يواصل اتحاد مصارف الإمارات دوره المحوري في دعم استقرار ونمو القطاع المصرفي، مستنداً إلى منظومة تضم 63 مؤسسة مالية و37 لجنة فنية متخصصة، وبالتنسيق المباشر مع مصرف الإمارات المركزي لترسيخ ريادة الدولة مركزاً مالياً عالمياً، وتعزيز التحول الرقمي والتوطين والأمن السيبراني ومكافحة الاحتيال، حسبما أكد جمال صالح، المدير العام لاتحاد مصارف الإمارات، في حواره مع «البيان».

    وأضاف صالح أن مستهدفات خطة التوطين لـ«2023 – 2026» حققت 95 % من أهدافها، من خلال توظيف المصارف الأعضاء بالاتحاد لآلاف من مواطني ومواطنات الدولة في القطاع المصرفي والمالي، قائلاً: «سنضاعف جهودنا خلال العام المقبل (2026)، لتسريع وتيرة ونوعية التوطين في القطاع، وتزويد رأس المال البشري الإماراتي بالمهارات والقدرات اللازمة للتفوق في مسيرتهم المهنية، وتوفير الظروف الملائمة لتأهيل قيادات المستقبل للقطاع المصرفي والمالي من الكوادر الشابة الإماراتية».

    وذكر أن حملات مكافحة الاحتيال التي يقوم اتحاد المصارف بتنظيمها منذ سنوات، قد ساهمت في زيادة الوعي بطرق الاحتيال الذي شهد نمواً كبيراً، مع تسارع التحول الرقمي، حيث توضح نتائج الدراسة التي أجراها مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، ومركز «تريندز» للبحوث والاستشارات، أن 65 % من المشاركين قد أصبحوا الآن يثقون بقدرتهم في التعرف إلى محاولات الاحتيال. في ما يلي نص الحوار:

    يشهد القطاع المصرفي والمالي في دولة الإمارات نمواً كبيراً، فما دور اتحاد مصارف الإمارات في تطوير القطاع؟

    يعمل اتحاد مصارف الإمارات في إطار منظومةٍ مصرفية متكاملة، تخضع فيها جميع المؤسسات المالية للإشراف المباشر من مصرف الإمارات المركزي. وبناءً عليه، يقوم اتحاد مصارف الإمارات بجميع مبادراته ومشاريعه، بالتنسيق التام والتعاون المباشر مع مصرف الإمارات المركزي، لضمان تقديم تجربة مصرفية سلسة وآمنة لجميع عملاء المصارف الأعضاء في الاتحاد، وترسيخ المكانة الريادية لدولة الإمارات، بوصفها مركزاً مالياً رائداً في المنطقة والعالم.

    ويقوم الاتحاد بدعم هذه المنظومة عبر آليات متنوعة، وبصفته الممثل والصوت الموحّد للمصارف الإماراتية، يوفر الاتحاد منصة فريدة من نوعها لاستشراف التوجهات المستقبلية في القطاع المصرفي، وقيادة الحوارات بين مختلف الجهات المعنية، وابتكار الحلول المصرفية الملائمة، التي تلبي المتطلبات لمختلف شرائح العملاء، بالإضافة إلى ضمان الامتثال إلى التشريعات والقوانين واللوائح المحلية والدولية المنظمة للأعمال المصرفية.

    ويضم القطاع المصرفي والمالي في دولة الإمارات، قيادات وخبرات وكوادر مصرفية ومالية رائدة، وتسهم هيكلية اتحاد مصارف الإمارات بالاستفادة القصوى من هذه الخبرات، ما يتيح للقطاع تعزيز ريادته عبر صناعة القرار بصورة متكاملة ومدروسة، وبفعالية وسرعة، وفي الوقت الحالي، يضم القطاع المجلسين الاستشاري والتشاوري، الرؤساء التنفيذيين والمديرين العامين للبنوك الأعضاء في الاتحاد من المصارف الوطنية والإقليمية والعالمية، والتي بلغ عددها 63 مؤسسة مالية ومصرفية، وهو ما يشكل منصةً استشارية للقيادات المصرفية، لمناقشة جميع القضايا والموضوعات، والاستفادة من خبراتهم المجتمعة في صناعة القرار.

    ومن أجل الاستفادة بصورة أكبر وأكثر فاعلية من الخبرات الموجودة في القطاع المصرفي، وتلبية المتطلبات المتزايدة، ومواكبة التطورات المتسارعة، قمنا باستحداث لجانٍ فنية متخصصة جديدة، تشمل كوادر ذات خبرات متميزة (كخبراء الذكاء الاصطناعي)، حيث وصل عدد اللجان الفنية التابعة للاتحاد إلى (37) لجنة، تتخصص كل منها في أحد مجالات العمل المالي والمصرفي، وهو الأمر الذي يوفر منصات ملائمة ومتخصصة لتبادل المعرفة والرؤى والخبرات، ويمنحنا القدرة على تطوير السياسات والمبادرات بشكل مستمر، بما يصب في مصلحة الصناعة المصرفية.

    ما أبرز إنجازات اتحاد مصارف الإمارات خلال عام 2025؟

    شهد عام 2025 ترسيخ مكانة اتحاد مصارف الإمارات، بما يدعم أهداف الاستقرار المالي والنمو المستدام، وقيامه بدور محوري في دعم مرونة القطاع المصرفي والمالي، من خلال تنسيقه المستمر مع مصرف الإمارات المركزي، وتعزيز قنوات الحوار بين المصارف والجهات التنظيمية، بما يضمن التطبيق المتوازن للسياسات، والحفاظ على متانة القطاع المصرفي، ودعم نمو الائتمان، بما يتوافق مع أولويات الاقتصاد الوطني.

    ونواصل العمل، في ظل تعاوننا الوثيق والمباشر مع المصرف المركزي، على تحقيق مستهدفات خطة إثراء للتوطين (2023- 2026)، التي حققت 95 % من أهدافها، من خلال توظيف مصارفنا الأعضاء آلاف المواطنين في القطاع المصرفي والمالي، وسنضاعف جهودنا خلال العام المقبل، لتسريع وتيرة ونوعية التوطين في القطاع، وتزويد رأس المال البشري الإماراتي بالمهارات والقدرات اللازمة للتفوق في مسيرتهم المهنية، وتوفير الظروف الملائمة لتأهيل قيادات المستقبل للقطاع المصرفي والمالي من الكوادر الشابة الإماراتية.

    يكثر الحديث عن الجرائم المالية، حدثنا عن جهود اتحاد مصارف الإمارات في مواجهة الاحتيال المصرفي؟

    أسهمت حملات مكافحة الاحتيال التي نقوم بتنظيمها منذ سنوات، في زيادة الوعي بطرق الاحتيال، حيث ارتفع الوعي مع تسارع التحول الرقمي، وتوضح نتائج الدراسة التي أجراها مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، ومركز (تريندز) للبحوث والاستشارات، أن 65 % من المشاركين أصبحوا الآن يثقون بقدرتهم في التعرف إلى محاولات الاحتيال. وساهمت جهود الاتحاد في تحقيق تقدم كبير في الكشف عن طرق الاحتيال والتخفيف منه، بما في ذلك اعتماد تقنيات متقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والقياسات الحيوية، لتحسين قدرات الكشف عن الاحتيال.

    ولا بد من التأكيد مجدداً على أن وعي العملاء واتخاذهم الاحتياطات اللازمة، هو خط الدفاع الأول والأقوى لمكافحة الاحتيال، إذ إن سبل ووسائل وأشكال وتقنيات هذه الجرائم، تتطوّر بصورة متسارعة، من شكلٍ إلى آخر، وأن جهود الجهات الرقابية والتنظيمية والمؤسسات المصرفية لا تكتمل إلا بالحرص على الحيطة، واتباع الإرشادات التي تقوم البنوك بتحديثها وإرسالها للعملاء بصورة مستمرة، لضمان تمتع العملاء بتجربة مصرفية آمنة.

    تبوأت دولة الإمارات مكانة رائدة عالمياً في مجال الابتكار والتكنولوجيا المالية، ما المبادرات التي يقوم بها اتحاد المصارف لتعزيز ثقافة الابتكار؟

    ضمن التزام دولة الإمارات بتعزيز الابتكار في القطاع المصرفي، تم إطلاق العديد من المبادرات، ضمن برنامج تحول البنية التحتية المالية لتسريع التحول الرقمي. ويقوم المصرف المركزي بدورٍ محوري في بناء نظام قوي للتكنولوجيا المالية، مع التركيز على الطلب ورأس المال والسياسة والمواهب والبنية التحتية، من أجل تشجيع تبنّي العملاء للتكنولوجيا الحديثة، وتسهيل الوصول إلى التمويل، وتطوير أطر تنظيمية متوازنة، وجذب المواهب، وتعزيز البنى التحتية الرقمية لدعم الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية.

    ويلعب اتحاد مصارف الإمارات دوراً مهماً في دعم وإدارة التعاون بين البنوك والشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، من خلال ورش العمل والمؤتمرات والاجتماعات لتحفيز الابتكار، واستكشاف إمكانات التكنولوجيا المالية في إحداث ثورة في القطاع المصرفي. وتوفر منظومة التكنولوجيا المالية في الإمارات بيئة حاضنة للشركات الناشئة، من أجل تطوير واختبار حلولها، وتعزيز التنمية مع تخفيف المخاطر.

    ومن خلال هذه المبادرات، تعمل الإمارات على تعزيز ثقافة الابتكار في قطاعها المصرفي، وترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً في مجال التكنولوجيا المالية، وتسهم هذه البيئة في جذب أفضل المواهب والاستثمارات، وتوفير بيئة لتطوير التمويل، ليكون أكثر سهولة وكفاءة وشمولاً، وهو ما يقوم الاتحاد بدعمه بشكلٍ مستمر، من خلال العديد من مبادراته ومشاريعه.

    مع زيادة الابتكار في المدفوعات والخدمات المصرفية المفتوحة، كيف يمكن تحقيق التوازن بين تعزيز الابتكار المالي وحماية خصوصية بيانات المستهلك؟

    تحقيق التوازن بين الابتكار المصرفي وخصوصية بيانات المستهلك في الإمارات، يتطلب اتباع نهج شامل، وهو ما تقوم به الدولة، حيث تتوافق لوائح الخصوصية التي طورها مصرف الإمارات المركزي مع المعايير العالمية، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR).

    وتحرص الإمارات على الشفافية، وتثقيف المستهلك، وتدابير الأمن السيبراني التي تحمي واجهات برامج التطبيقات المصرفية المفتوحة، وبيانات المستهلك، بهدف تعزيز نظام مزدهر للخدمات المصرفية المفتوحة، من خلال تنفيذ هذه التدابير، مع الحفاظ على خصوصية بيانات المستهلك وبناء الثقة.

    ويقود المصرف المركزي العديد من المبادرات لتطوير إطار تنظيم مرن، من أجل تعزيز الابتكار، وضمان الاستقرار المالي والمصرفي، الأمر الذي رسخ من مكانة دولة الإمارات مركزاً عالمياً للاستثمارات والتجارة والأعمال. ومكنت التشريعات والأطر التنظيمية الداعمة، مثل الاستراتيجية الوطنية لنظم الدفع، التي أُطلقت في عام 2019، في توفير منظومة متطورة، تُمكن المؤسسات المالية والشركات والمستثمرين من الابتكار، والعمل بثقة وإدارة المخاطر بكفاءة، حيث تسهم في تطوير حلول دفع مبتكرة، وتعزيز تجربة العملاء، من خلال منصات مبتكرة للمدفوعات.

    وساهمت مبادرات المصرف المركزي، مثل العملة الرقمية «الدرهم الرقمي»، ومنصة «آني» المتطورة للدفع الفوري، اللتين شكلتا قفزة نوعية في مجال المدفوعات الرقمية في تعزيز البنى التحتية للمدفوعات في الدولة، عبر توفير قنوات إضافية، وتعزيز الشمول المالي، الأمر الذي يضع دولة الإمارات في صدارة دول العالم في إصدار عملة رقمية رسمية، ويؤكد على جاهزيتها لدمج البنى التحتية للمدفوعات، بهدف تسريع التحول الرقمي، وتوفير قنوات إضافية فعّالة للمدفوعات المحلية والدولية، ما يضمن نظاماً مالياً مرناً وموثوقاً.

    كيف يدعم الاتحاد مكانة الإمارات مركزاً مالياً عالمياً؟

    يدعم اتحاد مصارف الإمارات تنافسية القطاع المصرفي من حيث الاستقرار والابتكار والحوكمة، ومن خلال المشاركة في الفعاليات الدولية، والتنسيق مع الشركاء، فعلى سبيل المثال، تم اختيار الإمارات لتنظيم مؤتمر ومعرض «سايبوس 2029»، وهو مؤتمر عالمي للعمليات المصرفية، وتنظمه سنوياً جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك – «سويفت»، بعد متابعة مستمرة من طرف اتحاد مصارف الإمارات. ويؤكد اختيار الإمارات على مدى الثقة العالمية للدولة، باعتبارها مركزاً مالياً ومصرفياً، ودورها الرائد في قيادة الحوارات البناءة لتطوير الخدمات المالية والمصرفية.