الشاعرة الدنماركية ماريانا لارسن (صورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي)
عن عمر يناهز أربعة وسبعين عاماً، تُوفيت الشاعرة والكاتبة الدنماركية ماريانا لارسن مساء أول أمس الثلاثاء، بعد صراع طويل مع المرض، كما أعلنت دار نشرها “إكباتانا”. وترحل لارسن بعد نحو خمسين عاماً من الكتابة، جعلتها أحد أهم الأصوات الشعرية منذ السبعينيات.
ولدت لارسن عام 1951، وأصدرت خلال مسيرتها أكثر من أربعين كتاباً شعرياً، بدأت مع مجموعتها الأولى “تركيزات” عام 1971، وكل كتاب حملَ مشروع الكتاب الذي يليه، ضمن رؤيتها للكتابة بوصفها عملية متواصلة تتوالد فيها الأعمال في متتالية تجريبية. وتميّزت كتابتها بفضاءات حلمية وسريالية، وباستخدام اللغة اليومية في سياق النقد الاجتماعي، مع انشغالها بقضايا الهشاشة الإنسانية التي تظهر في موضوعات المرض والوحدة.
اعتبرها النقّاد نسخة دانماركية عن كافكا، لانشغال أدبها بالاغتراب داخل بيئات بيروقراطية. وتميّزت جملتها الشعرية بتركيبات غير مألوفة تنتج صوراً مكثفة وساخرة. كتبت قصائد هايكو، وإن كانت تكسر وزنه التقليدي وتكتفي ببناء الصورة الشعرية، ويعدّ الشاعر الصيني لو شين أحد مُلهميها. وقد حصلت في عمر مبكر نسبياً (سبعة وثلاثين عاماً)، على منحة التفرغ مدى الحياة التي يمنحها الصندوق الوطني للفنون.
إلى جانب الكتابة، عُرفت لارسن ناشطة سياسية يسارية، وكانت لغتها جزءاً من هذه الانشغالات، لكن من دون أن يكون ذلك في إطار أدب سياسي مباشر، بل عبر نقد ساخر ومبطّن لظواهر التمدّن الخاوي، وللسياسات المهيمنة على المجتمع، من الدول الكبرى واقتصاد السوق، وصولاً إلى تحكّم التكنولوجيا بالحياة اليومية.
من نصوصها المترجمة إلى العربية، والمنشورة في “العربي الجديد”، ترجمة الروائية العراقية دُنى غالي:
“حلمتُ
بأنّ كلَّ واحدٍ منّا
قد فَهم جيّداً
بأننا عِشنا
بأنّ الطيور عرفت كلّ شيء عن
أغانيها
بأن الأسماك لزمتِ الصمتَ
من دون صعوبة تُذْكَر
بأن الأزهار كانت على بيّنة
من تورّدها
بأن كلَّ كلبٍ قد أدركَ
أن كلَّ آخر غيره ينبح
بأن جسدي بلا شكّ قد فَهِمَ
أن يكون رائعاً
حلمتُ حُلماً
مئة ثانيةٍ متلاحقة
لأنها سرعان ما ستكون
منذ شهر مضى
حين ــ بدفعةٍ واحدة ــ استيقظتُ
لِهَلَعِ جديدٍ في العالم
حتى حياة الإنسان
كلّ حياة البشر في حرب
مع جيشٍ من أشباح الطبيعة
على مقبض الباب والجِلْد وكلّ ما هو قريب
وفهمتُ فجأةً: لا شيء
لا شيء من كورونا العالم
عدا أن نتّبعَ بلطف وهدوء
أوامر القائد الأعلى
أن نبتعدَ عن بعضنا
ولا أحد يعرف إلى متى؟”
من مجموعاتها الشعرية: “سندريلا”، و”حيث تكون”، و”يوميات عقل دنماركي صغير”، و”الصباح الذي لم أكن فيه حشرة”، و”بلاغ من عبد”، و”الوحدة اللاأخلاقية”، و”مقصورة الطفولة: حلم”، و”شعور كتابي”، و”وقائع ذات سوداوية منهَكة”. ولها في الروائية ثلاثية: “خمّن من يحبك”، و”سعادة غريبة”، وغاليري الواقع”. نالت لارسن خلال مسيرتها عدداً من الجوائز الأدبية، من بينها ميدالية إميل أورستروب (1983)، جائزة بياتريس (1989)، جائزة اتحاد المكتبات (1991)، إضافة إلى الجائزة الكبرى للأكاديمية الدنماركية (2022).
