الخميس 4 ديسمبر 2025

مرحبًا بكم مجددا في نشرة MBN الخاصة بإيران

قال المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي  ” السينما هي ما يظهر داخل الكادر… وما يبقى خارجه”. هذا الأسبوع، نتابع حياة أحد أبرز المخرجين الإيرانيين خلال فصل درامي خارج الكادر. كما نلقي نظرة على تغييرات مفاجئة عند محطات الوقود تمس حياة الإيرانيين اليومية، وعلى الارتفاع الحاد في عدد الإعدامات هذا العام.

وسنقرأ أيضاً حول دعوة الرئيس الإيراني للناس للتحلي بمزيد من اللطف، وما إذا كانت إيران ستشارك في قرعة كأس العالم غداً، إضافة إلى طريقة جديدة عن حصول الفقراء على الغذاء.

هذه النشرة جزء من خدمة جديدة تقدّمها شبكة الشرق الأوسط للإرسال(MBN)، المنصّة الإعلامية الموجّهة أولاً وبالأساس للمتحدثين بالعربية ولقضايا المنطقة. أرسلوا النصائح أو الاقتراحات أو الأسئلة إلى البريد الإلكتروني:

ailves@mbn-news.com
إذا كانت هذه النشرة قد وصلتكم عبر إعادة توجيه، فالرجاء الاشتراك للحصول عليها مباشرة.
اقرأوني بالانكليزية من هنا.

اقتباس الأسبوع: “أشعر أننا بحاجة إلى التفكير الآن… في ما سيحدث  لاحقا”

—المخرج الإيراني جعفر بناهي

أهم الأخبار

أصدرت محكمة الثورة في طهران، الاثنين، حكماً غيابياً بحق أحد أشهر المخرجين الإيرانيين، جعفر بناهي، بتهمة “القيام بأنشطة دعائية” ضد الدولة. ورغم أن الحكم — سنة سجن ومنع من السفر لعامين — يبدو خفيفاً نسبياً، فإن ما وراءه أهم مما يظهر على الورق.

بناهي، الذي يحظى بإشادة دولية واسعة، لم يعد داخل إيران أصلاً. وقد تلقى نبأ الحكم بينما كان في نيويورك لتسلّم ثلاث جوائز في حفل (جوائز غوثام)عن فيلمه “لم يكن سوى حادث” — أفضل فيلم دولي، وأفضل سيناريو أصلي، وأفضل إخراج. وتضاف هذه الجوائز إلى سلسلة تكريمات حصل عليها هذا العام، من بينها السعفة الذهبية في مهرجان كان في مايو الماضي.

بناهي ليس غريباً عن صدامات طويلة مع السلطات. فقد تلقى عام 2010 حكماً بالسجن ست سنوات ومنعاً من صناعة الأفلام والسفر لعشرين عاماً. وسُجن مرة أخرى عام 2022، وعاش لسنوات تحت رقابة غير رسمية ومنع مستمر. ودخل سجن إيفين سيّئ االسمعة، حيث يُحتجز عادة الكتّاب والناشطون والطلاب ومزدوجو الجنسية.

يمكن قراءة الحكم هذه المرة كرسالة “تحذير بلا صناعة شهيد”. فحكم طويل جديد بينما يحصد الرجل جوائز عالمية كان سيعزز مكانته كرمز مقاوم. لذا بدا النظام وكأنه يوازن بين إرسال رسالة ردع للفنانين وبين تجنب رد فعل دولي واسع.

الحكم يمنح السلطات ورقة ضغط في حال عودته. فوجود إدانة قضائية جاهزة يعني إمكانية احتجازه أو التفاوض عليه لاحقاً، أو حتى إصدار عفو مدروس إذا احتاجت طهران إلى “بادرة حسن نية” في لحظة سياسية معينة.

ولم يمر الحكم دون انتباه عالمي. فقد جاء بعد يومين من مقابلة نشرتها جريدة الفاينانشال تايمز بعنوان:
“لماذا يجب على جعفر بناهي أن يعود إلى البلد الذي سجنه”.

كتبتُ عن بناهي في أول عدد من إحاطة إيران في أكتوبر الماضي، بالتزامن مع عرض فيلمه الجديد في دور السينما الأميركية. فيلمه “لم يكن سوى حادث” يروي تداعيات حادث سير بسيط يؤدي إلى مطاردة عنيفة لجلّاد سابق، في ليلة متوترة تعكس انكسارات ما بعد السجن.

لطالما صوّر بناهي ما لا تريد السلطات عرضه: القيود الخانقة على النساء في «الدائرة»، غضب الطبقة العاملة في “الذهب القرمزي”، عبثية المنع في “تاكسي”، وأسطورية فيلم “هذا ليس فيلماً” الذي هُرّب على “فلاشة كمبيوتر” مخفية داخل قالب كعك بعد منعه من التصوير. بالنسبة له، كل خط أحمر ترسمه الدولة يتحول إلى مادة سينمائية.

ويأتي الحكم في وقت يُعاقَب فيه مخرجون آخرون مثل مريم مقدم، بهتاش صنايعه، سعيد روستايي، جواد نوروزبيگي، ومحمد رسولاف، بعقوبات تتراوح من السجن المعلّق إلى المنع الطويل من العمل والسفر، بسبب أفلامهم أو مشاركاتهم في مهرجانات أجنبية دون إذن رسمي.

إيران معروفة عالمياً بقطاع سينمائي نابض رغم القمع، وسنعود إليه بمزيد من التحليل قريباً. وقد كتبت الزميلة رندا جباعي مقالة تحليلية لافتة حول تاريخ الرقابة على السينما الإيرانية بعنوان: “بين إيفين والحرس الثوري: السينما الإيرانية إلى المنفى“.

املأ الخزان: تسعيرة وقود السيارات التي لا يثق بها أحد

الصورة: رويترز

أقرت الحكومة الأسبوع الماضي نظام تسعير جديد للبنزين يقوم على ثلاث شرائح، بإضافة شريحة ثالثة تبلغ 50 ألف ريال للتر — فوق الشرحتين السابقتين. وإليكم ما يواجهه السائقون اليوم:

– سعر منخفض مدعوم (15 ألف ريال) ضمن حصة شهرية باستخدام بطاقة الوقود الشخصية.

– سعر متوسط (30 ألف ريال) لكمية إضافية محدودة.

– السعر الأعلى الجديد (50 ألف ريال) لأي استهلاك يتجاوز السقوف المحددة أو لمن لا يملك بطاقة وقود — وهو عملياً “سعر سوقي”.

رغم أنّ الأسعار الجديدة للبنزين في إيران تبدو منخفضة نظرياً — فهي لا تتجاوز بضعة سنتات للّتر الواحد بالدولار — إلا أنّ أثرها الفعلي على الجيوب كبير. فالعامل الإيراني الذي يعمل بدوام كامل ويتقاضى ما يعادل أربعة أو خمسة دولارات يومياً سيشعر بعبء هذه الزيادات بسرعة. فالإيجار والطعام والخدمات الأساسية تلتهم معظم الدخل الشهري أصلاً، ما يجعل أي تعديل طفيف في أسعار الوقود يبدو ثقيلاً وغير متناسب مع القدرة الشرائية.

تسوّق الحكومة هذه الخطوة بوصفها إجراءً تقنياً لترشيد الاستهلاك والحد من التهريب، لكنّ كلمة “بنزين” مقرونة بعبارة “رفع الأسعار” تحمل لإيرانيين كثيرين ذكرى لا تمحى: نوفمبر/تشرين الثاني 2019، حين رفعت الحكومة أسعار البنزين المدعوم بنسبة 50% بشكل مفاجئ وفي منتصف الليل. خلال ساعات، امتدت الاحتجاجات—خصوصاً في المناطق العمالية—إلى عشرات المدن في أنحاء البلاد. وقد ردّت قوات الأمن بالذخيرة الحية، ما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص خلال أيام قليلة؛ وثّقت منظمة العفو الدولية أكثر من 300 ضحية، فيما تقول منظمات محلية ودولية إن الحصيلة الحقيقية ربما كانت أعلى بكثير، إلى جانب الآلاف من المعتقلين والمُعذّبين.

الجميع ينتظر ما إذا كان النظام الجديد سيؤدي إلى اضطرابات مشابهة. صحيفة مشرق نيوز المقرّبة من الحرس الثوري وصفت الإجراء بأنه “خطوة مهمة وضرورية”، مدعية أن “تفاعل الرأي العام كان إيجابياً” — وهو ادعاء مشكوك فيه. أما تسنيم، رغم قربها من الحرس، فانتقدت التنفيذ ووصفت إلغاء حصة السيارات الجديدة بأنه “غير عادل وغير مهني”. وبالمقابل، شنّت رويداد24 الإصلاحية هجوماً واضحاً، قائلة إن “الحكومة نفسها لا تمتلك منطقاً واضحاً لهذا القرار”، متهمة إياها بعدم الشفافية.

هوس الإعدامات في إيران

تُنفّذ إيران نحو أربع إعدامات يومياً. ووفق تقرير جديد للزميل دلشاد حسين بعنوان: “الإعدام… سلاح إيران ضد الجيل المقبل”
فقد وصلت الإعدامات هذا العام إلى مستويات غير مسبوقة منذ أواخر الثمانينيات، مع تجاوز العدد 1,500 حالة إعدام في 2025. وتشير بيانات مركز “عبد الرحمن بورومند” إلى تنفيذ 194 إعداماً في نوفمبر وحده.

تعتبر منظمات حقوقية أن طهران تستخدم الإعدام لترهيب مجتمع شاب مضطرب، لا لإنفاذ العدالة. ويركّز التقرير على قضايا مراهقين أكراد، كقصة جيلان (17 عاماً) من مهاباد، الذي اعتُقل بالقرب من مكان احتجاجات عام 2022، وأُعدم دون إبلاغ عائلته أو تسليم جثمانه. ويصف والده كيف اضطر لدفع رشاوى لرؤية ابنه مرة أخيرة، قبل أن يفر إلى كردستان العراق.

قصة أخرى هي أوميد رحماني، الذي اعتُقل بعمر 16 عاماً في أورمية، وتعرض لأشهر من التعذيب والاعترافات القسرية قبل أن تدفع عائلته كفالة سمحت له بالهرب خارج البلاد.

ويرى ناشطون أن استهداف القاصرين مقصود لأنهم كانوا في الصفوف الأمامية لانتفاضة 2022–2023، وأن العديد من أحكام الإعدام تُغلف بملفات “جنائية” لإخفاء دوافعها السياسية، خصوصاً في المناطق الكردية والبلوشية. ويُذكر أن القانون الإيراني يربط المسؤولية الجنائية بسن “البلوغ الشرعي” — 9 سنوات قمرية للفتيات و15 للفتيان.

ثلاثة بثلاثة

في هذا القسم، أستعرض لكم أبرز القصص التي لفتت الانتباه في وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية خلال الأسبوع الماضي.

الصورة: رويترز

الرئيس يعظ باللطف

في مؤتمر “الأسرة، المستقبل، الروابط المستدامة” في طهران، قال الرئيس مسعود بزشكيان إن “لا يمكن تغيير المجتمع بالتهديد وفرض الأوامر”، داعياً إلى معاملة الخصوم كأطراف حوار لا كأعداء — وجاء ذلك في اليوم نفسه الذي صدر فيه حكم بناهي. وأضاف: “للناس أذواق وآراء مختلفة، وعلينا تقبّل هذه الاختلافات”.

الرياضة في مواجهة السياسة

أعلنت إيران مقاطعة قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن بعد رفض الولايات المتحدة منح التأشيرات لعدد من أعضاء وفدها، بينهم رئيس الاتحاد مهدي تاج — رغم احتمال تراجع القرار. وستمتد البطولة 39 يوماً بمشاركة 48 فريقاً في 16 مدينة عبر الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

الدعم يتحول رقمياً

لا تزال المساعدات النقدية الشهرية للفقراء في مستوى متدن جداً رغم ارتفاع الأسعار. وبموجب نظام جديد، ستُضاف زيادة طفيفة عبر رصيد غذائي إلكتروني يُصرف فقط داخل متاجر محددة، لشراء سلة ضيقة من المواد الأساسية — مما يعكس اتجاهاً متزايداً نحو التحكم الدقيق في إنفاق الأسر بدل رفع دخلها الفعلي.