خلال الدورة الثانية والعشرين من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وتحديدًا داخل ورشات الأطلس التي تُعد مساحة لظهور المواهب المغربية والعربية والإفريقية، التقى موقع “ميدل ايست اونلاين” بالمنتجة و المخرجة المغربية رشيدة السعدي عن شركة أورزازات فيلمز وجنات برود، وتحدثتنا عن واحد من أبرز المشاريع السينمائية المغربية هذا العام، وهو الفيلم الروائي الطويل “حتى الفجر” للمخرج محمد زين الدين، وهو سادس أفلامه الطويلة.

فيما يلي  نص الحوار:

ما الذي يميز فيلم “حتى الفجر”، ولماذا قُدم داخل ورشات الأطلس؟

“حتى الفجر” عمل طموح يقوم على رؤية تتجاوز الحدود.

ومحمد زين الدين مخرج يمتلك معرفة أكاديمية وأدبية راسخة، درس الفن السابع في إيطاليا، وعاش زمنًا خارج المغرب، مع حفاظه على صلته العميقة ببلده.

الفيلم يستلهم رواية “محاولة عيش” للكاتب المغربي الراحل محمد زفزاف، ويعود إلى سبعينيات القرن الماضي ليتناول الإقصاء والتهميش اللذين يطاولان الفئات الشعبية، عبر لغة بصرية وسمعية قوية التأثيرن بينما جرى اختيار الفيلم ضمن فقرة العرض الخاص في الأطلس، وهي مساحة مرموقة لا يُقبل فيها سوى عمل واحد  كما حدث العام الماضي مع شريط مصري فاز لاحقًا بمكانة وازنة.

هذا الاختيار يتيح لنا لقاء موزعين، وقنوات تلفزية، وممثلي مهرجانات كبرى مثل برلين وكان والبندقية.

حدّثينا عن الحكاية. ماذا سيكتشف الجمهور خارج المغرب؟

يرسم الفيلم صورة “حميد”، فتى في السادسة عشرة يعيش مع والديه في حي هامشي بمدينة القنيطرة، إذ يبيع “حميد” الجرائد في الحانات التي يرتادها جنود أمريكيون ونساء يمتهنّ الدعارة، وفي الميناء والشوارع.

ويمزقه صراع بين رغبة أمه في تزويجه من فتاة عرجاء بالجوار، وبين هوس أبيه باللقالق، وبين حبه الجديد لامرأة يلتقيها في إحدى الحانات، بينما العنف الاجتماعي والثقافي الذي يتعرض له يدفعه إلى مواجهة خيانات موجعة، فيما تجسد المرأة التي يحبها شكلاً آخر من اليأس.

وتبلغ الأحداث ذروتها في واقعة قاسية تدفع “حميد” وتلك المرأة إلى الهرب… هروب يرمز إلى بحثٍ كوني عن ملاذ، عن خيط ضوء.

والفيلم يعتبر تحية للأدب المغربي، وخاصة لمحمد زفزاف، كصوت المهمشين ومرآة لمغرب قلّما يظهر في السينما.

و المخرج  محمد زين الدين غادر المغرب سنة 1984 لدراسة السينما، وبعد سنوات من الأسفار والعمل عاد عام 1997 وصوّر فيلمه الأول “اليقظة” المستلهم من لقائه بزفزاف. وبعد ثلاثة عقود، يعود إلى عالم زفزاف عبر “محاولة عيش” في حوار فني جديد.

ما دور شركة “جنات برود ” في هذا العمل وفي دعم السينما الحرة بالمغرب؟

أُسست شركة جنات برود سنة 2007، وهي راسخة في الواقع الاجتماعي المغربي، وأنتجنا أعمالًا روائية قصيرة وطويلة، ودعمنا أشرطة وثائقية، وفضاءات للإقامة الفنية، وورشات للكتابة.

وفي فيلم “حتى الفجر” نحن المنتج الرئيسين ومدة الفيلم 90 دقيقة، وتبلغ ميزانيته نحو خمسمائة ألف يورو، بينما تجاوزنا مرحلة مهمة: الفيلم يوجد الآن في طور التنقية والمونتاج، وسيُعرض في فبراير 2026.

ما الذي تنتظرونه من السوق السينمائية المصاحبة للمهرجان؟

نرغب في توسيع حضور الفيلم خارج المغرب، ونبحث عن موزعين، وعن مساندة فنية، وعن فرصة للعرض في مهرجانات كبرى، وعن اتفاقيات لبثّ الفيلم على القنوات، وورشات الأطلس تشكل فضاء مناسبًا لربط هذا الجسر بين السينما المغربية والعالم.

كلمة أخيرة للقراء ومحبي السينما المغربية؟

فيلم “حتى الفجر” مُهدى لكل من يبحث عن بصيص نور في نهاية النفق، وهو تحية جمالية وعاطفية لمحمد زفزاف، ونحن سعداء بتقديمه للجمهور المغربي وللمشاهدين في الخارج، لعشاق السينما وللمهتمين بالأدب على حد سواء.