كتب : أحمد الخطيب



04:52 م


09/11/2025


كتب- أحمد الخطيب:

يرى خبراء في قطاع الطاقة والاقتصاد أن استعادة مصر لقدرتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي مرة أخرى تتطلب التحرك السريع لوقف معدلات التراجع الحالية في الإنتاج، إلى جانب تسريع وتيرة الاستكشافات الجديدة وتوسيع الاستثمارات في مناطق البحر المتوسط والصحراء الغربية.

ويشير الخبراء إلى أن البنية التحتية التي تمتلكها مصر، خاصة محطتا الإسالة في إدكو ودمياط، تمنحها فرصة حقيقية للعودة إلى طريق التصدير مجددًا خلال السنوات القليلة المقبلة، بشرط استعادة توازن السوق المحلي وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.

وقف النزيف أولوية قبل أي توسع

قال الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، إن مصر فقدت خلال السنوات الأربع الماضية نحو 3.2 مليار قدم مكعب يوميًا من إنتاج الغاز، أي ما يعادل 46% من إجمالي الإنتاج، موضحًا أن البلاد بدأت عام 2025 بإنتاج يقدر بنحو 4.4 مليار قدم مكعب يوميًا قبل أن يتراجع إلى 4 مليارات قدم مكعب فقط حاليًا.

وأضاف أن هذا التراجع يعادل فقدًا شهريًا يقدر بنحو 50 مليون قدم مكعب، وهو ما يتطلب تحركًا عاجلًا لوقف الانخفاض المستمر في الإنتاج بمعدل يبلغ 2% شهريًا.

وأوضح فؤاد أن الوصول إلى مستهدف إنتاج 6.6 مليار قدم مكعب يوميًا بحلول عام 2027 يستلزم معدل نمو سنوي مركب يقارب 28.45%، وهو تحدٍ كبير لكنه قابل للتحقيق إذا تم تنفيذ خطط الحفر والتطوير الجديدة بالسرعة المطلوبة.

كانت مصر قبل سنوات قليلة إحدى أبرز الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في الشرق الأوسط، غير أن التراجع في الإنتاج المحلي وارتفاع الاستهلاك الداخلي، خصوصًا في قطاع الكهرباء، دفعها إلى استيراد الغاز لتغطية احتياجاتها.

وبحسب بيانات بلومبرج، تصدرت مصر قائمة أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال في الشرق الأوسط منذ بداية عام 2025 بإجمالي 6.46 مليون طن، تلتها الكويت بـ 6.44 مليون طن، ثم الأردن بـ 670 ألف طن، والإمارات والبحرين بـ 630 ألف طن لكل منهما.

وتسعى الحكومة المصرية إلى عكس هذا المسار عبر خطط توسعية في الاستكشاف والإنتاج تستهدف العودة إلى مرحلة التصدير المستدام بحلول عام 2027.

الاكتشافات الجديدة هي مفتاح المرحلة المقبلة

قال الدكتور ثروت راغب، أستاذ هندسة البترول والطاقة، إن مصر لا تمتلك حاليًا وفرة من الغاز تسمح بالتصدير المنتظم، مشيرًا إلى أن الشحنات التي تم تصديرها مؤخرًا كانت من نصيب الشركات الأجنبية العاملة في القطاع وفقًا لقانون تنظيم سوق الغاز، الذي يتيح لتلك الشركات بيع حصصها داخل مصر أو خارجها.

وأوضح أن إجمالي إنتاج مصر من الغاز يبلغ حاليًا نحو 4.1 مليار قدم مكعب يوميًا في مقابل استهلاك محلي يقترب من 6.5 مليار قدم مكعب يوميًا، ما يعني وجود عجز يبلغ نحو ملياري قدم مكعب يوميًا.

وبيّن أن قطاع الكهرباء يستحوذ وحده على 60% من استهلاك الغاز، وهو ما يجعل الأولوية لتأمين احتياجات السوق المحلية في هذه المرحلة.

وأكد راغب أن محطتي الإسالة في إدكو ودمياط تمثلان حجر الزاوية في خطة مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة الطاقة، لافتًا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد زيادة في الإنتاج مع حفر بئر جديدة في حقل ظهر بتكلفة 22 مليون دولار، بجانب بدء تشغيل عدد من الاكتشافات الجديدة في الصحراء الغربية.

وأضاف أن حقل كرونوس القبرصي من المنتظر أن يبدأ ضخ الغاز إلى مصر عام 2027 عبر خط أنابيب مباشر بطاقة تقترب من 2 مليار قدم مكعب يوميًا، ما سيسهم في سد العجز القائم وتشغيل محطات الإسالة بكامل طاقتها تمهيدًا لاستئناف التصدير المنتظم.

وتخطط وزارة البترول لحفر 480 بئرًا استكشافية جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة، باستثمارات تتجاوز 5.7 مليار دولار، بهدف زيادة الإنتاج المحلي من النفط والغاز وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة.

وستتوزع أعمال الحفر على مناطق رئيسية مثل الصحراء الغربية، خليج السويس، البحر المتوسط، ودلتا النيل، مع تركيز خاص على حفر 101 بئر استكشافي في عام 2026.