تمر، اليوم، ذكرى واحدة من أهم وأكثر الحوادث الأدبية جدلًا، وذلك حينما رفض الكاتب الفرنسي جان بول سارتر الحصول على جائزة نوبل في الأدب لعام 1976، بعدما أعلنت الجائزة عن فوزه “لعمله الغني بالأفكار والمليء بروح الحرية والسعي وراء الحقيقة، والذي أحدث تأثيرًا بعيد المدى على عصرنا”، إلا أنه رفض استلام الجائزة، وكان للأديب الفرنسي العديد من المواقف والمحطات الحياتية المختلفة، لعل أبرزها زيارته إلى مصر.


سارتر يقابل جمال عبد الناصر


استمرت زيارة الفيلسوف الفرنسي الشهير جان بول سارتر إلى مصر 16 يوما، وفى 9 مارس كان اللقاء مع جمال عبد الناصر بحضور محمد حسنين هيكل، واللقاء كان سيقتصر على سارتر وصديقته الكاتبة الفرنسية سيمون دى بوفوار، وفجأة أعلن عبد الناصر أنه لا ضير أن يكون معهم لانزمان، لكن تم التخلص من صوره حيث ذهب إلى اللقاء بقميص مفتوح، وكانت يده فى جيبه يراقب الحوارات ولا يشارك فيها، ويجلس وساقه فوق الأخرى، ولم يأبه عبد الناصر إلى هذه التصرفات، لكن المشرفون على الزيارة رأوا أنه لا داعى لنشر صوره التى تؤكد “أن كرمنا العربى المتساهل تجاه مثل هذا الشخصيات المتعجرفة يورطنا”.


ودار بين سارتر وناصر حديثا حول قضية حقوق الإنسان فى مصر والمعتقلات المصرية، ورأيه فى التجربة الناصرية فى مصر الاشتراكية، كما أطلعه الرئيس الراحل عبد الناصر على تطورات القضية الفلسطينية.


دعوة سارتر إلى مصر


وكان سارتر قد حضر إلى مصر بناء على دعوة صدرت من جريدة “الأهرام”، وكان فى استقباله عدد من كبار الكتاب المصريين، ومن المثقفين الذين التقوا بسارتر توفيق الحكيم والذى أهداه عددًا من مسرحياته المترجمة للفرنسية، ومحمد حسنين هيكل ولطفى الخولى.


تأثير سارتر على الأدب العربي


كان لجان بول سارتر تأثير واسع فى تجارب المثقفين المصريين والعرب، الذين أعجبوا بموقفه عندما رفض جائزة نوبل، وانحازوا له ولأفكاره، وتأثروا بها، كما أن صديقته سيمون دى بوفوار كانت نموذجًا يحتذى بالنسبة إلى الفتاة المصرية، وكان كتابها “الجنس الآخر” بمثابة التأسيس الأهم والأكثر تأثيرًا فى ترشيد الحركات النسائية العربية، كما كانت كتاباتهما قد تركت آثارًا بالغة فى الوجدان والعقل المصريين، من خلال الترجمات التى كانت تصدرها دار الآداب اللبنانية.


وقبل أن ينهى سارتر زيارته إلى مصر ألقى محاضرة فى جامعة القاهرة فى حشد كبير من المثقفين المصريين، كما قام بحوار مع التليفزيون المصرى.