أعاد رحيل الفنانة سمية الألفي إلى الأذهان أحد أكثر الموضوعات الطبية التي تثير القلق بين النساء: العلاقة بين سرطان الثدي وسرطان الغدد الليمفاوية.

فالنجمة الراحلة خاضت رحلة علاج طويلة مع مرض بدأ في الثدي ثم امتد إلى الجهاز الليمفاوي، ما طرح تساؤلات عديدة حول طبيعة هذا الترابط، وكيف يمكن أن يتحول الورم من نوع إلى آخر داخل الجسد.




وفقًا لتقرير نشره موقع Medical News Today المتخصص في الأبحاث الطبية، فإن بعض حالات سرطان الثدي قد ترتبط لاحقًا بظهور أورام ليمفاوية في الجسم، خاصة في الغدد الواقعة بمنطقة الإبط أو الصدر، نتيجة التغيرات التي تحدث في الخلايا المناعية أثناء العلاج أو بعده.


 


ما الفرق بين سرطان الثدي وسرطان الغدد الليمفاوية؟


رغم تشابه الأعراض في بعض الأحيان، فإن سرطان الثدي وسرطان الغدد الليمفاوية (Lymphoma) نوعان مختلفان من الأورام الخبيثة.

الأول ينشأ داخل خلايا نسيج الثدي نفسها، بينما الثاني يبدأ في الخلايا الليمفاوية — وهي جزء من جهاز المناعة المسؤول عن مقاومة العدوى — ويمكن أن يظهر في العقد الليمفاوية القريبة من الثدي أو في أي مكان من الجسم.




وتُعرف الحالات التي يظهر فيها الورم الليمفاوي داخل الثدي باسم اللمفوما الأولية للثدي (Primary Breast Lymphoma)، وهي نادرة جدًا، إذ تشكل أقل من 1% من إجمالي أورام الثدي الخبيثة، وغالبًا ما تُصيب النساء في سن ما بين الستين والخامسة والستين.


 


هل يمكن أن يظهر سرطان الغدد بعد علاج سرطان الثدي؟


تشير الدراسات الحديثة إلى أن ما يقرب من 10% إلى 20% من الناجيات من سرطان الثدي قد يتعرضن لاحقًا للإصابة بأحد أنواع السرطان الليمفاوي.




ويفسر الأطباء ذلك بعدة عوامل، منها ضعف المناعة بعد العلاج الكيماوي أو الإشعاعي، أو حدوث تغيرات خلوية طويلة المدى في أنسجة الجهاز الليمفاوي.




كما تلعب الوراثة والاضطرابات الهرمونية والتعرض المزمن للعلاجات الكيميائية دورًا في رفع خطر الإصابة.

يقول الأطباء إن هذه الحالة لا تعني أن كل مريضة بسرطان الثدي معرضة حتمًا لسرطان الغدد، لكنها مؤشر يدعو لمتابعة دقيقة بعد الشفاء لضمان رصد أي تغيرات مبكرة.


 


الأعراض المشتركة والمميزة لكل نوع


من أخطر ما يواجه الأطباء في مثل هذه الحالات هو التشابه الكبير بين أعراض المرضين.

فكلاهما قد يبدأ بوجود كتلة غير مؤلمة في الثدي أو تحت الإبط.

غير أن سرطان الغدد الليمفاوية قد يترافق مع أعراض عامة مثل الحمى المتكررة، والتعرق الليلي الغزير، وفقدان الوزن غير المبرر، والشعور بالإرهاق الشديد.

أما سرطان الثدي فيتميز بتغيرات في شكل الجلد أو الحلمة أو ظهور إفرازات غير طبيعية.

هذه العلامات، وإن بدت بسيطة، قد تحمل دلالات عميقة على تطورات داخلية تحتاج إلى تقييم فوري، لذلك يُعد الفحص المبكر مفتاح الإنقاذ في كلتا الحالتين.


 


كيف يتم التشخيص؟


لا يمكن التمييز بين نوعي السرطان بالأعراض فقط، بل يحتاج الطبيب إلى فحوص دقيقة تشمل:

الماموغرام (Mammogram) لتصوير أنسجة الثدي.

الموجات فوق الصوتية (Ultrasound) لتحديد موضع الكتلة بدقة.

أخذ عينة (Biopsy) لتحليلها تحت المجهر وتحديد نوع الخلايا السرطانية.

وفي بعض الحالات، تُجرى أشعة الرنين المغناطيسي  أو المسح المقطعي لتقييم انتشار المرض داخل الجسم.

الاختبارات الجزيئية الحديثة تساعد كذلك في تحديد ما إذا كان الورم ذا أصل ليمفاوي أو نسيجي، وهو ما يوجّه الطبيب إلى خطة علاجية مختلفة تمامًا.


 


طرق العلاج والسيطرة على المرض


العلاج يختلف تبعًا لنوع الورم ومرحلته.في سرطان الثدي، يكون التدخل الجراحي مصحوبًا بالعلاج الكيماوي أو الإشعاعي هو الأساس، بينما في سرطان الغدد الليمفاوية تعتمد الخطة غالبًا على العلاج الكيميائي المكثف مصحوبًا أحيانًا بـ العلاج المناعي (Immunotherapy).




وتشير الأبحاث إلى أن نسبة الشفاء من اللمفوما الأولية للثدي قد تصل إلى 90% خلال خمس سنوات إذا تم اكتشافها مبكرًا وخضعت المريضة لعلاج متكامل.




غير أن الأدوية الكيماوية قد تترك آثارًا جانبية شائعة مثل تساقط الشعر، والغثيان، واضطراب الشهية، وضعف المناعة، لذلك يتطلب العلاج إشرافًا دقيقًا ودعمًا نفسيًا متواصلًا للمريضات.الوقاية الحقيقية تبدأ من الملاحظة المبكرة والفحص المنتظم واستشارة الطبيب دون تأخير.