قالت لى أمى إن أم كلثوم قبلتنى على خدى وأنا طفل رضيع، سوف أروى لكم حكاية القبلة فى نهاية المقال.
عندما أستعيد أرشيفى، أكتشف أن أم كلثوم وعلى مدى نصف قرن هى صاحبة النصيب الأكبر من عناوين مقالاتى، أتصور أن فيلم (الست) وضعها مجددا فى البؤرة، بمجرد عرض (التريلر) صارت هى العنوان!!
حكايتى مع أم كلثوم تتشابه مع كل حكايات جيلى، أرى الأب والأم يترقبون حفلتها فى (الراديو) التى تذاع على الهواء، وبعد أيام يتم عرضها تليفزيونيا، أنا دائما فى حالة دهشة، لا أدرى لماذا هذا الإقبال الهستيرى على أغانيها، ولم أدرك سر هذا اللهاث، إلا بعد أن وصلت لمرحلة الشباب.
كل من التقيت بهم من كبار الفنانين، كنت حريصا على أن أعرف منهم سر (الست).
أم كلثوم تبدو وكأنها تملك الختم، من تغنى له يستطيع أن يتباهى بين الجميع بأنه يحمل ختم التميز، التقيت مع أربعة لم تغن ألحانهم وكل منهم له حكاية.
الملحن والممثل عبد العظيم عبد الحق، قال لى إنها عرضت عليه كلمات أغنية (لسه فاكر)، كلماتها فى البداية (لسه فاكر قلبى تانى يرق لك)، قبل أن يغيرها عبد الفتاح مصطفى إلى (لسه فاكر قلبى يديلك أمان) ويعيد صياغة كل الأبيات للحفاظ على القافية، قالت له أم كلثوم بعد أن استمعت إليه (حلو يا عبد العظيم، بس الناس دلوقتى عايزة الجمل الموسيقية القصيرة) وأدرك طبعا أنها ترفض اللحن، تحليل عبد العظيم أنها أوقفت التعامل معه ليس بسبب أن الجمل الموسيقية طويلة، ولكن لأنها حذرته من كتابة أى خبر عن الأغنية، بينما نشر كمال الملاخ فى صفحته الأخيرة بالأهرام (من غير عنوان)، هذا العنوان (أم كلثوم تغنى من ألحان عبد العظيم عبد الحق).
الموسيقار أحمد صدقى سألته لماذا لم تغن أم كلثوم من ألحانك، قال لى إنه اسمعها قصيدة (أغار من نسمة الجنوب / على محياك يا حبيبى) وقالت له نفس الإجابة (الناس تحب الجمل الموسيقية القصيرة) وأسندت الكلمات للموسيقار رياض السنباطى، عندما سألت صدقى لماذا لم تكرر المحاولة مع أم كلثوم، جاء رده بكل حدة وغضب بكلمات لم أجرؤ وقتها على نشرها.
أما الموسيقار منير مراد، فلقد قال لى إنها اتفقت معه قبل رحيلها مباشرة، أن يلحن لها خمس أغنيات قصيرة تقدمها فى حفل واحد، وعندما قال لها إنه يلحن أغنيات خفيفة وهى تغنى أعمالا رصينة، أجابته أنها تريد منير مراد الذى لحن لشادية وعبد الحليم أغنيات مثل (يا دبلة الخطوبة) و(بكرة وبعده) و(ضحك ولعب وجد وحب)، وكأنها أرادت فى سنواتها الأخيرة إعلان ثورة لحنية على كل رصيدها السابق، ويبقى الموسيقار محمود الشريف الذى أصدرت عنه كتاب (أنا والعذاب وأم كلثوم) وارتبط مع (الست) بقصة حب وصفها بأنه لم يكن (الشاطر حسن) وهى لم تكن (ست الحسن والجمال)، واعتبر أن سنواته معها مأساة، سألته ماذا لو التقيتها فى العالم الآخر، أجابنى سأقول لها (لماذا لم نحقق حلمنا بمسرح غنائى أطلقنا عليه وقتها اسم (ثومة)). وبماذا تتوقع الرد؟ أجابنى ستقول (عندك حق يا محمود)!!
ونعود للقبلة، الحكاية أن أمى ذهبت للمشاركة فى (زار) وكانت تحملنى، بيديها، وعندما شاهدتنى أم كلثوم التى كانت بصحبة محمد القصبجى نالنى منها تلك القبلة (بس خلاص)!!
