مراسلو الجزيرة نت
Published On 28/11/202528/11/2025
|
آخر تحديث: 22:15 (توقيت مكة)آخر تحديث: 22:15 (توقيت مكة)
انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي
share2
دمشق- شهدت بلدة بيت جن الواقعة في أقصى ريف القنيطرة، تصعيدا عسكريا إسرائيليا فجر اليوم الجمعة، أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، وتدمير للمنازل في البلدة.
وقال الناشط أمجد الحجي للجزيرة نت إن “دورية إسرائيلية دهمت أحد منازل بيت جن، مما أدى إلى اشتباكات بين شبان البلدة وعناصر الاحتلال”، وأضاف أن الاشتباكات أسفرت عن إصابة عدد من عناصر الاحتلال، الذين اضطروا للانسحاب باتجاه الأراضي المحتلة، تاركين خلفهم سيارة من طراز جيب دفع رباعي.
وأشار إلى أن طائرات مروحية إسرائيلية قصفت البلدة بعدة صواريخ بالتزامن مع قصف مدفعي من تل الباط، مما أدى إلى مقتل 13 مدنيا -بينهم طفلان وسيدتان- وإصابة أكثر من 20 آخرين بجروح، وتدمير 20 منزلا بشكل جزئي.
وتعيش بلدة بيت جن الآن حالة من الهدوء الحذر، في حين غادر البلدة أكثر من 50 عائلة باتجاه قرى مجاورة، خوفا من ردة فعل الاحتلال الإسرائيلي، بينما لا تزال طائرات الاستطلاع في سماء المنطقة ولم تغادرها منذ ساعات الصباح الأولى.
شهادات ميدانية
واجهت فرق الدفاع المدني صعوبة في التوجه إلى البلدة لنقل الجرحى إلى المستشفيات، بسبب استهداف القوات الإسرائيلية لأي حركة في محيط المنطقة، حيث استهدفت سيارة ودراجة نارية أثناء محاولة نقل الجرحى إلى خارج البلدة، وتمكنت الفرق من الدخول إلى البلدة بعد أكثر من 4 ساعات على عمليات الاستهداف، ونقلت الجرحى إلى مستشفيات قريبة ومنها إلى العاصمة دمشق.
ويروي أحمد كسحوت، وهو أحد سكان بلدة بيت جن، تفاصيل اللحظات الأولى للقصف الذي طال منزله فجر اليوم، قائلا “قبل الفجر بقليل سقطت قذيفة مدفعية على منزلي وأصابت إحدى الغرف بشكل مباشر، وبدأ الزجاج يتكسر وتسقط بعض رفوف المطبخ، وانتشر الغبار في أرجاء المنزل، وبدأ أطفالي الثلاثة بالصراخ من شدة الخوف، وكنا نشعر أننا سنفقد حياتنا في أي لحظة”.
اضطر كسحوت لإخلاء المنزل على الفور، وحمل أطفاله للخروج باتجاه أحد المنازل القريبة يحتوي على قبو للاختباء من القصف المستمر، ثم غادروا مع بداية شروق الشمس إلى منطقة مزارع بيت جن حيث تقطن إحدى شقيقاته بحثا عن مكان آمن، تاركا كل شيء خلفه.
وبعد أن شهدت البلدة حالة من الهدوء وتوقف القصف، صلّى الأهالي على ذويهم الضحايا في إحدى الساحات، ثم شيعوهم إلى مثواهم الأخير، وبعد الانتهاء من الدفن، عاد الأهالي إلى ساحة البلدة معلنين عن عزاء جماعي، وبدؤوا بالهتاف ضد الاحتلال الإسرائيلي مؤكدين أنهم لن يسمحوا له بالدخول إلى البلدة.
آثار الاشتباكات العنيفة التي اندلعت خلال تصدي أهالي بلدة بيت جن السورية لجيش الاحتلال (شبكة قدس الإخبارية عن وكالة سانا)دلالات العملية الإسرائيلية
أكد العميد أسعد الزعبي للجزيرة نت أن ما جرى في بلدة بيت جن يحمل جملة من الرسائل السياسية والعسكرية المتعمدة، ويتجاوز كونه حادثا أمنيا أو عملية اعتقال كما تحاول إسرائيل إظهاره.
وأضاف الزعبي أن الرسالة الأولى هي تزامن العملية مع مرور عام على انطلاق “معركة ردع العدوان”، وتحمل تأكيدا إسرائيليا بأنها لا تعترف بالواقع السوري الجديد ولا بمرحلة ما بعد سقوط النظام، وأنها بدأت منذ اليوم الأول محاولة إعادة رسم حدود نفوذها داخل سوريا، عبر تحريك شبكات محلية مرتبطة بها.
والرسالة الثانية -وفق الزعبي- هي الرد الإسرائيلي المباشر على رفض الحكومة السورية الجديدة لشروط اتفاق كانت إسرائيل تسعى لفرضه، معتبرا أن هذا الرفض يثير قلقا لدى تل أبيب لأنه يعني أن “القيادة السورية الحالية ليست مستعدة لتقديم التنازلات التي كان يطمح إليها الاحتلال”.
وأشار الزعبي إلى أن الرسالة الثالثة تأتي في سياق التطورات السياسية الأخيرة، إذ تحاول إسرائيل عرقلة أي تقارب سوري أميركي، وتوجيه رسالة بأنها غير معنية بموقف واشنطن ولا بقرارات مجلس الأمن، وأنها “ستفرض ما تريده بالقوة العسكرية”.
البعد العسكري
وشدد العميد الزعبي على أن ما جرى “غير منطقي عسكريا” إذا ما قورن بالذريعة الإسرائيلية، قائلا إن استخدام الطائرات وفتح النار بهذا الشكل يؤكد أن العملية مدبرة وليست حادثا أمنيا عابرا.
وأوضح أن إسرائيل تعمل منذ فترة على تثبيت نقاط عسكرية تمتد على مساحة تقارب 950 كيلومترا مربعا، انطلاقا من غربي بيت جن باتجاه خان أرنبة، ثم نبع الصخر، وصولا إلى المعلقة وصيدا الحانوت، وهي منطقة تشكل امتدادا طبيعيا لريف القنيطرة الذي تبلغ مساحته نحو 1800 كيلومتر مربع.
ويرى الزعبي أن هذه التحركات تُظهر سعيا إسرائيليا لإعادة ترسيم حدود احتلالها أو فرض اتفاق ضمن هذه المساحة، واعتبر أن ما يجري في البلدة “ليس حدثا عابرا”، مرجحا أن تواصل إسرائيل سياسة الاستفزاز والضغط والتخريب في المنطقة ضمن خطة طويلة الأمد، تهدف إلى “ترسيخ الاحتلال وفرض وقائع جديدة على الأرض”.
