1078 ريال! هذا هو سعر الجحيم الاقتصادي الذي يعيشه اليمن اليوم، حيث تكشف أسواق الصرافة عن فجوة صادمة تبلغ 200% بين أسعار الدولار في عدن وصنعاء. في نفس البلد، نفس اللحظة، نفس العملة – لكن بثلاثة أسعار مختلفة تدمر جيوب الملايين وتحول حياتهم إلى كابوس يومي. كل دقيقة تأخير في فهم هذا الانهيار تعني خسائر أكبر للعائلات التي تعتمد على التحويلات بين المدن.
الأرقام تحكي مأساة حقيقية: الدولار يُباع بـ 1631 ريالاً في عدن مقابل 542 ريالاً فقط في صنعاء، بينما الريال السعودي يسجل فجوة مرعبة تصل إلى 287 ريالاً. أحمد محمد، موظف في صنعاء يبلغ من العمر 45 عاماً، يروي مأساته: “أرسل راتبي الشهري لعائلتي في عدن، لكنني أفقد ثلثي قيمته في عملية التحويل الواحدة.” د. عبدالله الصنعاني، خبير اقتصادي، يحذر: “هذا ليس مجرد تذبذب في أسعار الصرف، بل انهيار منظومة اقتصادية كاملة يذكرنا بانقسام ألمانيا الشرقية والغربية، لكن بنكهة اقتصادية أكثر مرارة.”
قد يعجبك أيضا :
الجذور العميقة لهذه الكارثة تمتد إلى عام 2015 مع اندلاع الحرب التي مزقت اليمن ودمرت وحدته الاقتصادية. الحصار المفروض، توقف صادرات النفط، وانقسام المؤسسات النقدية خلق واقعاً جديداً مرعباً حيث يعيش الشعب الواحد تحت نظامين نقديين منفصلين. الخبراء الاقتصاديون يتوقعون تفاقم الوضع: “سيزداد الأمر سوءاً ما لم تتدخل قوى إقليمية لتوحيد النظام النقدي قبل فوات الأوان.” المقارنة صادمة: الفجوة النقدية أكبر من المسافة الجغرافية – 500 كيلومتر بين المدينتين مقابل 200% فرق في الأسعار.
التأثير المدمر يتجاوز الأرقام ليطال صميم الحياة اليومية للملايين. العائلات تعجز عن إرسال الأموال للعلاج الطبي، الطلاب لا يستطيعون متابعة تعليمهم الجامعي في مدن أخرى، وحتى الزواج بين المدن أصبح مستحيلاً اقتصادياً. سالم قاسم، صرّاف في عدن، يصف المشهد المؤلم: “الناس تبكي عندما تسمع الأسعار، خاصة من يحتاج لتحويل أمواله من صنعاء.” في المقابل، استغلت فاطمة علي، التاجرة الذكية، هذه الفروقات في تجارة الحوالات وحققت أرباحاً استثنائية، لكنها تدرك أن هذا النجاح مؤقت في بحر من المآسي.
قد يعجبك أيضا :
مع غياب الحلول الجذرية، يواجه اليمن مستقبلاً مجهولاً قد يشهد انقساماً اقتصادياً دائماً أو انهياراً كاملاً للعملة الوطنية. التحذيرات الدولية تتصاعد، والحاجة ماسة لتدخل عاجل لتوحيد النظام النقدي قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة إنسانية أكبر. السؤال المؤلم الذي يطرح نفسه: إلى متى سيصمد الشعب اليمني أمام هذا الجحيم الاقتصادي؟ وهل من منقذ في الأفق لإنهاء معاناة ملايين الأبرياء؟
