أم كلثوم كانت حاضرة فى مهرجان (البحر الحمر) ليس بفيلم (الست) الذى كان هو عنوان مهرجان (مراكش)، الذى واكبت أيامه مهرجان (البحر الأحمر) وهو ما يدعونا للمطالبة بضرورة التنسيق بين كل المهرجانات العربية وتلك طبعا حكاية أخرى.
كعادة مهرجان (البحر الأحمر) واصل خطته فى ترميم عدد من أهم أفلامنا المصرية فى كل دورة، ومع أول دورة والتى تم تأجيلها فى اللحظات الأخيرة بسبب كورونا تم ترميم عدد من أفلام المخرج الكبير خيرى بشارة، واستمرت خطة المهرجان فى الترميم، لأن الفيلم المصرى اسمه المتداول (فيلم عربى) ولهذا يشعر العربى أنه يرمم فيلما يحافظ فيه على الذاكرة العربية السينمائية وهو ما يعنيه شخصيا.
هذا العام وقع اختيار المهرجان على فيلمى (نشيد الأمل) و(عايدة)، الجناح المصرى الذى أقامته مدينة الإنتاج الإعلامى فى سوق المهرجان أحد الأجنحة النشطة جدا، وسوق الأفلام تشهد هذا العام أكبر تجمع وتلاقح فى الأفكار، وعادة ما يسفر عن مشروع سينمائى قادم، نراه فى الدورة القادمة.
أم كلثوم دائما ما تحظى بالمقدمة، تصادف هذا العام (اليوبيل الذهبى) مرور ٥٠ عاما على رحيلها، لنتأكد أنها لا تزال تملك الحضور الطاغى بل وقادرة أيضا على سرقة الكاميرا.
أم كلثوم لم تكن تتمتع بمواهب فى فن أداء الممثل مثلها مثل محمد عبد الوهاب، إلا أن أفلامها التى لم يتجاوز عددها ٦، لعبت دورا مهما جدا وحيويا فى فتح أبواب متعددة للأغنية السينمائية على مستوى الكلمة والنغمة، كما أنها حفظت للتاريخ وللأجيال القادمة أم كلثوم (مرئية)، لم نسجل كل حفلات أم كلثوم، حتى بعد بداية التليفزيون المصرى فى البث عام ١٩٦٠ اكتشفنا أن تلك الحفلات جزء منها اختفى بفعل فاعل وتم بيعه لتليفزيونات عربية، وجزء منها تبدد بسبب الإهمال، لأننا لم ندرك أهمية تلك التسجيلات، أرشيفنا المرئى والذى نرى جزءا يسيرا منه محققا أعلى كثافة مشاهدة فى برنامج مثل (ماسبيرو زمان) يؤكد كم كان لدينا من كنوز فرطنا مع الأسف فى جزء كبير منها .
مشروع ترميم الأفلام والوثائق المرئية أراه مشروعا قوميا بالأساس وواجب الدولة المسارعة فى تنفيذه، ولا ينكر أحد أن حسين فهمى رئيس مهرجان القاهرة يسهم فى كل دورة بنصيب معتبر بترميم عدد من الأفلام، ولكنه يستحق أن يصبح هدفا قوميا للدولة.
يعتقد البعض أن الترميم فقط للأفلام الجيدة وهذا ضد معنى التوثيق، الوثيقة كانت وتظل تحمل أهميتها بعيدا عن محتواها، قطعا من حق المهرجانات مثل (القاهرة) أو (البحر الأحمر) انتقاء الجيد، هذا مقدر جدا ومفهوم وأيضا مطلوب، لأنه يعرض عادة تلك الأفلام على جمهور من حقه أن يستمتع، وواجب المهرجان أن يوفر له كل أسباب المتعة، ولكن عندما نتحدث عن التاريخ فلا نفرق بين فيلم (بداية ونهاية) وفيلم (الكمساريات الفاتنات) الفيلم الأخير مثلا تم تصويره مواكبا لتعيين كمساريات لأول مرة فى أتوبيسات (النقل العام) وهو قرار كما ترى جرىء اجتماعيا عام ١٩٥٧ إلا أنه لم يستمر طويلا، والفيلم برغم تواضع مستواه الفنى إلا أنه يوثق هذا القرار، مثل أيضا فيلم (اللص الشريف) الذى يوثق أول مونولوج أو لعله المرة الوحيدة التى ذكرنا فيها اسم محمد نجيب أول رئيس مصرى فى هذا المقطع بصوت إسماعيل ياسين (الجيش ونحيب/ عملوا ترتيب).
أم كلثوم أطلت علينا هذا العام أيضا من (البحر الأحمر)، بفيلمى (نشيد الأمل) و (عايدة) لتؤكد حضور (الست)!!.
