Published On 16/12/202516/12/2025

|

آخر تحديث: 11:04 (توقيت مكة)آخر تحديث: 11:04 (توقيت مكة)

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

دمشق- خلال أقل من أسبوعين تعرّضت دوريات تابعة لقوات الأمن العام والجيش السوري والضابطة الجمركية لـ3 هجمات على الطريق الدولي دمشق/حلب، مما أدى لمقتل 7 عناصر وإصابة آخرين، واتهمت مصادر أمنية حكومية تنظيم الدولة الإسلامية بالمسؤولية عن ذلك.

واستهدف مسلحون، أول أمس الأحد، دورية “أمن الطرق” التابعة للأمن العام في معرة النعمان جنوب إدلب، ما أدى إلى مقتل 4 عناصر وإصابة آخر بجروح خطيرة نُقل على إثرها إلى المشفى لتلقي العلاج.

وقال مصدر أمني في أمن الطرق بمعرة النعمان للجزيرة نت، إن تنظيم الدولة هو المسؤول عن العمليات التي تستهدف عناصر تابعة للحكومة السورية، من مختلف قوى الأمن، وخصوصا أن التنظيم تبنّى جميع العمليات في الآونة الأخيرة.

وأضاف المصدر -الذي فضل عدم الكشف عن هويته- أن الهجوم كان عبر سيارة تُقلّ مسلحين أطلقوا النار على سيارتين لأمن الطرق، وقتلوا العناصر داخل مركباتهم، ثم لاذوا بالفرار.

“علاقة تخادمية”

وتابع المصدر “الاستخبارات السورية وقوات الأمن العام كثفوا عمليات تعقب عناصر تنظيم الدولة واعتقلوا العشرات وذلك بعد انضمام سوريا للتحالف الدولي ضد التنظيم وذلك تحسبا لازدياد نشاطه”.

وقبل أسبوع، قُتل عنصران من الضابطة الجمركية التابعة لهيئة المنافذ البرية والبحرية نتيجة اعتداء مسلّح وقع في منطقة الزربة بريف حلب، كما أصيب عنصران آخران بجروح متفاوتة خلال الهجوم.

كما استهدفت -بداية الشهر الجاري- عناصر من وزارة الدفاع على جسر سراقب بريف إدلب الجنوبي، ما أدى لمقتل أحدهم وإصابة آخر بجروح، كما وقع اعتداء على الدورية التي كانت مكلّفة بمرافقة شاحنة ترانزيت، بحسب مصادر أمنية. وكل هذه الاعتداءات -وفق المصدر الأمني- تبنّاها تنظيم الدولة في بيانات رسمية.

وفي تحليله للوضع الأمني في سوريا، يؤكد الباحث في الشؤون العسكرية، رشيد حوراني، أن العمليات التي يقوم بها تنظيم الدولة تجري في مناطق كان فيها سابقا. وبالتالي، يلعب العمل على تحسين الواقع الاجتماعي والتنموي دورا كبيرا في كبح محاولات التنظيم لتجنيد عملائه بتلك المناطق.

آثار زجاج السيارات بعد استهداف مركبات لأمن الطرق في معرة النعمان(الجزيرة نت)آثار زجاج السيارات بعد استهداف مركبات لأمن الطرق في معرة النعمان (الجزيرة)

ومن جانب آخر، يظهر ذلك العلاقة التخادمية بين تنظيم الدولة من جهة، والمليشيات الإيرانية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) من جهة أخرى، إذ بقيت منطقة البادية وتدمر لسنوات طويلة مسرحا لعمليات بين الأطراف الثلاثة. واليوم، تجد هذه الأطراف، التي يمكن وصفها بالخاسرة، فرصة للتخادم بينها وضرب الحكومة السورية، والتشكيك بإمكانياتها أمام أميركا في محاربة تنظيم الدولة.

ويضيف حوراني للجزيرة نت، أن المنطقة الشرقية بشكل خاص تعد بيئة هشة ورخوة أمنيا لعدة أسباب، أبرزها:

أنها ميدان عمل جديد لقوات الحكومة السورية.
خبرة تنظيم الدولية بها، ومحاور التحرك فيها والتخفّي والتمويه داخلها، وتجنيده العديد من أبنائها.

ويدلل اعتقال القوات الأميركية لعدد من سكان تدمر بعد العملية على وجود معلومات عن متعاملين مع التنظيم في المنطقة.

قتلى وجرحى من أمن الطرق جراء استهداف سيارتهم من قبل مجهولين على الطريق الدولي في معرة النعمان بريف إدلب#سوريا pic.twitter.com/5OSqwtVuFh

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) December 14, 2025

ملاحقة فاعلة

أما في الشمال الغربي، فيعتبر حوراني أن الحملات التي قامت بها الحكومة السورية ناجحة، وتدل على امتلاكها معلومات عن تنظيم الدولة وتحركاته في المنطقة التي أُديرت من قبلها لفترة طويلة تمتد منذ 2017. ومع ذلك، تحتاج الحكومة لجهد أكبر في المناطق الجديدة، خاصة تلك التي لم يكن لها بها سابق عهد كالبادية.

وخلال الشهر الماضي، قالت وزارة الداخلية السورية -في بيان- إن وحداتها نفّذت عملية أمنية واسعة استهدفت خلايا تابعة لتنظيم الدولة في عدد من المحافظات. وأضافت الوزارة أن عملياتها، التي جرت بالتعاون مع جهاز المخابرات العامة ضد التنظيم، أدت لتفكيك عدة خلايا وإلقاء القبض على مطلوبين.

وتعتبر أكبر الاستهدافات التي نفّذها التنظيم تلك التي جرت في تدمر قبل أيام، حيث أكدت وزارة الداخلية أن شخصا ينتمي للتنظيم تسلّل -السبت الماضي- إلى موقع اجتماع ضم مسؤولين من قيادة الأمن السوري في البادية ووفد من التحالف الدولي، ثم أطلق النار على القوات المشتركة السورية الأميركية، ما أدى لمقتل جنديين أميركيين ومترجم وإصابة اثنين آخرين.

مكان استهداف الذي أودى بحياة 4 عناصر أمنية(الجزيرة نت)المصادر الأمنية السورية أكدت أن تنظيم الدولة تبنّى رسميا هجومه على قوى الأمن (الجزيرة)”نتائج معاكسة”

من جهته، يقول الباحث في العلاقات الدولية، فراس علاوي، للجزيرة نت، إن الاستهداف، مهما كانت الجهة التي تقف خلفه، يهدف بالدرجة الأولى إلى خلط الأوراق ومحاولة تغيير النظرة الأميركية تجاه الحكومة السورية، لا سيما في ظل مرحلة التقارب التي تمر بها العلاقات السورية الأميركية حاليا.

وأوضح أن الجهة المنفّذة، سواء كانت دولة، أو أجهزة مخابرات دولية، أو حتى فاعلا من دون مستوى الدولة كتنظيم مسلح، فإن الهدف يبقى واحدا، وهو إرباك المشهد السياسي والتأثير في مسار العلاقات بين واشنطن ودمشق.

وأضاف أن هناك احتمالا آخر يتمثل في أن يكون تنظيم مسلح هو من نفّذ العملية، وفي هذه الحالة يكون الهدف إظهار الحكومة السورية بموقف الضعف، خاصة في ظل خلافات وعداء سابق بين التنظيم والهيئة، مشيرا إلى أن العملية في جميع الأحوال كانت تسعى إلى خلط الأوراق.

لكن علاوي لفت إلى أن ما حدث جاء بنتائج معاكسة، إذ وقفت أميركا إلى جانب الحكومة السورية، وكان تصريح الرئيس دونالد ترامب واضحا، حيث أكد دعمه لها، وأبدى انزعاجه مما جرى، وتحدث بشكل مباشر إلى الرئيس السوري أحمد الشرع.

وبيّن أن هذه العملية، بدلا من أن تترك أثرا سلبيا، أسهمت في إحداث تأثير إيجابي على العلاقات الأميركية السورية، على الأقل على المدى القصير، متوقعا أن تشهد المرحلة المقبلة تنشيطا وزيادة في مستوى التفاعل والتعاون بين البلدين، خاصة في ملف مكافحة ما تصفه واشنطن بـ”الإرهاب”، والمقصود به تنظيم الدولة.

وختم الباحث علاوي، مشيرا إلى أن سرعة الموقف الأميركي والتصريح الواضح الصادر عن الإدارة الأميركية سَعَيا لمنع أي تأويلات أخرى قد تستغلها أطراف معارضة داخل أميركا، مثل الديمقراطيين المعارضين لإدارة ترامب، أو أطراف أخرى، للتشويش على مسار العلاقات الأميركية السورية.

يشار إلى أن جميع الاستهدافات التي تمت خلال الأسبوعين الماضيين كانت على طريق “إم 5” الواصل بين دمشق وحلب وتركّزت في ريفي حلب وإدلب الجنوبيين.