
بيروت – «القدس العربي»: يشارك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي ينطلق في 12 الشهر الجاري الفيلم الوثائقي اللبناني «ثريا حبي» في عرضه الأول. فبين الأرشيف وتأملات الذاكرة تعود الراقصة والممثلة ثريا بغدادي إلى حياتها مع زوجها المخرج الراحل مارون بغدادي، لتكتشف الجمال الموجع للحب الذي يستمر حتى في صمت الغياب.
«ثريا حبي» فيلم يدعو للتوغل في عالم ثريا الخاص. عالم يفيض بالرقص والتأمل والسينما والذكريات، والانكفاء نحو الداخل.
قصة مارون وثريا بدأت خلال تصوير فيلم «حروب صغيرة» لمارون بغدادي سنة 1981. في بيروت الممزقة أدّت ثريا الدور الرئيسي. عُرض الفيلم في مهرجان كان، وبعدها انتقلا للعيش معاً في باريس، لكن في ديسمبر/كانون الأول 1993 رحل مارون فجأة وبشكل غامض، وكانت ثريا تنتظر مولودهما الثالث.
بعد ثلاثة عقود تعود لتتأمل شظايا حياة توقفت يوماً ما. من خلال أحاديث بعيدة وأرشيفات حميمة ولحظات من التأمل، تتكشّف قصة حب ونكشف هشاشة العلاقة التي شكّلها الحضور، وربما بعمق أكبر الغياب.
«ثريا حبي» وثائقي طويل يمتد لـ77 دقيقة باللغتين العربية والفرنسية. وبصدده يقول المخرج نيقولا خوري إنه حضر سنة 2021 عرضاً لأحد أفلام مارون بغدادي في بيروت، وهو المخرج الذي طالما أحبه. لكن ما أثر به الحضور الصامت لزوجته. يقول خوري: كان في حضورها شيء آسر، مزيج من الأناقة والغموض والقوة الهادئة. شعرت بانجذاب نحوها ليس فقط لكونها زوجة شخصية اسطورية، بل كامرأة تحمل حكايتها الخاصة. تواصلت معها في باريس. وما بدأ كمحاولة بسيطة تحوّل إلى حوار متدرّج ومتشعّب بين جيلين، جيلها وجيلي. ومن خلال سلسلة الحوارات المسجلة عبر الإنترنيت طرحنا اسئلة تتجاوز الزمان والمكان. هل الحب اسطورة أم مرآة؟ ملاذ أم سجن؟
ويتابع: فوق كل هذا شكل الفيلم دعوة لثريا لتستعيد السرد الذي يخصها وحدها. ومع عودتها إلى أرشيفها وذكرياتها وصمت المسافات بينها، بدأت تتحوّل وتكتشف ذاتها. حوار قادنا للقاء في بيروت، ودارت الكاميرا.
ويقول: نعم «ثريا حبي» فيلم يتناول الحزن. لكنه أيضاً يتأمل في القوة الكامنة في استعادة الضوء الداخلي. فقصة ثريا تتجاوز الشخصي حالياً. ففي لبنان، كما في اماكن كثيرة من العالم، لم يعد هناك متسع للحداد، ولا للتمهل، ولا لفهم ما فُقد. الرحلة مع ثريا تحولت لكلينا إلى مسار لطيف للمعالجة واعادة التوازن.
وخلُص للقول: كانت صناعة الفيلم طويلة وغامرة. رحلة بين الأرشيف الشخصي، والمكالمات المُسجّلة، والرسائل القديمة، واللقطات السينمائية المتفرقة. وكان التحدي بأن ننسجها معاً بطريقة تتيح لها أن تتحاور، لا أن تُدمج فقط.
وفي سيرة ثريا بغدادي أنها ولدت لأب لبناني وأم نمساوية. نشأت بين جنوب لبنان وفيينّا. تتقن أربع لغات، ومزجت مبكراً بين ارثها الشرقي والغربي. درست الباليه والرقص الحديث وانضمت إلى فرقة كركلا سنة 1975. وشاركت مع الفرقة في الكثير من العروض العالمية. في العام 1983 نالت شهادة الهندسة الداخلية من جامعة الكسليك. وفي العام 1996 تابعت دراستها في مجال العلاج الفاشيوتيرابي والتربية الإدراكية. وبعدها أطلقت مفهوم العلاج بالحركة الشرقية. وفي العام 2013 عادت إلى التمثيل.
