بيروت ـ «القدس العربي»: فيما لاتزال الاعتداءات الإسرائيلية متواصلة على الأراضي اللبنانية، وجّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي تهديداً مبطناً لأهالي بلدة طيرفلسيه جنوب لبنان من خلال تغريدة حملت نية باستهداف أحد المواقع.
وفي سياق الانتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار، استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة في تول قرب النبطية متسببة في سقوط جريح وفق وزارة الصحة.
ووفق الوكالة الوطنية للإعلام، نفذت مسيّرة إسرائيلية بعد ظهر أمس غارة جوية مستهدفة سيارة عند دوار محطة أيوب ـ مستشفى الشيخ راغب حرب وسط بلدة تول، في شارع يكتظ بالحركة في ذلك الوقت، ذروة خروج طلاب المدارس في المنطقة.
وأعلنت وزارة الصحة أن الغارة أدت إلى إصابة مواطن بجروح، دون توضيح مدى خطورة الإصابة. من جهتها أفادت وسائل إعلام لبنانية بسقوط قتيل في تول جراء الغارة.
وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي فجرًا على منطقة الخانوق في بلدة عيترون ملقياً صاروخين في محيط التفجير الذي حدث منذ يومين.
وبعد أقل من نصف ساعة أغار على الأطراف الغربية لبلدة طيرفلسيه، وجدد غاراته على دفعتين مستهدفاً المنطقة نفسها. وألقت محلّقة إسرائيلية قنبلة صوتية على رأس الناقورة. كما سُجل تحليق كثيف ولافت للطيران المسيّر الإسرائيلي طوال الليلة الماضية في أجواء النبطية وبلداتها وعلى علو منخفض.

تهديد أدرعي

فقد نشر أدرعي صورة تشبيهية لمسبح وخلفه صواريخ، ليزعم أن «حزب الله» يختبئ خلف المدنيين، وأرفقها بتعليق «من برا هالله هالله، ومن جوا صواريخ الله يعلم الله وين وإمتى رح تفقع بوج المدنيين ـ الدروع البشرية لحزب الشيطان».

الرئيس عون لمستشارة ماكرون: ما يُقال عن تقصير الجيش افتراء

وجاءت التغريدة في وقت أفادت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية بأن «سلاح الجو الإسرائيلي يعمل على تقليص زمن استجابة المروحيات القتالية المنتشرة في الشمال إثر مخاوف من هجوم محتمل لـ«حزب الله»، وقالت «إجراءات الجيش تهدف لتأمين رد فوري على أي تسلل أو محاولة اعتداء على المستوطنات الحدودية ومنع تكرار سيناريو مشابه لما حدث في محيط غزة».

مستشارة ماكرون في بعبدا

وزعم أدرعي «أن الجيش أغار على مستودع أسلحة وبنية تحتية تحت الأرض لـ«حزب الله» في جنوب لبنان. وقال «لقد وُضِعت البنى التحتية التي تم استهدافها بالقرب من السكان المدنيين بما يشكل دليلاً اضافياً على استخدام «حزب الله» السخيف سكان لبنان دروعًا بشرية لأنشطة التنظيم داخل مرافق مدنية».
تزامناً، أبلغ رئيس الجمهورية العماد جوزف عون المستشارة السياسية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون آن كلير لو جاندر، خلال استقبالها في قصر بعبدا، في حضور السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، أن «ما يمنع الجيش اللبناني من استكمال انتشاره في منطقة جنوب الليطاني حتى الحدود الدولية، هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية ومواصلة الأعمال العدائية وعدم تطبيق الاتفاق الذي تم الإعلان عنه في تشرين الثاني/نوفمبر 2024».
وقال عون: «رغم كل ذلك يواصل الجيش اللبناني عمله في المناطق التي انتشر فيها جنوب الليطاني، لا سيما لجهة مصادرة الأسلحة والذخائر والكشف على الأنفاق والمستودعات وبسط سلطة الدولة كاملة، تطبيقاً لقرار مجلس الامن 1701 وتنفيذاً للخطة الأمنية التي وضعتها قيادة الجيش بناء على طلب الحكومة اللبنانية».
وشدد الرئيس عون على «أن الجيش اللبناني ينفذ بدقة التعليمات المعطاة له خلافاً لكل ما تروج له إسرائيل من حملات بهدف النيل من قدرة الجيش ودوره الذي يحظى بدعم جميع اللبنانيين الذين يتابعون بتقدير ما تقوم به وحدات الجيش لتأمين حماية المواطنين الجنوبيين وتوفير السلامة العامة، وقد سقط حتى الآن نحو 12 شهيداً في صفوف الجيش خلال تأديته مهامه، وكل ما يقال عن تقصير في عمل الجيش هو محض افتراء».
ورأى رئيس الجمهورية أمام لوجاندر «ان الدعم المعنوي للجيش لا يكفي لتمكينه من أداء دوره كاملاً، بل هو يحتاج إلى تجهيزات وآليات عسكرية وهو ما يفترض أن يتوافر من خلال مؤتمر دعم الجيش والقوات المسلحة اللبنانية الذي يعمل الرئيس الفرنسي مشكوراً على عقده بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، إضافة إلى التحضير أيضاً لمؤتمر إعادة الإعمار الذي يشكل هو الآخر الحجر الأساس لتمكين الجنوبيين الذين دمرت قراهم ومنازلهم من العودة إليها والصمود»، مشيراً إلى «أن إعادة الاعمار لا يمكن أن تتم في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية اليومية خصوصاً أنها باتت تستهدف المواطنين والمنشآت المدنية والرسمية كما حصل مؤخراً في بلدة بليدا».
وأعرب عن استغرابه «كيف أن بعض الدول تتبنى ما تروج له إسرائيل من عدم تنفيذ لبنان التزاماته بموجب اتفاق تشرين الثاني 2024، فيما يتجاهل هؤلاء ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات متواصلة وانتهاك لإرادة المجتمع الدولي، لا سيما إرادة راعيي اتفاق وقف الأعمال العدائية فرنسا والولايات المتحدة».
وإذ أشار إلى «الثقة القائمة بين الجيش وأهالي القرى والبلدات جنوب الليطاني»، شدد على «أهمية تعزيز هذه الثقة لأن الجيش سوف يتولى بعد سنة من الآن وحده المهام الأمنية كاملة، بعد بدء مغادرة القوات الدولية لمنطقة العمليات مع بداية عام 2026».

خيار التفاوض

وفي هذا الإطار، رحّب الرئيس عون بـ«أي مشاركة أوروبية في حفظ الاستقرار بعد انسحاب «اليونيفيل» بالتنسيق مع الجيش الذي سيرتفع عديده مع نهاية هذه السنة إلى 10 آلاف عسكري، لأن مثل هذه المشاركة سوف تؤمن غطاء أوروبياً داعماً للجيش الذي سيكثف عمله في الجنوب بعد الانسحاب الإسرائيلي على رغم الصعوبات والعوائق الجغرافية التي يواجهها العسكريون في عملهم نظراً لطبيعة الأرض الجنوبية وكثافة الاودية والاحراج»، مذكراً بأن «مهام الجيش لا تقتصر على الانتشار في منطقة جنوب الليطاني بل لديه مهمات كثيرة في أرجاء البلاد كافة، مثل حماية الحدود ومكافحة الإرهاب وتهريب السلاح والمخدرات وحماية السلم الأهلي وغيرها من المهام الأمنية الدقيقة».

جعجع ينتقد غياب الإرادة السياسية في ملف «نزع سلاح حزب الله»

ورداً على استيضاحات لو جاندر، أكد عون «أن خيار التفاوض الذي أعلنته منذ أسابيع كفيل بإعادة الاستقرار إلى المنطقة الجنوبية وكل لبنان، لأن استمرار العدوان لن يؤدي إلى نتيجة والتجارب المماثلة في دول عدة، أظهرت أن التفاوض كان دائماً الحل المستدام للحروب التي لا طائل منها».
وشدد على «أن الدعم الخارجي من أشقاء لبنان وأصدقائه لمثل هذا التفاوض، لا سيما من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، يمكن ان يعطي نتائج إيجابية»، معتبراً «أن لجنة «الميكانيزم» واحدة من الجهات التي يمكن ان ترعى مثل هذا التفاوض».
وكانت لوجاندر نقلت في مستهل الاجتماع إلى الرئيس عون، تحيات نظيره الفرنسي وتأكيده «الاستمرار في مساعدة لبنان والعمل على عقد مؤتمري إعادة الإعمار ودعم الجيش والقوات المسلحة»، وأكدت «ان فرنسا ستعمل من أجل تثبيت الاستقرار في الجنوب وتفعيل عمل « الميكانيزم» وفق الرغبة اللبنانية».
وتطرق البحث إلى العلاقات اللبنانية – السورية ومسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية على حد سواء والدور الذي يمكن ان تلعبه فرنسا في هذا الاطار، لا سيما وانها تملك خرائط ومستندات تساعد في الإسراع في إقرار هذه الخطوة، فضلاً عن أن الوصول إلى اتفاق واضح ونهائي يحقق استقراراً مستداماً على طول الحدود بين البلدين.

جعجع: لا مثابرة حكومية

سياسياً، ترأس رئيس الحكومة نواف سلام جلسة لمجلس الوزراء في السراي الكبير لمناقشة وإقرار جدول الاعمال فيما اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «أن الحكومة اللبنانية لم تُظهر أي مثابرة ولا أي تصميم على نزع سلاح حزب الله»، وانتقد في مقابلة مع صحيفة «ناشيونال» «غياب الإرادة السياسية في ملف السلاح»، مؤكدًا «أن مستقبل لبنان القريب يجب ألا يكون محصورًا بين خيارَي الحرب الأهلية أو حرب إسرائيلية جديدة على البلاد». وحذّر من «أن يتخلّف لبنان عن ركب منطقةٍ تتغيّر بسرعة بسبب حالة الجمود السائدة فيه».
وقال «في خطوة كسرت محرّمًا استمر لعقود، كلفت الحكومة اللبنانية في آب/أغسطس الماضي الجيش رسميًا بجمع الأسلحة كلها تحت سلطة الدولة، وبالتالي نزع سلاح «حزب الله»، وهو أمر يرفضه الحزب بشدة. لكن مراقبين، ومن بينهم الولايات المتحدة الأمريكية، يعتبرون أن التنفيذ لم يتم بالسرعة المطلوبة، فيما تصعّد إسرائيل هجماتها على لبنان بشكل متزايد»، ورأى أنه «لا يوجد تصميم، ولا وضوح، ولا مثابرة، ولو أنه يصدر من وقت لآخر بعض التصريحات، والجميع يعلم أنها مجرد تصريحات فارغة»، معتبراً «أن معظم أعضاء الحكومة غير جديين في مسألة سلاح «حزب الله» ويفتقرون إلى الإرادة السياسية»، مستثنيًا «وزراء القوات الأربعة وبينهم وزير الخارجية، وعدداً محدوداً من الوزراء الآخرين». وأشار رئيس «القوات» إلى «أن لبنان عالِق وسيبقى عالِقًا حتى نغرق ما لم يسلّم «حزب الله» سلاحه ويتحسن تنسيق لبنان مع الولايات المتحدة والدول العربية، خصوصًا دول الخليج»، وقال «إن جزءًا كبيرًا من ترسانة «حزب الله» الضخمة دُمّر في حربه مع إسرائيل العام الماضي، لكن الأهم أن بنيته العسكرية والتنظيمية لا تزال سليمة»، محذّراً من «أن لبنان مهدد بأن يتخلف عن التطورات المتسارعة في المنطقة، وهو تحذير يكرره كثيرون من المبعوثين الأجانب»، مشيرًا إلى «المفارقة بين وضع لبنان ووضع سوريا التي أسقطت نظام الأسد بعد خمسين عامًا من الحكم في كانون الأول/ديسمبر الماضي، ورئيسها أحمد الشرع الذي التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع في البيت الأبيض». وسأل جعجع «عن مضمون مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل»، قائلاً: «الرئيس عون يتحدث عن مفاوضات، لكنني لا أعلم فعلاً أي مفاوضات، وبأي شكل، وما مضمونها؟ عندما تتضح هذه المعطيات يمكنني الحكم، لكن الآن لا أستطيع الحكم على مفاوضات مجهولة الشكل والمضمون».