Published On 4/12/20254/12/2025
|
آخر تحديث: 00:54 (توقيت مكة)آخر تحديث: 00:54 (توقيت مكة)
انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي
share2
في خطوة هي الأولى منذ عقود، عقد اللبنانيون والإسرائيليون مفاوضات مدنية مباشرة يقول محللون إنها تنقل عمل اللجنة المكلفة بمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار إلى مستوى جديد، وربما تؤجل العملية العسكرية التي هددت بها إسرائيل، لكنها لن توقفها ما لم يتم نزع سلاح حزب الله.
وجرت المفاوضات في مدينة الناقورة بحضور مسؤولين من الجانبين وبمشاركة مورغان أورتيغوس، نائبة المبعوث الأميركي للمنطقة، والسفير اللبناني السابق سيمون كرم، ونائب رئيس قسم السياسات الخارجية الإسرائيلي.
ومثّل الاجتماع خطوة نحو تحقيق هدف الولايات المتحدة المتمثل في تجاور مسألة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين إلى ما هو أبعد من ذلك حيث يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب العمل على توسيع اتفاقات التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة.
وقال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام -في مقابلة خاصة مع الجزيرة- إن بلاده مستعدة لمفاوضات “فوق عسكرية” مع إسرائيل، وإن خطوة إدخال مدنيين للوفد تحظى بمظلة سياسية محصنة.
لن نطبع مع إسرائيل
بيد أن سلام، أكد على أن هذه المفاوضات “لا تهدف لاتفاق تطبيع مع إسرائيل، وإنما للحصول على حقوق لبنان الحدودية وتثبيت وقف العمليات العدائية، لأن السلام مرهون بالمبادرة العربية القائمة على حل الدولتين”.
ويعكس تعبير “مفاوضات فوق عسكرية” الذي استخدمه سلام لتوصيف المفاوضات الأخيرة، سعيه لإيجاد مستوى جديد من التفاوض مع إسرائيل لا يتعارض مع مبدأ عدم التفاوض السياسي المباشر مع دولة الاحتلال، كما يقول الكاتب السياسي نقولا نصيف.
فنقل المفاوضات من عسكرية إلى سياسية قد يجابه برفض من رئيس مجلس النواب نبيه بري، فضلا عن الرفض المبدئي لحزب الله، وفق ما قاله نصيف في برنامج “مسار الأحداث”.
ومع ذلك، فقد اختار لبنان الدبلوماسي سيمون كرم، الذي يقول نصيف إنه سياسي مخضرم أكثر من كونه دبلوماسيا، وهو أمر يتماشى مع موقف الرئيس جوزيف عون، الذي دعا قبل أيام للتفاوض مع إسرائيل من أجل نزع فتيل التوتر المتزايد.
وليس معروفا موقف التيار الشيعي من هذه الخطوة حتى الآن، لكن سلام قال في المقابلة إنها “تحظى بمظلة سياسية محصنة”، ومن بري، الذي وصفه بأنه أكبر من مجرد رئيس لمجلس النواب.
وتكمن مشكلة هذه المفاوضات في تعارض أجندتي البلدين؛ إذ تريد إسرائيل تجريد حزب الله من السلاح جنوب وشمال نهر الليطاني بينما لبنان يريد تطبيق بنود الاتفاق الأخير الذي ينص على انسحاب قوات الاحتلال وتثبيت الهدوء واستعادة الأسرى.
هدف إستراتيجي
وعلى الرغم من حساسية هذه المفاوضات لبنانيا ورفضها إسرائيليا فإنها كانت ثمرة ضغوط أميركية على الجانبين، برأي نصيف، وهي فرضية يؤيدها الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى.
فإسرائيل لا تريد التفاوض ولا التوصل لأي اتفاقات سواء في لبنان أو سوريا أو حتى في غزة، لكنها في الوقت نفسه تحاول التنصل من تهمة الاعتداء العسكري على لبنان كبلد، من خلال الجلوس معه على طاولة المفاوضات، كما يقول مصطفى.
ومع ذلك فإن هذه المفاوضات لا تعني أبدا قبول إسرائيل بالانسحاب من لبنان قبل نزع سلاح حزب الله الذي يقول مصطفى إنه أصبح هدفا إسرائيليا جامعا يجب تحقيقه سلما أو حربا، وهذا ما حدا برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، للقول إن المفاوضات تدور حول مسائل اقتصادية.
فمن ناحية، يحاول نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– امتصاص الغضب الداخلي من خلال التأكيد على أن التفاوض لا يستهدف سحب القوات من لبنان قبل نزع سلاح الحزب، ومن ناحية أخرى يحاول التمهيد لتوسيع العمليات العسكرية بالقول إنه منح المسار الدبلوماسي فرصة لكنه لم يحقق الأهداف المطلوبة، وفق قول المتحدث نفسه.
ولأن الولايات المتحدة تريد البناء على الاتفاق الحالي لتوسيعه مستقبلا كما هي نظرتها لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة أيضا، فسوف يعطيها نتنياهو فرصة لتحقيق نزع سلاح الحزب قبل أن يذهب لنزعه بالقوة، برأي مصطفى.
وفيما يتعلق بموقف حزب الله من هذه المفاوضات، يقول نصيف إنه لن يرفضها علنا لأن هذا يعني رفع نصف الغطاء الشيعي الذي حظي به سيمون كرم على الأقل، والمتمثل في موافقة بري، لكنه أيضا قادر على عرقلته.
ولا يتوقع نصيف أن يرد الحزب على هذه المفاوضات بطريقة عسكرية حتى لو لم يقبل بها لأنه لم يقدم على هذه الفعل منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، على الرغم من كل ما تلاه من اعتداءات إسرائيلية.
لذلك، فإن لبنان الرسمي -كما يقول نصيف- لا يملك أوراق قوة تذكر في هذه المفاوضات سوى التعويل على الدعم الأميركي والفرنسي شريطة أن ينهي فعلا مهمة نزع سلاح الحزب، الذي قال إنه “هُزم في الحرب، فهُزم معه لبنان”.
