واصل مهرجان دبي للفنون الأدائية الشبابية فعالياته لليوم الثالث على التوالي في منطقة الشندغة التراثية، بحضور حشد من المهتمين في المسرح ومجموعة كبيرة من الشباب، إذ شهد تقديم واحدة من أهم الأعمال ضمنه، على مسرح دبي الأهلي، وهي مسرحية «عطيل صانع الدمى»، حيث تحولت أركان قاعة العرض كافة، خشبة مسرحية متناغمة بفعل حضور الممثلين الفاعل فيها، ليكون اللقاء بين الممثلين والجمهور بشكل تفاعلي مباشر، بدا معه الجميع كجزء من العرض ويشاركون فيه، مما رفع مناسيب الحماس بشكل لافت.

والعمل من تأليف سالم التميمي، ومن إخراج عبدالله صنقور. كما شارك في التأليف الموسيقي للمسرحية عبدالعزيز الخميس، والإشراف العام أحمد مال الله، وتصميم الدمى: ميلانا رسول.

منذ اللحظة الأولى للدخول إلى مكان الفعاليات، انتشرت الدمى بكل أنواعها وألوانها على الأرض وفي الزوايا وعلى الجدران، لتأخذ المسرحية الحاضرين فوراً ألي عوالم الدهشة وتدخلهم في القصة بشكل مباشر، تهيئهم للحكاية بالكثير من التكهنات. ولم تكن تلك الدمى مجرد ديكور أو جزء منه فقط، بل كانت شخصيات محورية في العمل أسهمت في إثرائه وجماله.

المخرج وبطل العمل عبدالله صنقور أكد أن مسرحية «عطيل صانع الدمى» تقدم الشك البناء والإيجابي في نتائجه، بوصفه قوة قائمة قادرة على تمزيق الكثير من الأفكار غير المجدية داخل عقل الإنسان.

وتابع: مع هذه الرؤية في العرض، لا تتم رواية سقوط عطيل، بل انهيار عقل ابتلعه الشك حتى صار يرى الهموم حقيقة، والخوف دليلاً، ففي هذا العمل الشك ليس شعوراً عابراً، بل قوة تجعلنا قادرين وفاعلين ومتماسكين، وهو عمل مسرحي درامي يعيد تقديم مأساة عطيل من منظور يسيطر عليه الشك.

وأوضح صنقور أن العلاقات الإنسانية تتعرض بكل أسف لتلاعب من البعض في واقعنا، فما يكون حباً بين شخصين يمكن لأي طرف ثالث، ولو كان بحجم دمية صغيرة أن يشكك فيه وينهيه كما انتهت حياة «ديدمونة» في المسرحية، البطلة التي تموت ضحية الشك.

وحول تحويل المكان بمجمله إلى مسرح دائري، قال صنقور: «أشكر مهرجان دبي للفنون الأدائية الشبابية وكل القائمين عليه لأنهم دائماً ما يأتون بأفكار جديدة، ومنذ اللحظة الأولى التي تم إخبارنا بها أن العروض هذا العام ستكون في الهواء الطلق، أحببت أن أبادر بشكل مختلف ليكون العرض دائرياً فأتمكن من خلاله من التحرك بشكل أكبر والتفاعل مع الجمهور بشكل مختلف تماما، على الرغم من صعوبة هذا الأمر إلا انه أضفى بعداً مختلفاً وجميلاً خلال العرض».

من جهته، أشار مؤلف العمل سالم التميمي، إلى أنه يشارك للمرة الأولى في المهرجان بالكتابة، واختار نصاً للكبار، حيث اعتاد أن يكتب للأطفال، وارتأى أن يجعل الدمى شخصيات حقيقية تتحدث وتتفاعل مع الشخصيات الأخرى ولكل منها اسم أيضا، غاية إيصال العديد من الرسائل على لسان تلك الدمى التي تمكنت بالفعل من إيصال الأفكار كأي ممثل آخر.

وأضاف التميمي: «الرسالة التي رغبت في توجيهها إلى الشباب هي أن ينتبهوا إلى الذكاء العاطفي، وأن لا يتركوا للآخرين حرية تحريك علاقاتهم الجيدة والناجحة بالشكوك التي يزرعونها بينهم كي يدمروا تلك العلاقة، وان يكونوا أكثر نضجاً ووعياً في المشاعر».

وأعربت سارة المازمي، البطلة البالغة 19 عاماً، عن سعادتها بالمشاركة في هذا العمل، فعلى الرغم من أنها تمثل منذ عدة سنوات إلا أن هذه التجربة ساعدتها في إبراز الكثير من موهبتها خاصة وأنها كانت تشعر بالمشاركة المباشرة مع الجمهور من خلال هذا المسرح الدائري.