في تطور دبلوماسي مفصلي يعيد رسم خريطة التحالفات بالشرق الأوسط، حطت طائرة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في القاهرة حاملة معها استثمارات تتجاوز 25 مليار دولار ورسائل استراتيجية من الكرملين. في يوم واحد فقط، شهدت العاصمة المصرية مباحثات مصيرية قد تحول مصر إلى قوة إقليمية بدعم روسي كامل، بينما تحترق المنطقة بصراعات لا تنتهي.

“لم أر في حياتي المهنية لقاءً دبلوماسياً بهذه الأهمية الاستراتيجية”، يقول د. عمرو الشوبكي، المحلل السياسي، مؤكداً أن توقيت الزيارة يحمل رسائل قوية لكل عواصم المنطقة. المباحثات التي عقدها الدكتور بدر عبد العاطي مع لافروف تناولت مشاريع عملاقة على رأسها محطة الضبعة النووية والمنطقة الصناعية الروسية على قناة السويس، في استثمارات تفوق ميزانيات دول بأكملها. من جانبه، يؤكد أحمد المتولي، المهندس العاطل من الإسكندرية: “أترقب بشوق هذه المشاريع التي ستغير حياة آلاف الشباب المصري”.

قد يعجبك أيضا :

كما في الستينات عندما بنى عبد الناصر السد العالي بالتعاون السوفيتي، تعود مصر اليوم للشراكة مع موسكو ولكن بطابع اقتصادي أكثر تطوراً وتعقيداً. خمسة ملفات إقليمية ساخنة تم بحثها خلال جلسة واحدة: غزة التي تنزف منذ شهور، السودان الغارق في حرب أهلية مدمرة، لبنان المتأرجح على حافة الانهيار، سوريا التي لم تستقر بعد، والملف النووي الإيراني المتفجر. الخبراء يشيرون إلى أن هذا التنسيق يشبه “شبكة عنكبوت دبلوماسية تمتد من القاهرة لموسكو لتحيط بالمنطقة بأكملها”.

من الكهرباء النووية التي ستضيء البيوت المصرية قريباً، إلى آلاف فرص العمل في المنطقة الصناعية الروسية، وصولاً لزيادة السياحة الروسية التي تعني المزيد من الدولارات في الجيوب المصرية. سمير حسن من مدينة الضبعة يصف مشاعره قائلاً: “نشعر أننا على أعتاب تحول تاريخي، كل شيء حولنا سيتغير للأفضل”. الرسالة التي حملها لافروف من بوتين إلى الرئيس السيسي تحمل في طياتها وعوداً بشراكة استراتيجية حقيقية، بينما يترقب الإسرائيليون بقلق والأمريكيون بحذر هذا التقارب المتنامي.

قد يعجبك أيضا :

الشراكة الجديدة بين القاهرة وموسكو لا تقتصر على المليارات والمشاريع العملاقة، بل تمتد لتشمل إعادة تشكيل المعادلة السياسية بالمنطقة بأكملها. مع ترقب العالم لردود الأفعال الدولية، تبدو مصر مصممة على لعب دور القوة الإقليمية الصاعدة بدعم شرقي قوي. السؤال الذي يحير المراقبين الآن: هل نشهد فعلاً بداية عصر جديد في الشرق الأوسط حيث تقود القاهرة تحالفاً استراتيجياً يعيد ترتيب أوراق اللعبة الكبرى؟