واحدا، فإن اختلافه قد يزداد بفعل عوامل تقنية، من بينها نوع الميكروفون واستجابته للترددات، إذ قد يبرز ترددات معينة ويخفي أخرى.

إضافة إلى ضغط الصوت (Compression) المستخدم في تطبيقات المراسلة، وكذلك مسافة الميكروفون عن المتحدث واتجاهه. ولا تفسر هذه العوامل الظاهرة بمفردها، لكنها قد تضخم الإحساس بأن “هذا ليس صوتي”.

يصف علم النفس استغراب أو نفور بعض الأشخاص من صوتهم المسجّل بظاهرة تُعرف باسم “صدمة التوقع” (Voice Confrontation)، والتي تنشأ عن فجوة بين الصوت الذي كوّن الفرد صورة ذهنية عنه لنفسه، والصوت الذي يسمعه بصورة موضوعية عند الاستماع إلى التسجيل.

هذا الاختلاف المفاجئ قد يسبب شعورا بعدم الارتياح، لأنه يتعارض مع صورة الذات السمعية المعتادة.

معالجة الدماغ للصوت الذاتي والإحساس بالتحكم

توضح أبحاث في علم الأعصاب السمعي أن الدماغ يدرك صوت الإنسان بشكل مختلف عندما يكون صادرا عنه، لارتباطه بإحساس التحكم والمراقبة الذاتية أثناء الكلام. لكن عند سماع تسجيل صوتي، تختفي كثير من الإشارات العصبية المصاحبة لإنتاج الصوت، فيبدو الصوت أقل ألفة لصاحبه.

Voice noteالدماغ يدرك صوت الإنسان بشكل مختلف عندما يكون صادرا عنه لارتباطه بإحساس التحكم والمراقبة الذاتية أثناء الكلام (شترستوك)

 التوصيل العظمي ودوره في تمييز الصوت الذاتي

أظهرت دراسة منشورة في دورية “الجمعية الملكية للعلوم المفتوحة” (Royal Society Open Science) أن غياب عنصر التوصيل العظمي في الصوت المسجّل يعد من الأسباب الرئيسة وراء الإحساس بغرابة الصوت.

كما أوضحت الدراسة أن وجود هذا النوع من التوصيل يساعد الدماغ على التمييز بين “صوتي” و”صوت الآخرين”، وهو ما يفسر اختلاف إدراكنا للصوت عند التسجيل.

هل صوت التسجيل هو الصوت الحقيقي؟

يعد صوت التسجيل الأقرب إلى ما يسمعه الآخرون، لأنه يعتمد على انتقال الصوت عبر الهواء فقط، بينما الصوت الذي نسمعه أثناء التحدث يكون مزيجا من التوصيل الهوائي والتوصيل العظمي مع تأثير الرنين الداخلي.

كيف يمكن تقليل الإحساس بالغرابة؟

يساعد الاستماع المتكرر لتسجيلات قصيرة الدماغ على التكيف مع الصوت المسجل. كما أن استخدام ميكروفون أفضل أو تطبيقات تسجيل ذات ضغط صوتي أقل قد يجعل الصوت أقرب إلى ما نسمعه في الواقع.