في نهاية أبريل (نيسان) عام 2017 أعلن الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي إقالة محافظ عدن عيدروس الزبيدي، وبعد أسبوعين من الإقالة، وعلى رغم تكريمه بتعيينه سفيراً في وزارة الخارجية، أعلن الزبيدي فجأة تشكيل المجلس الانتقالي في الجنوب، في تسلسل يشبه تماماً ما فعله محمد حمدان دقلو (حميدتي) في السودان حين رفض الاندماج في الجيش، فبعدما أعلن البرهان الخطة علناً والمهلة رفضها حميدتي وانقلب على السلطة وبدأ الهجوم المسلح، ولهذا فتشبيه الزبيدي بحميدتي منطقي.
المحرك الأول لـ “الانتقالي” في اليمن و”الدعم السريع” في السودان هو الأطماع الشخصية والبحث عن المجد الذاتي بعيداً من عدالة القضية، فأهل اليمن أدرى بجبالها وسواحلها، ومن حق الشمال أن يقرر وكذلك الجنوب. ثم يأتي بعد ذلك أطماع وأهداف غير معروفة لبعض الدول.
هناك من يرمي على “تحالف دعم الشرعية” في اليمن، وتحديداً المعسكر السعودي، أنه فشل في تحرير صنعاء، وفي المقابل نجح أبناء جنوب اليمن في طرد الحوثي من عدن، والواقع يقول إن التحالف بقواته البرية والجوية كان موجوداً، والسعودية وفرت الغطاء الجوي وحذرت علي عبدالله صالح من الاقتراب من عدن، والتسريبات التي نشرتها “قناة العربية” آنذاك موجودة وتؤكد هذه الوقائع، وقبل ذلك كله فلولا التحرك السعودي سياسياً بإقناع العالم وتمرير قرار مجلس الأمن رقم (2216) والعسكري القاضي بإنشاء التحالف وقيادة عملياته، لما استطاع أي من المقاتلين تحرير الأراضي، ولو كانوا بالقوة التي يزعمونها لما استطاع الحوثيون أساساً السيطرة على عدن وغيرها من المدن والمناطق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من عطّل تحرير صنعاء؟
بعد عامين من انطلاقة “عاصفة الحزم” قرّر الحزام الأمني في عدن ومجموعات معه في الجنوب ضرب كل من يختلف معهم أو يخالفهم، ورفعوا حجة بالية وهي وجود تنظيم “القاعدة” و”الإخوان”، وأخذت المناوشات في التعاظم عندما كشّر “الانتقالي” عن أنيابه، لا ضد الحوثي بل ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتي نسميها، ويسميها المجتمع الدولي كذلك، اختصاراً “الشرعية”، وبدأت الخلافات منذ ذلك الوقت تشتعل بنيران المجلس الانتقالي، فيما الحوثي متحفز ويبتسم فرحاً في صنعاء.
من الطبيعي أن تتناقض روايات وسرديات الزبيدي، فالذي عطّل تحرير صنعاء مستعد اليوم لوضع يده بيد أبناء الشمال لطرد الحوثي، لكن هدفه الحقيقي هو الجلوس على كرسي الرئاسة، لا في الجنوب فقط بل فوق كل مساحة يستطيع السيطرة عليها، فالمنطق يقول إنه إذا كان الزبيدي يطالب باستقلال الجنوب فما شأنه بوضع الشمال؟
لكن ورقة الاستقلال، والتسمية الحقيقية هي الانفصال، من بين أوراق عدة يرمي بها الزبيدي على الطاولة، وقد يذهب فعلاً لتقديم عرض لإسرائيل للتطبيع معها في حال حصل “الانتقالي” على دعم واشنطن، وإن فشلت المحاولة فقد يتجه نحو موسكو التي استقبلته قبل أسابيع ويفتح لها باباً واسعاً في جنوب اليمن، لتنطلق مرحلة جديدة من المواجهة الغربية – الروسية فوق الأرض اليمينة برعاية الأطماع الشخصية.
من الواضح أن السيد عيدروس لن يقبل بالمجلس الرئاسي ولن يتنحى عن رئاسة “الانتقالي” ولن يرضى بشريك معه في تقرير مصير الجنوب، وسيرفع السلاح في وجه كل محافظة ترفض الانصياع لرغباته، فكُثر هم من يحركون “الانتقالي” ويديرونه بالريموت كنترول، لكن المحرك الأساس هي طموحات وأطماع الزبيدي الشخصية.
