
الكويت – سيف الدين باكير – قدس برس
|
ديسمبر 26, 2025 8:25 م
شهدت دور السينما في الكويت عرض فيلم “صوت هند رجب”، الذي يوثق إحدى أكثر القصص الإنسانية إيلامًا في الحرب على غزة، مستقطبًا اهتمامًا جماهيريًا وإعلاميًا واسعًا.
واعتبر نشطاء وإعلاميون كويتيون تحدثت إليهم “قدس برس” أن عرض الفيلم في صالات السينما يشكّل خطوة مؤثرة في مسار التضامن الشعبي مع فلسطين، مؤكدين أن الإقبال الكبير على الفيلم يعكس وعيًا مجتمعيًا متقدمًا بأهمية دعم الرواية الإنسانية الفلسطينية، ولا سيما تلك التي تكشف معاناة الأطفال تحت القصف.
وقال رئيس رابطة شباب لأجل القدس في الكويت (فريق تطوعي) مصعب المطوع، إن عرض فيلم هند رجب شهد حضورًا رسميًا وإعلاميًا واسعًا وتفاعلًا لافتًا من الجمهور، مؤكدًا أن هذه الفعالية تهدف إلى إبراز البعد الإنساني لمعاناة الأطفال في مناطق النزاع.
وأضاف المطوع أن الفيلم يقدم توثيقًا بصريًا مؤثرًا للحظات عاشها الأطفال في ظل الحرب، مقدّمًا رسالة إنسانية صادقة عبر أسلوب مهني يعتمد على قوة الصوت والصورة لنقل الحقيقة بموضوعية ومسؤولية.
وأشار إلى أن انطباعات الجمهور عكست تأثرًا عميقًا بالفيلم، وإدراكًا متزايدًا لأهمية الإعلام المرئي في فضح الانتهاكات وتعزيز الوعي المجتمعي بقضايا الإنسان، خصوصًا الأطفال.
وأكد أن عرض الفيلم يأتي ضمن جهود متواصلة لإبراز معاناة الضحايا وترسيخ القيم الإنسانية، والمساهمة في إبقاء القضية الفلسطينية حاضرة في الوجدان العام.
وقال: “نحن كرابطة شباب لأجل القدس، وكجمهور كويتي ناصر للقضية الفلسطينية، نهيب بالجمهور العربي والدولي حضور هذا العمل الذي يسلّط الضوء على معاناة الأطفال والمدنيين الذين كثيرًا ما يُغيبون عن صفحات التاريخ.”
وأوضح المطوع أن الرابطة عملت، بالتعاون مع منصات إعلامية محلية وعالمية، على دعم هذا الفيلم وحشد الجمهور لمشاهدته استكمالًا لمسيرة التضامن مع فلسطين.
وأضاف: “يأتي هذا الفيلم كرد عملي على جرائم الاحتلال الصهيوني، وكتوثيق درامي راقٍ يشهد له التاريخ، بعد أن شهدنا في السابق حملات مقاطعة لأعمال تروّج للرواية الإسرائيلية”.
من جانبه، قال رئيس فريق كويتيون دعمًا لفلسطين (فريق تطوعي) عبدالله الموسوي، إن عرض فيلم (صوت هند رجب) في دور السينما الكويتية يمثل شكلًا مهمًا من أشكال التضامن الإعلامي مع الشعب الفلسطيني، ورسالة تؤكد استثمار الكويت لكل الفرص المتاحة لإظهار هذا التضامن—سواء عبر المواقف الرسمية في المحافل الدولية، أو عبر الدعم المالي والإنساني، أو من خلال المجالات الرياضية والإعلامية والثقافية المختلفة.
وأضاف الموسوي: “هذا أقل ما يمكن أن تقدمه الكويت دعمًا لفلسطين وعدالة قضيتها.”
وفي السياق ذاته، قال المدير العام لشركة ميديا فورس للإنتاج الفني في الكويت أنس الخليفة، إن السردية التي روّج لها الاحتلال على مدى عقود، معتمدًا على آلة إعلامية عملاقة وميزانيات طائلة، تهاوت بعد أحداث السابع من أكتوبر أمام جهود فردية صادقة على منصات التواصل الاجتماعي.
وأضاف الخليفة: “لقد أثبتت هذه المرحلة أن الحقيقة، حين تجد من يحملها بإخلاص، قادرة على كسر أكثر المنظومات الإعلامية تزويرًا وتضليلًا.”
وأشار إلى أن استضافة فيلم صوت هند رجب في دور السينما الكويتية، وما حظي به من دعم جماهيري كبير، يعكسان وعيًا عاليًا بالقضية الفلسطينية باعتبارها قضية محورية تمس وجدان العرب والمسلمين.
وتابع: “هذا التفاعل ليس تعاطفًا عابرًا، بل يعبر عن فهم عميق لعدالة القضية وأهمية إيصال روايتها الإنسانية إلى العالم.”
وأوضح أن قصة هند رجب “ليست سوى نموذج واحد من آلاف القصص التي لم تصل إليها عدسات الكاميرا ولم تحظَ باهتمام الإعلام، رغم ما تحمله من مآسٍ ونضالات يومية تستحق التوثيق.”
وختم بدعوة موجّهة إلى المؤسسات الإعلامية وشركات الإنتاج: “من الضروري أن تكون القضية الفلسطينية، بما تحمله من قصص إنسانية ونضالية، ضمن أولويات العمل الفني والإعلامي. فالفن والإعلام ليسا أدوات ترف، بل وسيلتان لصناعة الوعي. ومع تراكم الجهود المخلصة، سيبقى الحق ظاهرًا وتنهار أمامه كل روايات التضليل”.
يستند فيلم “صوت هند رجب” إلى واقعة حقيقية هزّت الرأي العام في 29 يناير/كانون الثاني 2024، حين تلقّى متطوعو الهلال الأحمر الفلسطيني اتصالاً مؤلمًا من طفلة عالقة داخل سيارة تتعرض للقصف الإسرائيلي في غزة، تتوسل إنقاذها وسط أصوات الدمار والنار. وقد شكّلت هذه اللحظات المأساوية محور الفيلم، الذي يعيد تقديم القصة بأبعادها الإنسانية العميقة، كاشفًا عن واحدة من أكثر شهادات الطفولة وجعًا في الحرب.
الفيلم من إخراج المخرجة التونسية كوثر بن هنية، المرشحة لجائزة الأوسكار، وقد بدأ عرضه في دور السينما بعدد من الدول العربية.
وحظي الفيلم باستقبال عالمي استثنائي منذ عرضه الأول في الدورة الـ82 من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، حيث وقف الحضور مصفقين لأكثر من 20 دقيقة، مسجِّلًا إنجازًا تاريخيًا بفوزه بـ سبع جوائز بارزة، من أهمها جائزة الأسد الفضي للجنة التحكيم الكبرى.
كما شارك الفيلم في أكثر من 15 مهرجانًا دوليًا، من بينها افتتاح مهرجان الدوحة السينمائي وختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، محققًا سلسلة إضافية من الجوائز والإشادات النقدية.
