Published On 21/12/202521/12/2025

|

آخر تحديث: 10:21 (توقيت مكة)آخر تحديث: 10:21 (توقيت مكة)

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

يخطو لبنان خطوة تشريعية مفصلية في مسار معالجة أزمته المالية الممتدة منذ عام 2019، بعد إعلان الحكومة إنجاز مشروع قانون يهدف إلى تنظيم توزيع الخسائر في النظام المالي واستعادة جزء من ودائع المودعين، في إطار إصلاحي يتماشى مع متطلبات صندوق النقد الدولي، وسط تحديات سياسية ومصرفية لا تزال ماثلة أمام إقراره.

وبحسب رويترز، أعلن رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، الجمعة، أن الحكومة طرحت مشروع قانون لمعالجة الأزمة المالية التي تكبّل الاقتصاد اللبناني منذ 6 سنوات، معتبرا أنه يتوافق مع معايير صندوق النقد الدولي ومن شأنه أن يسهم في استعادة الثقة بالنظام المالي.

قانون الفجوة المالية

ويُعرف المشروع باسم “قانون معالجة الفجوة المالية”، وهو تشريع طال انتظاره ويُعد ضروريا لإعادة هيكلة عبء ديون لبنان، إذ يحدد آلية تقاسم الخسائر بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف التجارية والمودعين، بعد الانهيار غير المسبوق الذي أصاب القطاع المالي في عام 2019.

People walk past Lebanon's Central Bank building in Beirut, Lebanon, March 27, 2025. REUTERS/Mohamed Azakirإعادة هيكلة ديون الدولة مع المصرف المركزي تعيد تنظيم العلاقة المالية بين الطرفين (رويترز)

ووفق رويترز، يهدف مشروع القانون، الذي من المقرر أن تناقشه الحكومة يوم الاثنين قبل إحالته إلى البرلمان، إلى معالجة العجز الكبير في تمويل النظام المالي، والسماح للمودعين الذين جُمّدت مدخراتهم باستعادة أموالهم تدريجيا، في حين يحتاج إقراره إلى موافقة البرلمان اللبناني المنقسم.

وتصنّف المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها البنك الدولي، الأزمة اللبنانية ضمن أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، بعدما أدت إلى تجميد حسابات الدولار، وفرض قيود مشددة على السحوبات، وانهيار قيمة الليرة اللبنانية بأكثر من 95%. وكانت الحكومة قد قدّرت الخسائر المالية في عام 2022 بنحو 70 مليار دولار، وهو رقم يُرجّح خبراء أنه ارتفع خلال السنوات اللاحقة.

أقساط وسندات مدعومة بالأصول

وينص مشروع القانون، وفق النسخة التي اطلعت عليها رويترز، على سداد ودائع صغار المودعين، أي من تقل ودائعهم عن 100 ألف دولار، عبر أقساط شهرية أو ربع سنوية على مدى 4 سنوات.

أما الودائع التي تتجاوز هذا السقف، فسيتم سدادها جزئيا من خلال أوراق مالية مدعومة بأصول يصدرها مصرف لبنان، مع حد أدنى للعائد السنوي يبلغ 2%.

كما يحدد المشروع آجال استحقاق هذه الأوراق وفق حجم الودائع، لتتراوح بين 10 سنوات للودائع التي تصل إلى مليون دولار، و15 سنة للودائع التي تتراوح بين مليون و5 ملايين دولار، و20 سنة للودائع التي تتجاوز 5 ملايين دولار، على أن تكون هذه الشهادات مدعومة بإيرادات وأرباح الأصول المملوكة للمصرف المركزي، إضافة إلى أي عائدات محتملة من بيع الأصول.

تدقيق دولي وإعادة هيكلة التزامات الدولة

ويُلزم مشروع القانون، بحسب رويترز، شركة تدقيق دولية بإجراء تقييم شامل لأصول مصرف لبنان خلال شهر من إقراره، بهدف تحديد حجم الفجوة التمويلية بدقة.

كما ينص على تحويل الديون المستحقة على الدولة لمصرف لبنان إلى سندات يتم الاتفاق على مدتها وفائدتها السنوية بين وزارة المالية والمصرف المركزي، في خطوة تهدف إلى إعادة تنظيم العلاقة المالية بين الطرفين.

A person at Whish Money, Fintech and Digital money transfer company, holds Lebanese pound banknotes inside a branch in Beirut, Lebanon June 11, 2025. REUTERS/Mohamed Azakirربط التعويضات بعوائد الأصول يحمّل المودعين اللبنانيين مخاطر الأداء المستقبلي (رويترز)

وقال نسيب جبريل، كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس، لرويترز، إن مشروع القانون “يحمّل المصارف التجارية المسؤولية الأساسية عن تسديد الشق النقدي من الودائع، ويُبعد الدولة عن هذا الالتزام”، وهو ما يجعله من أكثر بنود المشروع إثارة للجدل.

دعم دولي وتحفظات مصرفية

من جهتها، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن رئيس الوزراء اللبناني وصف المشروع بأنه “خارطة طريق واضحة للخروج من الأزمة”، مشيرا إلى أن 85% من المودعين تقل ودائعهم عن 100 ألف دولار، وسيتمكنون من استعادة هذه المبالغ خلال فترة تمتد على 4 سنوات.

وأضاف سلام، في خطاب متلفز، أن مشروع القانون “قد لا يكون مثاليا، وقد لا يلبّي تطلعات الجميع، لكنه خطوة واقعية ومنصفة على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار”.

وأشارت الوكالة إلى أن صندوق النقد الدولي تابع إعداد المشروع عن قرب، ويعد إقراره شرطا أساسيا لأي برنامج دعم مالي محتمل للبنان، في وقت انتقدت فيه جمعية المصارف المشروع، معتبرة أنه يحمّل البنوك أعباء كبيرة ويتضمن ثغرات خطيرة.

موقف الحكومة والتحديات السياسية

وفي السياق نفسه، نقلت وكالة الأناضول عن سلام قوله إن الحكومة أنجزت أول إطار قانوني متكامل لمعالجة الفجوة المالية واسترداد الودائع بعد 6 سنوات من الشلل، مؤكدا التزام حكومته بإنصاف المودعين واستعادة الثقة داخليا وخارجيا.

وأوضح سلام، بحسب الأناضول، أن المودعين الذين تتجاوز ودائعهم 100 ألف دولار سيحصلون على هذا المبلغ نقدا، أسوة بصغار المودعين، إضافة إلى سندات مصرفية قابلة للتداول بقيمة رصيد ودائعهم، دون اقتطاع من أصلها.

بيد أن تمرير المشروع لا يزال يواجه تحديات سياسية، إذ تشير مصادر اقتصادية إلى أن عددا من النواب معنيون مباشرة بالقانون، سواء كمودعين كبار أو مساهمين في المصارف، ما قد يعرقل إقراره في البرلمان، كما حصل مع إصلاحات سابقة طالبت بها الجهات المانحة الدولية.