بيروت / وسيم سيف الدين / الأناضول

** المحلل السياسي غسان ريفي:
– الصورة الإيجابية التي أعطاها لبنان لمبعوثين دوليين لا تترجم في ظل مواصلة إسرائيل اعتداءاتها
– أي حرب ستؤلّب الرأي العام العالمي ضد إسرائيل وتضفي شرعية على “حزب الله” الذي التزم بوقف النار
** المحللة الكاتبة ميسا عبد الرازق:
– الموقف الرسمي اللبناني يؤكد أن خيار التفاوض هو البديل عن الحرب”
** المحلل السياسي جورج عاقوري:
– حزب الله يصر على التمسك بسلاحه والتباهي بإعادة بناء ترسانته، ونرى الدعم الإيراني له
– الوفود الدبلوماسية إلى لبنان حملت رسائل تحذير واضحة منها إنهاء ملف سلاح الحزب قبل نهاية العام

يشهد لبنان أسبوعا دبلوماسيا حافلا بالحراك العربي والدولي، يركز على دعم الجيش وتعزيز الاستقرار جنوبي البلاد، في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية اليومية رغم اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

هذا النشاط الدبلوماسي، بحسب محللين سياسيين تحدثوا للأناضول، يجمع بين محاولات تعزيز الشرعية الوطنية للجيش اللبناني، ورفع التحديات أمام أي عمل عسكري محتمل من قبل إسرائيل.

لكن آراء المحللين اختلفت حول السيناريوهات المستقبلية، بين مستبعد للحرب لأنها تضفي شرعية على “حزب الله” بتسويغ أي رد قد يصدر عنه، وآخر متأكد من أن الحرب واقعة بسبب بطء لبنان بتنفيذ تعهدات حصر السلاح بيد الدولة، وثالث يرى احتمالية الحرب لا حتميتها.

والاثنين، بدأ الأسبوع الدبلوماسي من الجنوب بجولة سفراء عرب وأجانب برفقة قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل، على أن ينتهي الجمعة مع ختام الاجتماع الـ 15 للجنة “الميكانيزم” خلال العام 2025.

وأنشئت لجنة “الميكانيزم” بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله”، وتقوم بمراقبة تنفيذه، وتضم ممثلين عسكريين من لبنان وفرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “يونيفيل”.

وفي موازاة الحراك الدبلوماسي داخل لبنان، استضافت العاصمة باريس، الخميس، محادثات موسعة جمعت مسؤولين فرنسيين وسعوديين وأمريكيين مع قائد الجيش اللبناني، وانتهت إلى “تجديد دعمها للجيش اللبناني، ولخطة الحكومة الرامية لنزع سلاح الجهات الفاعلة غير الحكومية”، في إشارة إلى سلاح “حزب الله”.

كما أعلنت باريس في إفادة رسمية عقب الاجتماع، أن فرنسا والسعودية والولايات المتحدة “ستعقد مؤتمرا دوليا في فبراير 2026 بهدف دعم الجيش اللبناني”، دون أن تحدد مكان انعقاده أو الموعد الدقيق.

في إطار الحراك الدبلوماسي ذاته، وصل بيروت، الخميس رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ويلتقي الجمعة، رؤساء الجمهورية جوزاف عون، والوزراء نواف سلام، ومجلس النواب نبيه بري.

* دعم دولي وعرقلة إسرائيلية

المحلل السياسي الكاتب الصحفي غسان ريفي، يقول إن “لبنان يستقبل عددا كبيرا من الدبلوماسيين والمبعوثين الدوليين، إلا أن هذه الزيارات لا تترجم عمليا على أرض الواقع، في ظل مواصلة إسرائيل اعتداءاتها اليومية دون أن تعير اهتماما لهذه التحركات”.

ويرى أن “العالم بات على قناعة بأن لبنان قام بكل ما هو مطلوب منه، سواء على مستوى الحكومة التي نفذت الشروط الدولية، أو على مستوى الجيش اللبناني الذي أدى المهام الموكلة إليه وفق الإمكانات المتاحة”.

ريفي يشير إلى أن “الجولة الدبلوماسية التي نظمها الجيش اللبناني في الجنوب للاطلاع على الإجراءات المتخذة، أكدت هذا الأمر، وخلّفت انطباعا إيجابيا لدى السفراء العرب والأجانب حول ما يقوم به الجيش”.

لكن هذه الصورة الإيجابية لا تكتمل لأن “الجهة التي تعرقل عمل حكومة وجيش لبنان هي إسرائيل، التي لا تزال تحتل النقاط الخمس في الجنوب، ما يمنع الجيش اللبناني من الانتشار فيها”.

ويلفت ريفي إلى أن دخول الجيش اللبناني إلى التلال الخمس التي احتلتها إسرائيل خلال الحرب الأخيرة، لتضاف إلى مناطق تحتلها منذ عقود، يعني إما الاشتباك مع القوات الإسرائيلية الموجودة هناك، أو التطبيع معها في حال عدم المواجهة، وفي الحالتين، لا قرار (لبناني) بذلك”.

* لا حرب جديدة

وحول فرص اندلاع عدوان جديد، يستبعد ريفي أن تقدم إسرائيل على شن حرب في الوقت الراهن، معتبرا أنها ستضفي شرعية على “حزب الله” في حال رد بعد التزامه الطويل بوقف إطلاق النار.

ويعتبر أن أي حرب ستؤدي إلى تأليب الرأي العام العالمي ضد إسرائيل، في ظل اقتناع دولي بأن “حزب الله” لم يخرق اتفاق وقف إطلاق النار، وبأن الحكومة اللبنانية التزمت بالشروط، وأن الجيش قام بواجباته، وبشهادة السفراء.

* تصعيد محتمل

من جهتها، تقدر المحللة السياسية الصحفية ميسا عبد الرازق، أن “لبنان لا يزال عرضة لاحتمال تكثيف الاعتداءات الإسرائيلية أو حرب جديدة، رغم اعتماده الخيار الدبلوماسي، لا سيما بعد تعيين السفير سيمون كرم رئيسا للوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم، ليكون أول مسؤول غير عسكري يكلف بمهمة مماثلة”.

وجاء تكليف الرئاسة اللبنانية لكرم، برئاسة وفد البلاد في اجتماعات اللجنة، بعد تأكيد جوزاف عون في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أنه “لا بد من التفاوض” مع إسرائيل لحلّ المشاكل “العالقة”، وهي خطوة انتقدها “حزب الله” واعتبرها “سقطة للحكومة ومخالفة لكل التصريحات التي كانت تقول إن إشراك أي مدني شرطه وقف الأعمال العدائية”.

وفي هذا الإطار، تشير عبد الرازق إلى أن “الموقف الرسمي اللبناني، كما عبّر عنه رئيس الجمهورية، يؤكد أن خيار التفاوض هو البديل عن الحرب”.

وتؤكد أن “لبنان التزم باتفاق وقف إطلاق النار، في حين تجاوزت الخروقات الإسرائيلية الـ10 آلاف خرق”.

عبد الرازق تشير إلى أن “إسرائيل تبرر خروقاتها بسلاح حزب الله رغم قرار الحكومة اللبنانية في أغسطس/ آب الماضي بحصر السلاح بيد الدولة، والإجراءات التي نفذها الجيش اللبناني، حيث أنجز أكثر من 90 بالمئة من المهمة جنوب نهر الليطاني”.

وتذهب إلى أبعد من ذلك، حيث ترى أنه “رغم ما تحقق، لا يمكن استبعاد عدوان إسرائيلي جديد بذريعة (استهداف) سلاح حزب الله”.

وتعتبر أن زيارة رئيس الوزراء المصري إلى لبنان، الخميس، “تحمل رسائل دبلوماسية في سياق التهدئة ومنع التصعيد”.

* على حافة الهاوية

أما المحلل السياسي الكاتب الصحفي جورج عاقوري، فيرى أن لبنان يواجه “اللعب دائما على حافة الهاوية”، مشيرا إلى أنه “يعيش اليوم فترة الوقت القاتل وليس الوقت الضائع”.

ويتحدث عاقوري عن “تلكؤ من قبل حزب الله عن القيام بما تعهّد به حين دعم خطاب القسَم (للرئيس عون) والبيان الوزاري واتفاق وقف إطلاق النار”.

ويشير إلى “إصرار الحزب على التمسك بسلاحه والتباهي بإعادة بناء ترسانته”، ويتطرّق إلى “الدعم الإيراني السافر لحزب الله عبر المواقف والاجتماعات التي تُعقد في العلن”.

ويحذّر الكاتب من “خطر تعرّض لبنان لضربة إسرائيلية كبيرة رغم جهود الجيش والدولة اللبنانية، بسبب الإيقاع البطيء (بحصر السلاح) في مواجهة التطورات الإقليمية”، في إشارة إلى تغيرات جوهرية في المشهد، أهمها سقوط نظام البعث في سوريا وتراجع نفوذ إيران بالمنطقة.

كما يلفت إلى أن “الزيارات والوفود الدبلوماسية التي توجهت إلى لبنان حملت رسائل تحذير واضحة بأن الوقت ليس لصالح البلاد، وأن هناك تهديدًا حقيقيا من إسرائيل”.

ويرى عاقوري أن “المرحلة الفاصلة ستكون مرتبطة باجتماع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية الشهر الحالي، والذي قد يحدد إمكانية منح لبنان مهلة زمنية قصيرة لاستدراك التأخير في مواجهة سلاح حزب الله”.

ويقول إن “الولايات المتحدة، عبر مسؤوليها، طالبت بالانتهاء من سلاح الحزب قبل نهاية العام، لكن من غير المعروف ما إذا كانت ستنجح في إقناع إسرائيل بمنح لبنان وقتا إضافيا”.

وعلى وقع ضغوط أمريكية إسرائيلية، أقرّت الحكومة اللبنانية في 5 أغسطس حصر السلاح بيد الدولة بما في ذلك ما يمتلكه “حزب الله”، قبل أن تعلن في سبتمبر/ أيلول المنصرم، ترحيبها بالخطة التي وضعها الجيش لتنفيذ القرار والمكونة من 5 مراحل.

غير أنها لم تحدد مهلة زمنية لتطبيقه، إلا أن المرحلة الأولى تشمل سحب سلاح “حزب الله” من جنوب الليطاني حتى نهاية العام الجاري.

في المقابل قال الأمين العام لـ”حزب الله” نعيم قاسم في أكثر من مناسبة، إن الحزب يرفض ذلك، ويطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل الأراضي اللبنانية.

ويأتي ذلك، بينما يتحدث الإعلام العبري، منذ الأسبوع الماضي عن “استكمال” الجيش الإسرائيلي إعداد خطة لشن “هجوم واسع” ضد مواقع تابعة للحزب، إذا فشلت الحكومة والجيش في لبنان بتنفيذ تعهدهما بتفكيك سلاحه قبل نهاية عام 2025″.

وقتلت إسرائيل أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا آخرين، خلال عدوانها على لبنان الذي بدأته في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قبل أن تحوله في سبتمبر 2024 إلى حرب شاملة، توقفت باتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر من العام ذاته.

كما عمدت إلى خرق اتفاق وقف إطلاق النار أكثر من 4500 مرة، ما أسفر عن مئات القتلى والجرحى، فضلا عن احتلالها 5 تلال لبنانية سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق أخرى تحتلها منذ عقود.



الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.