أثار تقييم استخباراتي للبنتاجون مخاوف جديدة داخل واشنطن، في الوقت الذي تُحاول فيه إدارة ترامب وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية بمليارات الدولارات لبيع 48 طائرة مقاتلة من طراز إف-35 إلى السعودية.
ووفقًا لمسؤولين مُطَّلعين على التقرير تحدَّثوا لنيويورك تايمز، يخشى المحللون من أن تستغل الصين شراكتها الأمنية المُتنامية مع الرياض للحصول على تكنولوجيا إف-35 الحساسة في حال إتمام الصفقة.
يقول المسؤولون المُطلعون على النتائج، إن وكالة استخبارات الدفاع (D.I.A) حدَّدت مسارات مُحتملة للتجسس الصيني، بما في ذلك الاختراقات الإلكترونية ونقل التكنولوجيا المُرتبطة بتعاون بكين مع السعودية. وظهرت هذه المخاوف مع قيام كبار المسؤولين الأمريكيين بتسريع المراجعة بين الوكالات اللازمة قبل منح الموافقة النهائية.
دبلوماسية رفيعة المستوى قبل لقاء ترامب ومحمد بن سلمان اجتماع
من المتوقع أن تهيمن صفقة البيع المقترحة على اجتماع البيت الأبيض يوم الثلاثاء بين الرئيس دونالد ترامب وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية. ويُدرج اتفاق دفاع مشترك أيضًا على جدول الأعمال، وفقًا لمسؤولين أمريكيين، مما يُبرز الأهمية الاستراتيجية لعلاقات واشنطن العسكرية مع أكبر مشترٍ للأسلحة.
في الأيام الأخيرة، صرّح الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، بأنه التقى وزير الدفاع بيت هيجسيث، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف لمناقشة “تعزيز التعاون الاستراتيجي”. ورفضت السفارة السعودية التعليق على المخاوف الاستخباراتية لنيويورك تايمز، بينما رفضت وكالة الاستخبارات الدفاعية أيضًا مناقشة التقرير السري.
قدّم البيت الأبيض ردًا مُتحفظًا لنيويورك تايمز، قائلاً إنه “لن يستبق الرئيس في المحادثات” التي لا تزال جارية.
مفاوضات البرنامج النووي تُزيد من التعقيد
في الوقت نفسه، تُضغط المملكة العربية السعودية على واشنطن للموافقة على برنامجها النووي المدني، وهو جهدٌ طويل الأمد أثار مخاوف بشأن حظر الانتشار النووي. شكك المسؤولون الأمريكيون في إمكانية سعي المملكة يومًا ما لاستغلال قدراتها النووية المدنية لأغراض عسكرية.
ربطت كل من إدارتي بايدن وترامب التقدم في الاتفاقيات الدفاعية والنووية الرئيسية باستعداد الرياض لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. لكن تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس وسياسات إسرائيل اليمينية المتطرفة تجاه الفلسطينيين تجعل تحقيق تقدم في هذا الصدد أمرًا مستبعدًا على المدى القريب.
التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في قلب النقاش
أعاد اقتراح طائرة إف-35 أيضًا إشعال النقاشات حول “التفوق العسكري النوعي” لإسرائيل، وهي سياسة قائمة منذ عقود تُلزم الولايات المتحدة بضمان قدرة إسرائيل على مواجهة أي تهديد إقليمي حقيقي بأقل الخسائر. تُعدّ إسرائيل حاليًا الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تُشغّل طائرة إف-35، وقد استخدمتها في غارات جوية على إيران في أكتوبر 2024 ويونيو 2025.
يشير المسؤولون الأمريكيون إلى أن مبيعات الأسلحة المتقدمة في المنطقة خضعت تاريخيًا لمراجعة مطولة وسرية لضمان بقاء تفوق إسرائيل قائمًا. أدت هذه المخاوف إلى عرقلة صفقة بيع طائرات إف-35 مماثلة للإمارات العربية المتحدة في عام 2021، عندما علّقت إدارة بايدن الصفقة الإماراتية بسبب مخاوف من وصول الصين إلى تكنولوجيا الطائرة.
فرض المفاوضون الأمريكيون لاحقًا شروطًا صارمة، بما في ذلك آليات إيقاف التشغيل، والتي رفضها المسؤولون الإماراتيون.
تُناقش حاليًا ضمانات مماثلة للمملكة العربية السعودية. ولا يزال من غير الواضح ما هي الإجراءات التي توصي بها مراجعة الاستخبارات التي أجراها البنتاغون أو كيفية دمجها في اتفاق نهائي.
دور الصين المتنامي في برامج الصواريخ السعودية
يمتد التعاون العسكري بين الصين والرياض إلى ما هو أبعد من العلاقات السياسية. فعلى مدى سنوات، اشترت المملكة العربية السعودية صواريخ باليستية صينية قصيرة المدى، وتحركت مؤخرًا للحصول على أنواع أطول مدى.
يقول مسؤولون أمريكيون إن المملكة بدأت أيضًا في الحصول على التكنولوجيا الصينية اللازمة لتصنيع مكونات الصواريخ، وبناء منشآت الإنتاج، وإجراء عمليات إطلاق تجريبية.
قال خبير الحد من الأسلحة، جيفري لويس، من معهد ميدلبري، إن صور الأقمار الصناعية تشير إلى أن السعوديين يطورون موقعًا لاختبار الصواريخ على غرار منشأة صينية، مما يدل على النفوذ التقني المتنامي لبكين. رهانات استراتيجية للمملكة العربية السعودية
بالنسبة للمملكة العربية السعودية، سيُمثل حصولها على طائرة إف-35 قفزة نوعية في قدراتها العسكرية. وصرح محلل الشؤون الدفاعية غاريث جينينغز من مجلة جينز بأن قدرة الطائرة على التخفي، ووعيها الميداني، وأجهزة الاستشعار المتطورة تُمثل “قمة الطيران القتالي الغربي”، إذ تُقدم مزايا تشغيلية ومكانة رمزية.
كان أداء الطائرة جليًا خلال حرب إسرائيل مع إيران التي استمرت 12 يومًا في يونيو 2025. ورغم أن التفاصيل لا تزال سرية، يقول المحللون إن قدرة طائرة إف-35 على تحييد الدفاعات الجوية الإيرانية مكّنت طائرات إسرائيل القديمة من ضرب عمق الأراضي الإيرانية بسهولة نسبية.
أقرا أيضا.. التحقيق في عقد تدريب إلبيت سيستمز الإسرائيلية للجيش البريطاني.. شبهات رشاوي وفساد
رؤية ترامب الأوسع لمبيعات الأسلحة
أبرز الرئيس ترامب مرارًا وتكرارًا حجم الصفقات الأمريكية السعودية كدليل على براعة إدارته في عقد الصفقات. خلال زيارته إلى المملكة في مايو، أعلن البيت الأبيض عن اتفاقيات بقيمة 600 مليار دولار مع الحكومة السعودية والقطاع الخاص، بما في ذلك مبيعات أسلحة بقيمة 142 مليار دولار. ومع ذلك، كان العديد من المشاريع التجارية قيد التطوير قبل تولي ترامب منصبه بوقت طويل.
مع استمرار المفاوضات، سيتوقف مصير صفقة بيع طائرات إف-35 على ثقة واشنطن بإمكانية حماية التكنولوجيا الحساسة للطائرة، وما إذا كانت الفوائد الاستراتيجية لتسليح السعودية تفوق المخاوف المستمرة بشأن توسع نفوذ الصين.
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
