ماكرون وزيلينسكي

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة، التقى زيلينسكي بماكرون في باريس، كما عُقد اجتماع عن بعد بينهما وبين عدد من زعماء أوروبا2 ديسمبر/ كانون الأول 2025، 02:38 GMT

آخر تحديث قبل 2 ساعة

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن “هناك فرصة لإنهاء هذه الحرب الآن أكثر من أي وقت مضى”.

جاء ذلك أثناء مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأيرلندي خلال أول زيارة رسمية له إلى أيرلندا الثلاثاء.

وفيما يتعلق بخطة السلام، أوضح زيلينسكي أن بعض التفاصيل “ما زالت بحاجة إلى معالجة”، لكنه أكد أن الولايات المتحدة تتخذ “خطوات جدية” لإنهاء الحرب.

في سياق متصل، وصل المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، إلى موسكو استعداداً لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن مسودة خطة السلام المدعومة من واشنطن.

لم يظهر بوتين استعداداً لتقديم تنازلات، إذ يُعتقد أن روسيا تحقق مكاسب على أرض المعركة، بحسب ما كتبه محرر الشؤون الروسية في بي بي سي ستيف روزنبرغ.

وأدان رئيس الوزراء الأيرلندي ميشيل مارتن ما وصفه بـ “الاستخفاف التام” من جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقانون الدولي، مؤكّدًا أنه “يجب ألا يُسمح له بالنجاح مطلقًا”.

وأضاف مارتن أنه سيوقّع اتفاقية شراكة مع أوكرانيا، تتضمن زيادة الدعم المالي المقدم لها بمقدار 125 مليون يورو.

تحذير لفرنسا

أعلنت هيئة المخابرات الخارجية الروسية الثلاثاء أن الجيش الروسي سيعتبر الشركات العسكرية الخاصة الفرنسية أهدافاً رئيسية إذا بدأت في مساعدة أوكرانيا في الحرب.

وقالت الهيئة إن فرنسا تواصل “البحث عن طرق للمشاركة المباشرة في الصراع الأوكراني”، وذلك في إشارة إلى المرسوم الحكومي الفرنسي رقم 2025-1030 الصادر في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2025، والذي يجيز استخدام شركات عسكرية خاصة لدعم “دولة ثالثة منخرطة في مواجهة مسلحة”.

وجاء التحذير الروسي بعد يوم واحد من لقاء جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في باريس.

وأكدت الهيئة في بيان على موقعها الإلكتروني الرسمي أن “باريس لا ينبغي أن تتوهم بأن هذا القرار يطلق يدها ويعفيها في الوقت نفسه من المسؤولية عن تورط قواتها في النزاع”.

وأضاف البيان أن “وجود شركات عسكرية خاصة فرنسية في أوكرانيا، والتي يُشار إليها في المرسوم بوصفها ‘مشغّلين مرجعيين’ لوزارة القوات المسلحة، سيُعتبر من جانب موسكو مشاركة مباشرة من فرنسا في الأعمال القتالية ضد روسيا”.

وختمت الهيئة بالقول: “نتيجة لذلك، ستصبح هذه الشركات العسكرية الخاصة أهدافاً مشروعة وأولوية للقوات المسلحة الروسية”.

الرئيس الروسي فلاديمير بويتن يزور مركز قيادة مجموعة القوات الروسية المشتركة في سياق صراع عسكري ضد أوكرانيا في مكان مجهول، في هذه الصورة الثابتة المأخوذة من مقطع فيديو نُشر في 1 ديسمبر 2025

صدر الصورة، Reuters

جاء ذلك عقب إعلان روسيا الاثنين أنها سيطرت على مدينة بوكروفسك شرقي أوكرانيا، التي تُعدّ خط إمداد استراتيجياً للقوات الأوكرانية، إضافة إلى مدينة فوفشانسك في شمال شرق البلاد.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الاستيلاء على مدينة بوكروفسك الرئيسية شرقي أوكرانيا، سيُمكّن الجيش من مواصلة مهامه في عملياته الهجومية في أوكرانيا، في حين يتوجّه المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف إلى موسكو.

يأتي ذلك فيما وصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى أيرلندا مساء الاثنين لتلقي إحاطة شخصية من رئيس الوفد الأوكراني المفاوض رستم عمروف، الذي أكد إحراز “تقدم كبير” في محادثات فلوريدا، على الرغم من الحاجة إلى مزيد من العمل بشأن القضايا “الصعبة”.

وكان زيلنسكي قد التقى الرئيس الفرنسي في باريس صباح الاثنين؛ حيث أكد على ضرورة عدم مكافأة روسيا على غزوها أوكرانيا، قائلاً إن أولوياته خلال محادثات السلام هي الحفاظ على السيادة والحصول على ضمانات أمنية قوية.

ونشرت وزارة الدفاع الروسية مقطع فيديو قالت إنه يُظهر جنوداً روساً يرفعون عَلَمهم في الساحة المركزية لمدينة بوكروفسك، ولم يُقرّ المسؤولون الأوكرانيون بسقوط أيٍ من المدينتين في أيدي الروس.

ونقلت الوكالات الروسية عن بوتين قوله خلال زيارةٍ له يوم الأحد إلى أحد مراكز القيادة: “هذا تطورٌ مهم. جميعنا نُدرك مدى أهميته. سيضمن ذلك حلولاً للمهام التي حددناها في بداية العملية العسكرية الخاصة”.

وتُشير روسيا إلى غزوها المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف لأوكرانيا بأنه عملية عسكرية خاصة.

وأضاف بوتين: “تُمسك القوات المسلحة الروسية بزمام المبادرة بثقة، وتُواصل تنفيذ مهام العملية. وتتقدم القوات الروسية في جميع الاتجاهات تقريباً”.

ونُقل عن بوتين قوله إن أوكرانيا لم تتمكن من الرد على تقدم الجيش الروسي، مُشيراً إلى النجاحات المُسجلة جنوباً في منطقة زابوريجيا.

وفي تصريحاته، وصف بوتين الخسائر الفادحة التي تكبدتها القوات الأوكرانية في القتال بأنها “مأساة الشعب الأوكراني”.

أهمية بوكروفسك وفوفشانسك

جنود أوكرانيون يطلقون مدفع هاوتزر ذاتي الحركة باتجاه القوات الروسية بالقرب من بلدة بوكروفسك على خط المواجهة

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، جنود أوكرانيون بالقرب من بلدة بوكروفسك على خط المواجهة

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن مدينة بوكروفسك الأوكرانية في إقليم دونيتسك باتت بالكامل تحت سيطرة الجيش الروسي.

وقال بوتين في حديث لوسائل إعلام محلية في موسكو الثلاثاء بثته قناة “روسيا 24”: “بوكروفسك أصبحت بالكامل في أيدي الجيش الروسي”.

ودعا بوتين الصحفيين الأجانب إلى زيارة المدينة للتأكد بأنفسهم من أنها تحت السيطرة الروسية.

وفي اليوم الذي كان من المقرر أن يلتقي فيه مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، لإجراء محادثات حول أوكرانيا، أكد بوتين أن السيطرة على بوكروفسك ستسهل العمليات المستقبلية للجيش الروسي.

وأضاف أن المدينة “تشكل قاعدة جيدة لتنفيذ جميع المهام التي وُضعت منذ بداية العملية العسكرية الخاصة”، بما يتيح “تحرك الجيش الروسي في كل الاتجاهات التي تراها هيئة الأركان واعدة”.

وجدد بوتين تأكيده على أن الدول الأوروبية إما “لا تزال تعيش وهم إمكانية هزيمة روسيا”، أو أنها تدرك أن ذلك مستحيل لكنها “لا تريد الاعتراف به”.

واتهم بوتين الدول الأوروبية بصفة عامة بأنها “ترفض محادثات السلام” وتعمل على “عرقلة جهود الإدارة الأمريكية الحالية والرئيس ترامب لتحقيق السلام عبر المفاوضات”.

وقال: “ليس لديهم أجندة سلام، إنهم يقفون في صف الحرب”.

واتهم بوتين دولاً لم يسمها بمحاولة إدخال تعديلات على “خطط ترامب” بشأن أوكرانيا بهدف واحد فقط، وهو “عرقلة عملية السلام بالكامل، وطرح مطالب غير مقبولة على الإطلاق بالنسبة لروسيا، ثم تحميل موسكو مسؤولية فشل التسوية”.

ومنذ أشهر عدة، تدور معارك في بوكروفسك التي كان يقطنها نحو 60 ألفاً قبل الحرب. وقد تسلّل مئات الجنود الروس إلى المدينة منذ سبتمبر/أيلول، ما أدى إلى إضعاف دفاعات القوات الأوكرانية.

وتتمتع المدينة بأهمية استراتيجية كبرى لوقوعها عند تقاطع طرق وخطوط سكك حديد تؤدي إلى آخر معاقل القوات الأوكرانية في شرق البلاد.

وسيُصعّب سقوط المدينة إيصال الإمدادات إلى القوات الأوكرانية في محاور أخرى من الجبهة، كما يوفر للقوات الروسية منصة للتقدم غرباً حيث الدفاعات الأوكرانية أقل كثافة، وشمالاً باتجاه مدينتي كراماتورسك وسلوفيانسك الكبيرتين.

كما يهدد سقوطها بتطويق الحامية الأوكرانية في مدينة ميرنوغراد المجاورة.

وكانت كييف قد أرسلت تعزيزات إلى بوكروفسك مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، بينها قوات خاصة، ونفت أي حصار لقواتها في المنطقة.

أما فوفشانسك في منطقة خاركيف شمال شرقي البلاد، فهي محور معارك منذ مايو/أيار 2024، وقد دُمّرت بشكل شبه كامل. وظلت خطوط القتال فيها ثابتة لأشهر قبل التقدم الروسي الأخير.

ووصف وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف السيطرة على فوفشانسك بأنها “خطوة مهمة نحو تحقيق النصر وتحقيق أهداف” موسكو في أوكرانيا.

وقد أظهر تحليل أجرته وكالة فرانس برس لبيانات صادرة عن معهد دراسة الحرب الذي يعمل مع “مشروع التهديدات الحرجة” أن الجيش الروسي حقق في نوفمبر/تشرين الثاني أكبر تقدم له على الجبهة في أوكرانيا منذ عام.

ففي شهر واحد، سيطرت روسيا على 701 كيلومتر مربع في أوكرانيا، وهو ثاني أكبر تقدم لها بعد التقدم الذي أحرزته في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2024 والبالغ 725 كيلومتراً مربعاً، وذلك باستثناء الأشهر الأولى من الحرب في ربيع 2022.

تفاؤل أمريكي كبير

المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، تعقد مؤتمرًا صحفيًا في البيت الأبيض، في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، 1 ديسمبر/كانون الأول 2025.

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت

على الرغم من ذلك، أبدى البيت الأبيض الاثنين “تفاؤلاً كبيراً” بإمكان التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، حيث يلتقي ويتكوف الثلاثاء الرئيس الروسي، على أن ينضم إليهما صهر الرئيس ترامب ومستشاره جاريد كوشنر، وذلك بعد أكثر من ثلاث سنوات من غزو روسيا لأوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت “أعتقد أن الإدارة متفائلة جداً”، مضيفة أن الرئيس دونالد ترامب وفريقه “عملوا بجد من أجل هذه المساعي ويريدون جميعاً أن تنتهي هذه الحرب”.

وأضافت “في الأمس فقط، أجروا محادثات جيدة جداً مع الأوكرانيين في فلوريدا والآن بالطبع، المبعوث الخاص ويتكوف في طريقه إلى روسيا” حيث من المقرر أن يلتقي الرئيس الروسي.

وقد أنهى المفاوضون الأوكرانيون والأمريكيون يومين من الاجتماعات في فلوريدا، حيث عملوا على مراجعة خطة سلام وُصِفت بأنها منحازة لروسيا.

في حين بدا الرئيس الأوكراني أشد حذراً؛ حيث نشر على منصة إكس أن المحادثات كانت “بناءة للغاية”، لكن هناك “بعض القضايا الشائكة التي ما زالت قائمة ويتعين حلها”.

وصرّح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن “المسألة الإقليمية هي الأصعب”، إذ تواصل روسيا مطالبة أوكرانيا بالتخلي عن مناطق شرق دونباس التي لا تزال تسيطر عليها، وهو ما تؤكد كييف أنها لن تفعله أبداً.

وشدّد زيلينسكي على أن إرساء “أمن حقيقي” يقتضي الحرص على عدم نيل روسيا “أي مكافأة” عن هذه الحرب.

“لا توجد حالياً أي خطة سلام نهائية”

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعانقان بعضهما البعض بعد مؤتمر صحفي مشترك في قصر الإليزيه في باريس، فرنسا، 1 ديسمبر/كانون الأول 2025.

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

وجاءت تصريحات الرئيس الأوكراني بعد لقائه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، حيث انضم زيلينسكي إلى مكالمة هاتفية مع قادة أوروبيين، من بينهم قادة المملكة المتحدة وألمانيا وبولندا وإيطاليا.

وفي الخميس الماضي، صرّح بوتين بأن الأمريكيين عرضوا على روسيا مسودة خطة سلام، وأنها قد تُشكل “أساساً” لاتفاق مستقبلي لإنهاء الحرب.

وأثارت مسودة خطة السلام الأمريكية الروسية الأولية، التي نُشرت في نوفمبر/تشرين الثاني، حالة من الذعر في كييف وأوروبا.

فإلى جانب ميلها الشديد لمطالب موسكو، حددت المسودة أيضاً كيفية استثمار مليارات الدولارات من الأصول الروسية المجمدة حالياً في المؤسسات المالية الأوروبية، وشروط وصول كييف إلى أسواق الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، صرّح ماكرون بأنه “لا توجد حالياً أي خطة سلام نهائية تُذكر”، كما أصرّ على أن أي مقترح من هذا القبيل لا يمكن التوصل إليه إلا بمساهمة من أوكرانيا وأوروبا.

ويسعى القادة الأوروبيون جاهدين للمشاركة في المفاوضات منذ تسريب خطة السلام، وحثّوا الولايات المتحدة على إشراكهم في صياغة أي اتفاق مستقبلي.

وقال ماكرون إن المسألة الإقليمية “لا يمكن حسمها إلا من قِبل الرئيس زيلينسكي”، مشيراً إلى أن قضايا الأصول الروسية المجمدة، والضمانات الأمنية، والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي تحتاج إلى إشراك الدول الأوروبية.

وتحرص كييف وشركاؤها الأوروبيون على منح أوكرانيا ضمانات أمنية – مثل عضوية الناتو – تحميها من التعرض لهجوم جديد؛ لكن روسيا تعارض ذلك بشدة، كما استبعد دونالد ترامب أيضاً انضمام أوكرانيا إلى التحالف العسكري.

في الوقت نفسه، أشاد الرئيس الفرنسي بجهود إدارة دونالد ترامب لإنهاء الصراع، الذي بدأ عام 2014 بضم روسيا غير الشرعي لشبه جزيرة القرم، وجاء بعد ذلك غزوها الشامل لأوكرانيا عام 2022.

وأضاف: “ننتظر الآن الرد الروسي: هل هم مستعدون لوقف القتال وتحقيق السلام؟ أود أن أشير إلى أن الروس رفضوا ثلاث أو أربع مرات، لذا لا يبدو أنهم في عجلة من أمرهم”.

وتأتي هذه الجهود الدبلوماسية الأخيرة في الوقت الذي يتورط فيه زيلينسكي في فضيحة فساد خطيرة.

ففي يوم الجمعة، استقال رئيس مكتبه، أندريه يرماك، الذي قاد أيضاً الوفد الأوكراني في محادثات السلام، بعد أن داهم محققو مكافحة الفساد منزله، على الرغم من أنه لم يُتهم بارتكاب أي مخالفات، كما أُقيل وزيران من الحكومة.

وقال ترامب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية يوم الأحد إن أوكرانيا لديها “بعض المشكلات الصغيرة الصعبة”، في إشارة إلى الفضيحة، لكنه كرر وجهة نظره بأن روسيا وأوكرانيا تريدان إنهاء الحرب.