ناقشت اللجنة المشرفة على مراقبة وقف إطلاق النار بين جماعة “حزب الله” وإسرائيل، الجمعة، كيفية إعادة النازحين إلى ديارهم ومعالجة المشاكل التي تواجه المدنيين للمساعدة في منع تجدد الحرب، ومعضلة نزع سلاح جماعة “حزب الله” ودعم الاقتصاد، وذلك خلال اجتماعها في بلدة الناقورة الساحلية، جنوبي لبنان.

وذكرت السفارة الأميركية في بيروت، في بيان صحافي، أن المشاركين المدنيين ناقشوا في اجتماع، الجمعة، في بلدة الناقورة، خطوات لدعم العودة الآمنة للسكان الذين شردتهم الحرب التي دارت في عامي 2023 و2024 والمضي قدماً في إعادة الإعمار الاقتصادي.

وأضافت أن المشاركين اللبنانيين والإسرائيليين اتفقوا على أن التقدم السياسي والاقتصادي الدائم ضروري لتعزيز المكاسب الأمنية وضمان الاستقرار والازدهار على المدى الطويل.

وقال مصدر مطلع على المناقشات لوكالة “رويترز” إن اللجنة تناولت أيضاً الخلافات حول كيفية الحد من الأسلحة في المناطق الواقعة إلى الجنوب من نهر الليطاني ونشر الجيش اللبناني في المنطقة التي تتمركز بها جماعة “حزب الله”.

وأوضحت اللجنة أن تعزيز الجيش اللبناني الذي وصفه المشاركون بأنه الضامن للأمن جنوبي نهر الليطاني والذي كانت جماعة “حزب الله” تتفوق عليه في التسليح لسنوات عديدة، أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الاستقرار.

وأكد الرئيس اللبناني جوزاف عون خلال لقاء مع رئيس الوفد المفاوض بلجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار سيمون كرم أولوية عودة سكان القرى الحدودية إلى منازلهم، وذلك خلال استقباله رئيس الوفد المفاوض في لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل السفير سيمون كرم، بحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية.

من جانبه، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الاجتماع تضمن مناقشات حول سبل تعزيز المبادرات الاقتصادية، مما يدل على الاهتمام المشترك بإزالة تهديد حزب الله وضمان الأمن المستدام للسكان على جانبي الحدود، بحسب البيان.

توسيع المحادثات

وعكس الاجتماع الخامس عشر للجنة مسعى أميركياً طويل الأمد لتوسيع نطاق المحادثات بين الجانبين إلى ما هو أبعد من مراقبة وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في عام 2024، تماشياً مع مساعي الرئيس دونالد ترمب الرامية إلى ترسيخ اتفاقات السلام في أنحاء منطقة الشرق الأوسط.

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل و”حزب الله” في نوفمبر من العام الماضي بوساطة أميركية، بعد قصف متبادل لأكثر من عام، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم اتفاق الهدنة وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.

ويعود العداء بين لبنان وإسرائيل رسمياً لأكثر من 70 عاماً. ومنذ التوصل إلى وقف إطلاق النار، تبادل الطرفان الاتهامات بارتكاب انتهاكات بينما واصلت إسرائيل شن غاراتها التي أودت بحياة المئات، قائلة إنها تستهدف محاولات “حزب الله” لإعادة بناء قدراته العسكرية.

وفي الاجتماع الذي عقدته اللجنة في الثالث من ديسمبر، وهو أول اجتماع يضم مدنيين من الجانبين، قال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام إنه يأمل أن تساعد مشاركة المدنيين في نزع فتيل التوتر.

تأكيد أميركي

من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الجمعة، إن الولايات المتحدة تريد حكومة لبنانية لا تسمح بعودة سيطرة جماعة “حزب الله”، مشيراً إلى أنه من مصلحة الجميع أن يكون لبنان مستقراً.

وأضاف روبيو، رداً على سؤال من “الشرق” خلال مؤتمر صحافي: “من مصلحة الجميع أن يبقى لبنان مستقراً ويحافظ على سيادة أراضيه ويتمكن من نزع سلاح جماعة حزب الله، لذلك نبذل ما في وسعنا لتدريب الجيش اللبناني”، بحسب تعبيره.

وتابع: “من الواضح أن الجميع لا يريد أن يستعيد حزب الله قدرته لكي يعمل كوكيل لإيران، في الوقت الذي تتواصل فيه المحادثات الثنائية بين إسرائيل ولبنان من أجل المضي قدماً”.

وأقرت الحكومة اللبنانية في سبتمبر خطة قائد الجيش رودولف هيكل لحصر السلاح بيد الدولة، غير أن جماعة “حزب الله” ترفض نزع سلاحها، وإن كانت قد سمحت للجيش بالسيطرة على مستودعات لها في جنوب البلاد بعد اتفاق الهدنة، ولم تطلق النار على إسرائيل منذ ذلك الحين رغم الهجمات الإسرائيلية.

في سياق متصل، رحب الرئيس اللبناني، الجمعة، بالإعلان عن اتفاق أميركي فرنسي سعودي، في باريس، الخميس، يتضمن عقد مؤتمر دولي خاص لدعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، معبراً عن عميق تقديره لهذه المبادرة التي تأتي في وقت يحتاج فيه لبنان إلى مساندة المجتمع الدولي لتعزيز مؤسساته الأمنية والدفاعية.

وقال عون إن “الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والقوة الأمنية الأخرى يمثلون الضمانة الأساسية لأمن لبنان واستقراره وسيادته ويشكّل دعمهم استثماراً في استقرار لبنان ومستقبله، وفي قدرته على بسط سيادته على كامل أراضيه وحماية حدوده”.

وأضاف الرئيس اللبناني: “نثمّن عالياً الدور القيادي للولايات المتحدة وفرنسا والسعودية في هذا المسعى، ونتطلع إلى تعاون دولي واسع في هذا المؤتمر لتوفير الدعم اللازم لتحديث قدرات الجيش والأجهزة الأمنية وتعزيز جاهزيتها”.