Published On 21/12/202521/12/2025
|
آخر تحديث: 19:17 (توقيت مكة)آخر تحديث: 19:17 (توقيت مكة)
انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي
share2
منذ اللحظة الأولى لبدء عرضه، لم يكن فيلم “الست” حدثا سينمائيا عاديا، إذ تحوّل طرحه إلى موجة نقاش واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تجاور صوت الناقد المحترف مع انطباعات الجمهور العام.
ومع مرور الأيام، بدت المنصات وكأنها ساحة مفتوحة لتحديد ملامح صورة جديدة، أو متجددة، لـ”كوكب الشرق” أم كلثوم.
اقرأ أيضا list of 2 itemsend of listالنقّاد أولا.. قراءة فنية مشحونة بالحذر
عدد من النقّاد والمشتغلين بالسينما قدّموا تحليلات مبكرة للفيلم، وهو أحدث إنتاج المخرج مروان حامد والمؤلف أحمد مراد. بعضهم وصف العمل بأنه “محاولة طموحة لإعادة تعريف السيرة الذاتية في السينما العربية”، مشيدا بفخامة الصورة، والتوظيف المدروس للإضاءة والديكور، والأداء “المتزن” لمنى زكي.
لكنّ آخرين -ومن بينهم أصوات بارزة في النقد السينمائي- انتقدوا السيناريو، معتبرين أنه اتخذ من حياة أم كلثوم محطات انتقائية، وتجنّب الغوص في أعمق لحظات مسيرتها الفنية والسياسية.
كما حذّر نقّاد من أن “الست” لم ينجُ من فخ “الإبهار البصري على حساب العمق الدرامي”، ووصفوا الإيقاع بأنه غير متماسك، في حين شكك آخرون في جدوى إدخال شخصيات ثانوية بدت -في نظرهم- دخيلة على بنية الحكاية الأصلية، مع غياب شخصيات مهمة كان يمكن أن تضيف عمقا للسرد.
الناقد الأمير أباظة، رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي، لم يجامل الفيلم، فوصف كتابته بأنها “سيئة جدا ومغرضة”، وانتقد تركيزه على تفاصيل سلبية عن أم كلثوم، مثل التدخين والبخل، واعتبر ذلك مساسا برمز فني لا ينبغي تشويهه.
أما محمود مهدي، فقد أبدى إعجابه بالإخراج وفخامة الإنتاج، لكنّه لم يُخفِ تحفظه على بعض جوانب المعالجة الدرامية، بينما علّق طارق الشناوي بأن “الست” من الأفلام التي يجب مشاهدتها بهدوء.
الجمهور.. بين الحنين وخيبة التوقعات
بعد أيام قليلة، بدأ صوت الجمهور يعلو عبر المنصات، ليضيف بُعدا انفعاليا مختلفا. جمهور واسع رأى فيه “فرصة ذهبية لاستعادة زمن الفن النظيف”، واعتبر أن مجرد سماع أغنيات “كوكب الشرق” وسط القاعة المظلمة كان كافيا لأن يملأ القلب بالدفء. وتداول كثيرون مقاطع من الفيلم وأخرى أصلية لأم كلثوم، وأرفقوها بذكريات شخصية عن جلسات العائلة أو ليالي الإذاعة القديمة.
في المقابل، عبّر آخرون عن خيبة أملهم، قائلين إن الفيلم “جميل شكلا، لكنه فارغ مضمونا”، أو أن “منى زكي لم تقترب حقا من روح أم كلثوم رغم الجهد الواضح”. وبعض التعليقات الشعبية لخصت الموقف بعبارات لاذعة مثل “أم كلثوم أكبر من أن تختصر في ساعتين” أو “الست لا تُجسَّد.. تُسمَع وتُعاش”.
تلاقٍ وصدام بين الرؤيتين
اللافت أن النقاش بين النقاد والجمهور لم يكن متوازيا فحسب، بل متداخلا أحيانا. إذ تبنّى بعض الجمهور لغة النقد السينمائي في الحديث عن الإيقاع والسيناريو، بينما أبدى بعض النقاد تفهّما للبعد العاطفي والوجداني الذي يطرحه الجمهور في مواجهة المعايير الفنية البحتة، معترفين بأن أم كلثوم ليست مجرد “موضوع عمل فني”، بل جزء من وجدان جماعي شديد الحساسية.
أكثر من فيلم.. مرآة للمزاج العربي
التفاعلات حول “الست” أبدت أن الفيلم تجاوز فكرة عمل عن فنانة أسطورية، ليصبح مساحة لقياس المزاج الثقافي العربي: هل نحن مع إعادة قراءة التراث بعيون جديدة، أم مع الحفاظ على الصورة التي ورثناها كما هي؟
وبين هذا وذاك، يظل الجدل المتواصل أكبر دليل على أن أم كلثوم -بعد نصف قرن على رحيلها- ما زالت قادرة على توحيد العرب على صوتها، أو حتى على الاختلاف حول صورتها.
