(بيروت) – قالت “هيومن رايتس ووتش” و”مركز مناصرة معتقلي الإمارات” اليوم إن سجينا سياسيا توفي في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 في سجن الرزين الإماراتي سيئ السمعة، بعد أكثر من عقد من السَّجن الظالم تخللته ادعاءات التعذيب.
قال مركز مناصرة معتقلي الإمارات إن علي عبد الله فتح علي الخاجة (59 عاما) عُثر عليه ميتا في زنزانته في اليوم التالي لإبلاغه من قبل سلطات السجن بوفاة والده في 8 نوفمبر/تشرين الثاني. أمضى الخاجة أكثر من 13 عاما في السَّجن التعسفي، تعرض خلالها للإخفاء القسري، والتعذيب، والحرمان من الرعاية الطبية، والحبس الانفرادي المطول، والاستمرار في احتجازه بعد انتهاء مدة عقوبته الأصلية. اعتقله عناصر الأمن في أغسطس/آب 2012. وحوكم في إطار محاكمة “الإمارات 94” الجماعية الجائرة لـ المعارضين السياسيين، وحُكم عليه بالسَّجن 10 سنوات في يوليو/تموز 2013.
قالت جوي شيا، باحثة الإمارات في هيومن رايتس ووتش: “تأتي وفاة الخاجة بعد سنوات من السجن التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة بشكل عام من قبل السلطات الإماراتية، رغم أنه ما كان يجب أن يقضي يوما واحدا في السجن. على السلطات أن تحقق في هذه الوفاة فورا وبشفافية، وأن تقدم تفسيرا واضحا لعائلته والمجتمع الدولي”.
قال مركز مناصرة معتقلي الإمارات إن الخاجة عُثر عليه ميتا صباحَ 19 نوفمبر/تشرين الثاني، لكن السلطات لم تبلغ أسرته إلا في وقت متأخر من ذلك المساء. لم يُجرَ تشريح مستقل للجثة. توفي والد الخاجة في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، لكن السلطات لم تبلغه بوفاة والده إلا بعد 10 أيام، في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، حسبما أفاد المركز. منذ وفاة الخاجة، لم يُسمح لأفراد عائلات المعتقلين السياسيين الآخرين في سجن الرزين بزيارتهم.
قالت هيومن رايتس ووتش ومركز مناصرة معتقلي الإمارات إن على السلطات الإماراتية أن تجري تحقيقا سريعة ونزيها في وفاة الخاجة.
أدانت “المحكمة الاتحادية العليا” في أبو ظبي الخاجة إلى جانب 68 شخصا آخرين في محاكمة جماعية جائرة، عقب موجة اعتقالات تعسفية خلال حملة قمع للمعارضين. انتهكت هذه الإدانات حقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع. أخضعت السلطات الخاجة للتعذيب وسوء المعاملة خلال فترة سجنه، بما في ذلك الضرب، والحبس الانفرادي المطول، والإضاءة الساطعة المستمرة بهدف منعه من النوم.
كان قد اعتُقل الخاجة في أغسطس/آب 2012 في إطار موجة اعتقالات تعسفية وسط حملة قمع غير مسبوقة للمعارضة. كان للقضية أثر محبط على حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات.
أكمل الخاجة عقوبته البالغة 10 سنوات في أغسطس/آب 2022، لكن السلطات الإماراتية واصلت احتجازه باستخدام مبررات باطلة تتعلق بمكافحة الإرهاب. يبدو أن قانون مكافحة الإرهاب القمعي الذي أصدرته الإمارات في 2014 يسمح باحتجاز السجناء الذين يشكلون “خطورة إرهابية”، وهو مصطلح لا يحدده القانون بوضوح، إلى أجل غير مسمى.
يمكن وضع هؤلاء السجناء في مراكز إرشاد بناء على طلب النيابة العامة لأمن الدولة. تعرّف المادة 1 من قانون مكافحة الإرهاب “مراكز المناصحة” هذه بأنها “وحدات إدارية تهدف إلى هداية وإصلاح من توافرت فيهم الخطورة الارهابية أو المحكوم عليهم في الجرائم الارهابية”.
في ديسمبر/كانون الأول 2023، أثناء استضافة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب28)، وجهت السلطات الإماراتية تهما جديدة إلى ما لا يقل عن 84 متهما، منهم الخاجة. وأثارت المحاكمة الجماعية الجديدة الجائرة مخاوف جدية بشأن الإجراءات القانونية الواجبة، بما فيها تقييد الحصول على مواد القضية والمعلومات، ومحدودية المساعدة القانونية، وقيام القضاة بتلقين الشهود، وانتهاكات مبدأ عدم جواز المحاكمة على الجريمة ذاتها مرتين، وادعاءات موثوقة بوقوع انتهاكات جسيمة وسوء معاملة، وجلسات استماع محاطة بالسرية.
بموجب القانون الدولي، الدول ملزمة بإجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة وشفافة وفعالة وشاملة في حالات الوفاة التي قد تكون غير قانونية، بما فيها حالات الوفاة أثناء الاحتجاز. تُلزِم “ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﻣﻢ ﺍلمتحدة ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺟﻴﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ لمعاﻣﻠﺔ ﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ” (قواعد مانديلا) الدول بتوفير الرعاية الطبية الكافية للسجناء.
قالت هيومن رايتس ووتش ومركز مناصرة معتقلي الإمارات إن على سلطات الإمارات أن تقدم فورا الرعاية الطبية اللازمة وفي الوقت المناسب إلى جميع السجناء، بمن فيهم المدانون في المحاكمة الجماعية لعام 2013.
قال حمد الشامسي، المدير التنفيذي لمركز مناصرة معتقلي الإمارات: “وفاة علي الخاجة أثناء الاحتجاز ليست حادثة فردية، بل نتيجة مباشرة لسنوات من التعذيب والإهمال الطبي والاحتجاز التعسفي. حُرم علي من أبسط حقوقه الإنسانية، وحان الوقت لمحاسبة المسؤولين واتخاذ خطوات جادة لحماية سجناء الرأي المتبقين في الإمارات”.
