في عام 2025 لم تعد أفلام الرعب مجرد مادة ترفيهية موجهة لهواة الإثارة، بل تحولت إلى ظاهرة سينمائية عالمية تؤثر في صناعة السينما بأكملها، من الإنتاج والتوزيع إلى قراءة الجمهور والاتجاهات الثقافية، وما يميز هذا العام هو تزايد قدرة أفلام الرعب على الدمج بين الإثارة والتناول الاجتماعي والسياسي، ما جعلها موضوعاً لنقاش نقدي واسع على المستويين المحلي والدولي، وأداة قوية لفهم التحولات النفسية والاجتماعية للجماهير المعاصرة.
وحققت أفلام الرعب في 2025 أرقاماً قياسية غير مسبوقة، ما يدل على تحول نوعي في قدرة هذه الأفلام على جذب جمهور عالمي متنوع.
فيلم «The Conjuring Last Rites»، على سبيل المثال وليس الحصر، تجاوز في افتتاحيته 194 مليون دولار عالمياً، ووصلت إيراداته الإجمالية إلى أكثر من 400 مليون دولار، متفوقاً على أفلام «أكشن» ودراما بارزة، ولم تعد الأفلام الصغيرة أو المستقلة مجرد تجربة محدودة، فقد تمكنت العديد من أعمال الرعب من تحقيق صدى تجاري كبير عبر منصات البث الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، ما جعلها ظاهرة تستحق الدراسة النقدية والفنية معاً.
والسبب الرئيس لصعود أفلام الرعب عالمياً يكمن في التجديد الفني والموضوعي، فلم تعد الأفلام تعتمد على تقنيات الخوف التقليدية، مثل المؤثرات الصوتية أو المشاهد الدموية فقط، بل بدأت توظف الرعب لاستكشاف القضايا النفسية والاجتماعية، فأفلام مثل Sinners تناولت التوترات العرقية، بينما استخدمت أعمال أخرى الرعب كمرآة للصراعات الداخلية، والاضطرابات المجتمعية، موفرة بذلك تجربة عاطفية وفكرية متكاملة للجمهور، وهذا التوجه يضع الرعب في موقع الفن النقدي الذي يتفاعل مع الواقع، وليس مجرد إثارة سطحية.
أفلام الرعب أصبحت منصة لمعالجة المخاوف الجماعية والقلق الاجتماعي، فهي تعكس بوضوح الاضطرابات النفسية، والصراعات الطبقية، والتحولات الثقافية، ما يجعلها أكثر من مجرد أفلام ترفيهية، وأشار نقاد متخصصون إلى أن هذا التوجّه يعكس قدرة الرعب على تقديم قراءة معاصرة للتجربة الإنسانية، حيث يمكن للجمهور أن يواجه مخاوفه الرمزية في بيئة آمنة نسبياً، بينما يلتقط النقاد الإشارات الاجتماعية والسياسية الدقيقة.
وأسهمت الثورة الرقمية في تعزيز انتشار الظاهرة عالمياً، وأضافت منصات البث، مثل Netflix وAmazon Prime، بُعداً عالمياً لأفلام الرعب، حيث أصبح بإمكان جمهور عالمي الوصول إلى أعمال لم يكن بالإمكان تسويقها على نطاق واسع سابقاً، فالحملات التسويقية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتفاعل الجماهيري المباشر، جعلا من بعض الأفلام أحداثاً ثقافية بحد ذاتها، تشبه ما كان يحدث تاريخياً مع أفلام مثل Rocky Horror Picture Show، حيث يتحول المشاهدون إلى شركاء في التجربة السينمائية.
إحدى السمات المميزة لعام 2025 هي أن صعود أفلام الرعب لم يخلُ من الجدل النقدي، فالنقاد يتناقشون حول ما إذا كانت هذه الظاهرة مجرد استغلال تجاري للخوف، أم أنها اتجاه فني يعكس التحولات الثقافية، وهنا يكمن العمق النقدي: أفلام الرعب اليوم تتحدى الأفكار التقليدية للنوع السينمائي، وتطرح أسئلة حول الحدود بين الفن والتسلية، وبين الواقع والرمز، ما يجعلها مادة خصبة للبحث النقدي والفكري.
ويمكن القول إن عام 2025 شهد نضجاً حقيقياً للنوع السينمائي المتعلق بالرعب، حيث أصبح قوة مؤثرة في الصناعة السينمائية العالمية، تجمع بين النجاح التجاري، والابتكار الفني، والتأثير الثقافي والاجتماعي، وهذه الظاهرة تثبت أن الرعب ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل أداة تحليل نفسي واجتماعي تعكس المخاوف والتوترات الإنسانية، وتُعيد تعريف العلاقة بين الجمهور والفيلم.
. أفلام الرعب أصبحت منصة لمعالجة المخاوف الجماعية والقلق الاجتماعي، وتعكس بوضوح الاضطرابات النفسية، والصراعات الطبقية، والتحولات الثقافية، ما يجعلها أكثر من مجرد أفلام ترفيهية.
. فيلم « The Conjuring Last Rites » تجاوز في افتتاحيته 194 مليون دولار عالمياً، ووصلت إيراداته الإجمالية إلى أكثر من 400 مليون دولار.
![]()
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
Share
فيسبوك
تويتر
لينكدين
Pin Interest
Whats App
