05:54 م


الأحد 14 سبتمبر 2025

كتب- أحمد الخطيب:

أكد خبراء مصرفيون تحدث إليهم مصراوي أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة خلال القمة الاستثنائية لمجموعة “البريكس” بشأن تسوية المعاملات التجارية والمالية بين الدول الأعضاء بالعملات المحلية، تمثل خطوة مهمة لتخفيف الضغوط على الاقتصاد المصري وتقليل الاعتماد المفرط على الدولار.

وكان السيسي قد شدد، في كلمته أمام القمة بدعوة من الرئيس البرازيلي، على أن العالم يشهد تباطؤًا ملحوظًا في معدلات النمو وتراجعًا في حركة التجارة الدولية، إلى جانب تفاقم أعباء الديون وضعف قدرة الدول النامية على النفاذ إلى التمويل الميسر.

وأوضح أن تجمع “البريكس” يبرز كمحفل دولي يسعى لترسيخ التعاون متعدد الأطراف، داعيًا إلى إطلاق مشروعات مشتركة في قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة، والبنية التحتية، والزراعة، والتكنولوجيا، إلى جانب تسوية المعاملات التجارية بالعملات الوطنية، ودعم التمويل عبر بنك التنمية الجديد.

قبل عامين وافق تكتل بريكس الذي يضم 5 دول كبار المؤسسة له وهي روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا، على انضمام مصر بجانب الإمارات وإثيوبيا ودول أخرى.

الأثر الاقتصادي المباشر

يرى محمد عبد العال الخبير المصرفي أن الدفع بالعملات الوطنية أو عبر التبادل السلعي سيكون له أثر إيجابي واضح على الاقتصاد المصري، إذ يقلل من الضغوط على العملة الأجنبية المطلوبة لتغطية فاتورة الواردات.

واعتبر أن هذه الخطوة تساهم في استقرار الأوضاع النقدية، مشيرًا إلى أن البنوك يمكنها تنفيذ مثل هذه العمليات بنظام “Nil Value”، حيث يتم فتح اعتمادات مقابل سلع متبادلة دون حركة نقدية مباشرة.

محددات التبادل بالعملات المحلية

ورغم المكاسب المتوقعة، يوضح عبد العال أن لهذه الآلية ضوابط أساسية، أبرزها توافق التبادل التجاري مع قدرات كل دولة، بحيث لا تقبل الدول المصدّرة عملة شريكتها إلا في حدود ما تستورده منها.

ومن المزايا الأخرى قبول عالمي للعملة، حيث تظل عملات مثل اليوان واليورو والدولار أكثر تداولًا عالميًا مقارنة بعملات أخرى كالروبل، وكذلك استقرار أسعار الصرف لتفادي مخاطر الانهيارات أو الخسائر في سوق العملات.

وأشار عبد العال إلى أن مصر لديها بالفعل اتفاقيات تبادل بالعملات مع الإمارات والصين بقيمة مليارات، مؤكدًا أن التوسع في هذه الصيغة مع دول البريكس سيزيد من مكاسبها.

وشدد عبد العال على أن الهدف ليس التخلي الكامل عن الدولار، لكونه يغطي أكثر من 70% من التجارة العالمية حتى الآن، بل تقليل الطلب عليه بما ينعكس إيجابًا على استقرار الجنيه.

نظام متعدد الأقطاب

من جانبها، أكدت سهر الدماطي، نائبة رئيس بنك مصر الأسبق والخبيرة المصرفية، أن التوسع في استخدام العملات المحلية أو اللجوء إلى المقايضة التجارية يفتح آفاقًا جديدة أمام الاقتصاد المصري، إذ يساهم في تقليل الاعتماد على الدولار، ويمنح الجنيه مساحة أكبر من الاستقرار، الأمر الذي يعزز الثقة في النظام النقدي ويدعم قدرة الدولة على توفير احتياجاتها من التمويل.

وأوضحت أن فكرة البريكس تقوم على كسر هيمنة القطب الواحد، والدفع نحو الاعتراف بالعملات المحلية عبر أدوات مثل بنك التنمية الجديد وأنظمة تسوية مالية بديلة لسويفت.

وأضافت الدماطي أن مصر عانت في السابق من نقص الدولار وتبعات التعويمات المتتالية، بينما يشهد الوضع الحالي وفرة نسبية في العملة الأجنبية.

وأشارت إلى أن اتفاقيات مقايضة العملات مع الإمارات والكويت تعكس تحسن قدرة مصر على تنويع مصادر تمويلها، فيما يسهم التعامل مع دول البريكس في خفض الاعتماد على الدولار وتخفيف الضغط على الجنيه.

جاذبية الاقتصاد المصري

ولفتت الدماطي إلى أن تحسن سعر العملة المصرية مؤخرًا يعود إلى زيادة تدفقات النقد الأجنبي من السياحة والتحويلات والاستثمار الأجنبي في أدوات الدين، بجانب ضعف الدولار عالميًا نتيجة الخلافات الداخلية الأمريكية وارتفاع الدين القومي.

وأكدت أن مصر باتت أكثر جاذبية للاستثمار بفضل ثلاثة عوامل رئيسية: تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، وانخفاض التضخم والفائدة، ونجاح القطاع المصرفي في التحول من عجز صافي الأصول الأجنبية إلى تحقيق فائض.

واعتبرت أن تنويع الشركاء التجاريين ضمن تجمع البريكس، خاصة مع انضمام دول كبرى مصدّرة للقمح مثل الهند وروسيا، يعزز من قدرة مصر على تحقيق الأمن الغذائي وتحسين موقع الجنيه أمام الدولار.