هالة الخياط (أبوظبي)
تمضي إمارة أبوظبي بخطوات متسارعة نحو تطوير أحد أكثر أنظمة النقل ذكاءً وتكاملاً في المنطقة، مع تطبيق النظام الآني للإدارة الذكية للسلامة المرورية، الذي يمثل نقلة نوعية في أساليب الرصد والتحليل واتخاذ القرار. ويكتسب النظام أهمية متزايدة كونه يعتمد على تقنيات متقدمة للذكاء الاصطناعي والتحليل التنبُّؤي، مما يتيح الانتقال من الاستجابة التقليدية للحوادث، إلى التدخل الاستباقي القائم على البيانات الفورية.
ويأتي هذا التطور في إطار استراتيجية متكاملة، تهدف إلى رفع مستويات الأمان على الطرق، وتعزيز كفاءة البنية التحتية المرورية، ودعم رؤية الإمارة في بناء شبكة نقل آمنة ومستدامة
وفي هذا الإطار، أكدت سمية النيادي، رئيس قسم السلامة المرورية في مركز النقل المتكامل، أن النظام الآني يمثل تحولاً جوهرياً في مفهوم إدارة السلامة المرورية، مشيرة إلى أنه يهدف إلى الارتقاء بالأداء من خلال اعتماد نهج استباقي قائم على التحليلات التنبُّؤية.

وقالت النيادي لـ «الاتحاد»: «يسعى المركز عبر هذا النظام إلى الانتقال من النمط التقليدي القائم على الاستجابة بعد وقوع الحوادث، إلى نهج استباقي يقوم على رصد السلوكيات الخطرة والتنبؤ بمناطق الحوادث المحتملة، بالاستناد إلى الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة».
وأضافت: هذا التوجّه يهدف إلى دعم تحقيق الرؤية الصفرية للوصول إلى صفر وفيات مرورية بحلول عام 2040، من خلال رفع معامل السلامة على الطرق والتقاطعات وتحليل أثر التدخلات الهندسية والرقابية بشكل دقيق ومتواصل.
وأوضحت النيادي أن النظام يعتمد على منظومة واسعة من التقنيات المتقدمة، التي تشمل نماذج الرؤية واللغة لتحليل السلوكيات المرورية عبر كاميرات المراقبة، والخرائط الحرارية التي تُظهر المناطق عالية الخطورة بشكل لحظي، إضافة إلى الذكاء الاصطناعي التنبُّئي القادر على رصد الحوادث القريبة الوقوع وقياس مستويات خطورتها. وأشارت إلى أن شاشة التقارير التفاعلية المدمجة بالنظام تتيح للمعنيين الاطلاع المستمر على مؤشرات السلامة وإصدار تقارير تفصيلية يومية، مما يعزّز دقة التقييم ويسهم في اتخاذ إجراءات فورية وفعّالة.
وبيّنت النيادي أن هذه التقنيات المتقدمة تمكّن فرق الميدان من توجيه الدوريات الرقابية والفرق الهندسية إلى النقاط الساخنة بدقة أعلى، وتقييم فاعلية التحسينات المنفّذة، وتحديد الأنماط المتكررة للحوادث والأسباب الجذرية لها بشكل آني.
وأكدت النيادي أن هذا التطور يسهم في رفع مستوى الاستجابة الميدانية، ويعزّز قدرة الجهات المختصة على التدخل المبكر والحد من المخاطر التي تهدد مستخدمي الطرق.
وفي السياق ذاته، أشارت النيادي إلى أن النظام يتكامل مع الأنظمة الأخرى المعتمدة في الإمارة، بما في ذلك أنظمة المراقبة والتحكم في الإشارات الضوئية، ومنصات إدارة الحوادث، وبيانات دائرة الصحة المتعلقة بنتائج الحوادث. ويسهم هذا التكامل في تحسين تدفق الحركة المرورية والحد من الازدحام الذي يُعد أحد العوامل المؤثرة في وقوع الحوادث، كما يعزّز سرعة الاستجابة للطوارئ عبر ربط البيانات بين الجهات المعنية وتوفير رؤية موحدة وشاملة.
خطط مستقبلية
وعن خطط المركز المستقبلية، أوضحت النيادي أن المرحلة المقبلة ستشهد توسعاً في نطاق التغطية لتشمل طرقاً وتقاطعات إضافية، وزيادة عدد الكاميرات الذكية، إلى جانب تطوير خوارزميات أكثر تطوراً في التنبؤ بالحوادث اعتماداً على تحليل أنماط السلوك البشري.
وأضافت: «نعمل على تطوير تطبيقات جديدة، مثل النمذجة التنبؤية المعززة ودليل السلامة المرورية الذكي الذي سيقدم توصيات مبنية على الأدلة والتحليل الاقتصادي، إضافة إلى التوجه نحو ربط النظام بالمركبات المتصلة لتوفير بيانات لحظية تعزز كفاءة منظومة النقل». واختتمت النيادي مؤكدة أن النظام الآني يمثل «نقلة استراتيجية تعزز قدرة الإمارة على تطوير منظومة نقل آمنة ومتطورة، ترتكز على البيانات والذكاء الاصطناعي، وتدعم جهود أبوظبي في بناء بيئة مرورية متقدمة تحمي الأرواح، وتواكب أفضل الممارسات العالمية».
