
صدر الصورة، Reuters
التعليق على الصورة، أصبح اسم “باتاكلان” مرادفاً للعنف الإسلامي المتطرف في فرنسا منذ هجمات باريس 2015.Article InformationAuthor, هيو شوفيلدRole, باريس
قبل 3 ساعة
بالتزامن مع إحياء فرنسا الذكرى العاشرة لمجازر الباتاكلان، برز تذكير إضافي بأن التهديد الجهادي ما زال قائماً.
ألقي القبض على صديقة سابقة للجهادي الوحيد الذي نجا من هجمات نوفمبر/تشرين الثاني 2015، للاشتباه في تخطيطها لعمل عنيف خاص بها.
المرأة، وهي فرنسية تبلغ من العمر 27 عاماً واعتنقت الإسلام وتعرف باسم ماييفا ب، بدأت علاقة مراسلة مع صلاح عبد السلام (36 عاماً)، الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد في منشأة قريبة من الحدود البلجيكية بعد إدانته عام 2022.
وحين اكتشف حراس السجن أنّ عبد السلام كان يستخدم وحدة تخزين “يو إس بي” تحتوي على مواد دعائية جهادية، تتبعوا مصدرها ليصلوا إلى اللقاءات المباشرة التي كان يجريها مع ماييفا ب.
عند تفتيش جهاز الكمبيوتر والهاتف الخاصين بماييفا، عثر المحققون على أدلة تشير إلى احتمال تخطيطها لهجوم جهادي. ووضعت يوم الاثنين تحت التحقيق القضائي، إلى جانب شخصين يشتبه في تعاونهما معها.
وجاء ذلك فيما تحيي فرنسا الذكرى العاشرة لأسوأ هجوم شهدته في تاريخها المعاصر، مسلطاً الضوء على عدو لم يختف قط.
قال وزير الداخلية لوران نونييز إن ست مخططات أحبطت هذا العام، وإن مستوى التهديد ما زال مرتفعاً.
في مساء 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، شن مسلحون وانتحاريون جهاديون سلسلة هجمات منسقة بلغت ذروتها في اقتحام دموي لقاعـة باتاكلان في شرق باريس.
سبق ذلك تفجير ثلاثة انتحاريين أنفسهم خارج ملعب “ستاد دو فرانس” حيث كانت مباراة دولية لكرة القدم جارية. ثم فتح أفراد آخرون في الخلية النار من رشاشات كلاشنيكوف على رواد الحانات والمقاهي غير البعيدة عن باتاكلان.
في تلك القاعة، كان عرض لفرقة The Eagles of Death Metal الأميركية قد بدأ للتو، حين اقتحم ثلاثة جهاديين المكان وأطلقوا النار عشوائياً داخل الصالة. احتجزوا رهائن، ثم فجروا أنفسهم مع بدء تدخل الشرطة.
بلغ عدد القتلى 130 شخصاً، بينهم 90 في باتاكلان، وتلقى أكثر من 400 علاجاً في المستشفيات، فيما عانى عدد لا يحصى من صدمات نفسية.
أصبح اسم باتاكلان منذ ذلك الحين رمزاً للهجمات الإسلامية المتطرفة في فرنسا، على نحو شبيه بما مثله “11 سبتمبر” في الولايات المتحدة.
ورغم وقوع هجمات أخرى لاحقاً، مثل عملية الدهس في نيس في يوليو/تموز 2016 وقطع رأس المعلم صامويل باتي في أكتوبر/تشرين الأول 2020، فإن حجم هجمات 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وتنظيمها يميزانها عن غيرها.
بعد مرور عشر سنوات، تغير الكثير. اختفاء تنظيم “الدولة الإسلامية” كقوة رئيسية في سوريا والعراق قلل إلى حد كبير من قدرته على ابتكار مشاريع إرهابية معقدة أو التخطيط لها وتنفيذها.

صدر الصورة، Reuters
التعليق على الصورة، سيضاء برج إيفل في مساء إحياء ذكرى الهجمات بألوان العلم الفرنسي
كان منفذو هجوم الباتاكلان شباناً من أصول شمال إفريقية، جرى تجنيدهم في بلجيكا وفرنسا، وتلقوا تدريباً في مناطق كان يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية” في الشرق الأوسط، ثم عادوا إلى أوروبا متخفين وسط موجة كبرى من اللاجئين.
كانوا قادرين على الاعتماد على شبكة واسعة من المناصرين توفر لهم المأوى ووسائل النقل والتمويل.
بحسب الخبير البارز في شؤون الشرق الأوسط جيلز كيبيل، أصبحت أجهزة الاستخبارات أكثر قدرة على رصد التطرف عبر الإنترنت.
قال كيبيل في مقابلة مع صحيفة لو فيغارو إن الأجهزة “باتت تملك إمكانية الوصول إلى موارد تكنولوجيا المعلومات… ما يتيح لها كشف عدد كبير من المبادرات الفردية، التي غالباً ما تكون غير معقدة، ووقفها قبل تنفيذها”.
لكن كيبيل يرى أن الخطر اليوم يصدر عما يصفه بـ”الجهادية الكامنة”.

صدر الصورة، AFP
يقول كيبيل إن “التهديد الآن محلي المنشأ وأصغر سناً بكثير. يتغذى على صداقات وشبكات اجتماعية تجمع أصحاب التوجه الواحد، من دون أن يكون هناك بالضرورة أشخاص يفرضون الأوامر أو من يلتزم بتنفيذها”.
ويرى أن التهديد أكثر إثارة للقلق لأنه قابل للاختراق إلى حد كبير، مع “الأثر الصادم” الذي تتركه أحداث غزة وإسرائيل في نفوس كثيرين، وما يتبع ذلك من استغلال تقوم به “رواد الغضب”.
ويضيف أن الأزمة السياسية الراهنة في فرنسا تفاقم الخطر، إذ أفسحت رئاسة عاجزة المجال أمام برلمان تغلب عليه انقسامات حزبية يزداد فيها نفوذ المتطرفين من اليمين واليسار.
ويقول: “إذا أصبح ما يفرقنا أهم مما يجمعنا كفرنسيين، وتعرض الإجماع الوطني للاهتزاز، ستنفتح هوّة تحت أقدامنا، وستتراجع القيود التي تكبح العنف”.

صدر الصورة، MAGALI COHEN/Hans Lucas/AFP
التعليق على الصورة، في الأيام الأخيرة، روى شهود وناجين من الهجوم كيف تغيرت حياتهم إلى الأبد
ستقام احتفالات يوم الخميس في مختلف مواقع الهجمات، وتختتم بافتتاح حديقة تحمل اسم “13 نوفمبر” قرب مبنى البلدية التاريخي في باريس.
مع حلول المساء سيضاء برج إيفل بألوان العلم الفرنسي: الأزرق والأبيض والأحمر.
تشهد وسائل الإعلام الفرنسية برامج وتقارير تستعيد الروايات والذكريات، مع شهادات لضحايا يشرحون كيف تغيّرت حياتهم بالكامل.
في تطور مفاجئ، أبلغ صلاح عبد السلام عبر محاميه استعداده للمشاركة في أي مسار يندرج ضمن “العدالة التصالحية”، وهو إجراء يلتقي فيه الضحايا والجناة لبحث أثر الجريمة.
هذا الطرح أيّده بعض أفراد العائلات، بينما يعارضه آخرون بشدة.
رسام الكاريكاتور لوران سوريسو، المعروف باسم “ريس”، والذي أصيب في هجوم شارلي إيبدو قبل أشهر من هجمات باتاكلان، وصف خطوة عبد السلام بأنها “منحرفة”.
قال إن “العدالة التصالحية وجدت لأنواع أخرى من الجرائم، الجرائم العادية”. ثم أوضح: “الإرهاب ليس جريمة عادية. صلاح عبد السلام يحاول إقناعنا بأن جريمته مثل أي جريمة أخرى، لكنها ليست كذلك”.
