غزّة وأهل الفن بين الملتزم بالإنسانية والأخلاق وبين المنحاز للإبادة والمؤيد للجرائم العنصرية

بيروت ـ «القدس العربي»: تساقطت آخر أيام العام 2025 على بعض من تشابه مع العام 2024. فالإبادة التي بدأتها الصهيونية الإحلالية على الشعب الفلسطيني تواصلت وبوتيرة أكبر بكثير. عنف غير مسبوق في التاريخ ألقى بظلاله على نسبة كبيرة من الفنانين. فإذا بهم يوجهون الإدانة الصريحة والواضحة لجريمة الكيان العنصري. حيث بات الصمت أو الحياد مشاركة بالجريمة، وإدانتها تعني إلتزاماً أخلاقياً بتساوي البشر في الحقوق على هذه الأرض.
ففي أيلول/سبتمبر الماضي وقّع حوالي 4000 ممثل من هوليوود على بيان يتعهدون فيه، بعدم بث أفلامهم وأعمالهم الفنية في مهرجانات أو فعاليات إسرائيلية. ما شكّل تطوراً كبيراً لجهة الموقف الثقافي والإنساني. ومن هؤلاء الفنانين إيما ستون، واندرو غارفيلد، وخواكين فينيكس.
وموسيقياً وقّع 1000 فنان على بيان بمقاطعة إسرائيل تحت شعار «لا موسيقى للإبادة الجماعية». وطالب بعضهم هيئات البث الإسرائيلية بالإمتناع عن بث الموسيقى الخاصة بهم عبر أية وسيلة في الكيان. مقاطعة تركت صداها الواسع في دولة الاحتلال.
فيما كان العالم بفنانيه وموسيقييه يهب مديناً الإبادة الجماعية بحق أهل غزّة، كانت ردود الفعل خجولة للغاية في العالم العربي، سواء من الممثلين أو المطربين. ربما هو خوف على لقمة عيشهم، من غضب شركات الإنتاج العربية.

فيلم «صوت هند رجب» يخطف القلوب

فيلم مؤثر مادته الأساسية صوت طفلة، عاشت لعدة ساعات وسط جثامين أهلها وأقاربها في سيارة داخل قطاع غزّة. طفلة خاطبت الطبيب العامل في مكتب التنسيق في الهلال الأحمر الفلسطيني لإنقاذها، تبكي بشدة وتعبر عن خوفها. وتخبره بأن كل من حولها «ميتين». بالنهاية قتلتها آلة الموت الصهيونية، وقتلت عدداً من المسعفين الذين حاولوا إنقاذها. وتحولت هند رجب إلى رمز، وتحوّل صوتها إلى بطل يتضمّن مزيجاً من رعب الموت المقبل إليها ومحاولة التمسك بالحياة.
«صوت هند رجب» عُرض للمرة الأولى في 3 ايلول/سبتمبر 2025 في مهرجان البندقية في إيطاليا. سكت الصوت، فوقف الحضور مطلقين عاصفة تصفيق لـ24 دقيقة متواصلة. ومن هذا المهرجان نال الفيلم جائزة لجنة التحكيم الكبرى وهي الأسد الفضي، ومعها ست جوائز موازية. قراءة في تلك الجوائز وضعتها في خانة التصويت الأخلاقي والإنساني مع شعب يواجه عالماً مفترساً.
وكان «صوت هند رجب» فيلم الافتتاح للدورة الأولى من مهرجان الدوحة السينمائي، ونال جائزة مميزة. عرض حضره فريق من المسعفين الفلسطينيين من غزة وبينهم الطبيب الدكتور يونس الخطيب. كما وعرض الفيلم في مهرجان سينما البحر الأحمر. وبه اُختتم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في خطوة ليست من تقاليده، وكان العرض بالغ الأثر. وكانت للفيلم عروض أخرى خاصة في بعض الدول العربية.
أما العرض العالمي الكبير فكان في قاعة مجلس الوصاية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث نظّمت اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرّف في بداية شهر كانون الأول/ديسمبر عرضاً خاصاً لـ«صوت هند رجب» بحضور مخرجته التونسية كوثر بن هنية. وحضره دبلوماسيون وصحافيون ومهتمون من مختلف البلدان إحياءً لليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وفي ختامه كان نقاش مع مخرجته المرشحة لجوائز الأوسكار.

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
وترميم الأفلام القديمة

على صعيد الجوائز منحت لجنة التحكيم في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ46 جائزة الهرم الذهبي كأفضل فيلم لـ«اليعسوب». فيما نال الأخوان طرزان وعرب ناصر الفلسطينيان جائزة الهرم الفضي كأفضل مخرج عن فيلمهما «كان يا مكان في غزّة». وحصد نجم الفيلم مجد عيد جائزة أفضل ممثل. وحصد الفيلم الفلسطيني «ضايل عنّا عرض» جائزة الجمهور.
فلسطينياً كذلك كرّم مهرجان القاهرة الممثلة والكاتبة والمخرجة الفلسطينية هيام عباس بمنحها جائزة الهرم الذهبي. هيام عبّاس من مواليد سنة 1960 في الناصرة، شاركت في أكثر من 100 فيلم، وبرعت في تقديم أدوار إنسانية منوعة، عبّرت عن فرحتها بهذه الجائزة العربية. وضمن فعاليات مهرجان القاهرة في دورته الـ46 كرّمت أيام القاهرة لصناعة السينما إثنين من الأسماء الفلسطينية البارزة، هما المنتج والمخرج محمد قبلاوي، والفنان آدم بكري، وذلك اعترافاً بدورهما الإبداعي عربياً ودولياً.
وفي المهرجان أيضا عُرض من فلسطين الفيلم الوثائقي «فلسطيني على الطريق» للمخرج اسماعيل الهبّاش. تتبع الهبّاش مسيرة السيد المسيح من الناصرة إلى القدس. محطات كثيرة تخللت مسيرته. وفيما السيد المسيح ناضل بوجه الرومان واليهود في زمانه، يخوض الشعب الفلسطيني نضالاً دموياً للغاية بعد مرور 2000 عام. فماذا كان سيفعل السيد المسيح/ الفلسطيني النسب والحسب لو بُعث من جديد؟ إنه أحد الأسئلة التي يطرحها الفيلم حول الاستيطان والصهيونية بكافة أشكالها ودمويتها.
ورشة ترميم الأفلام القديمة التي تُشكّل ذاكرة مصر وشعبها أخذت طريقها إلى التنفيذ. اُسندت المهمة إلى خبراء مختصين تمكنوا من إعادة الروح إلى مجموعة كبيرة من الأفلام. مشروع الترميم بات في مراحله الأخيرة، وشكّل مهمة وطنية بالنسبة للمصريين، وهم الممولون.

مهرجان الدوحة السينمائي الأول:
وذاكرة الشعوب

مهرجان الدوحة السينمائي في دورته الأولى امتدّ من 20 إلى 28 تشرين الثاني/نوفمبر، وتميز افتتاحه بفيلم «صوت هند رجب». وكانت أيامه الثمانية مفعمة بالعروض العربية والدولية. منها فيلم «فلسطين 36» للمخرجة آن ماري جاسر التي قالت: «نحن لا نصنع أفلاماً عن الحدث السياسي، بل عن البشر الذين يعيشون تحت الاحتلال، ويقاومون الحياة اليومية، وعرض الفيلم في الدوحة يحمل قيمة خاصة. هنا يشعر المخرج بأن صوته لا يُنسى، وأن الجمهور العربي يفهم المشهد من دون حاجة إلى شرح إضافي. الفن يصبح لغة مشتركة تجمع الناس على الإنسانية قبل كل شيء».
وإلى حكايات شعب فلسطين تحت الاحتلال في مهرجان الدوحة، كانت حكايات أخرى مؤلمة من أنحاء مختلفة من الوطن العربي من السودان وسوريا ولبنان ومخيمات اللاجئين الفلسطنيين على أرضه، والكونغو الديمقراطية. وعن ذلك قال عبد الله المسلم، نائب مدير المهرجان: نحن لا نقدم أفلاماً وحسب، بل ذاكرة. إنها روايات الناس الذين لم يُسمح لهم أن يحكوا قصصهم». هذا وشارك المخرجون الشباب في قطر بالعديد من الأفلام تحت عنوان «صُنع في قطر».

لبنان ومهرجانات السينما ومقر جديد لسينما متروبوليس

المفاجأة الإيجابية افتتاح مقر جديد لسينما متروبوليس، بعد خمس سنوات من اقفال صالة صوفيل. المقر الجديد في مار مخايل يضمّ صالتي عرض ومكتبة ومساحات خارجية، وبات منذ كانون الأول/ديسمبر 2024 يستقبل الرواد الباحثين عن الأفلام المستقلة. قدّمت متروبوليس العديد من المهرجانات، منها مهرجان سينما الواقع، ومهرجان شاشات الجنوب والذي استمر لعشرة أيام، واستضافت أفلاماً من أربع قارات، ومن 35 بلداً. كما استقبلت مهرجان سينما «مسكون» لأفلام الخيال العلمي. وكذلك مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة، ومهرجان بيروت الدولي للأفلام القصيرة.

مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الخامسة

يواصل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي تأكيد حضوره، ففي دورته الخامسة. وفي إطار تعاونه للمرة الأولى مع جائزة غولدن غلوب منح المهرجان الممثلة هند صبري جائزة عمر الشريف، والممثلة الهندية عليا بات جائزة غولدن غلوب هورايزن. وجدير بالذكر أن هاتين الجائزتين تسلطان الضوء على إنجازات المواهب الإبداعية في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وشمال افريقيا.
هذا ويضم مهرجان البحر الأحمر السينمائي «سوق البحر الأحمر» وفيه تحصل المشاريع الفائزة على دعم مالي لمختلف المراحل، بما فيها التطوير والإنتاج وما بعده. ودعم صندوق البحر الأحمر 10 جوائز منحتها لجنة التحكيم. وجديد مهرجان البحر الأحمر تعاون مع مهرجان آنسي الدولي لتطوير أفلام الرسوم المتحركة في المملكة العربية السعودية.

مهرجان كرامة

وفي الأردن أنجز مهرجان كرامة لحقوق الإنسان دورته للعام 2025 بين 9 و14 كانون الأول/ديسمبر. مهرجان أنتج سلسلة مهرجانات عربية موازية في بيروت وموريتانيا واليمن وفلسطين. وفي دورته الـ16 تساءل المهرجان المهتم دائماً بموضوعات حقوق الإنسان، لماذا لا يصار لتخزين «حقوقنا الإنسانية الأساسية»، وهي أعز ما نملك، تماماً كما تُخزّن البذور داخل بنوك أمنة لضمان مُستقبل الغذاء.» وكانت غزّة قضية أولى وملحة في المهرجان الذي شارك فيه بحدود 70 فيلماً روائياً طويلاً أو تسجيلياً وتحريك.
وفي بغداد اُطلق مهرجان العراق الدولي لأفلام الشباب في دورته الأولى في شباط/فبراير 2025 نظمته وزارة الشباب والرياضة. وهدفه دعم الشباب وتأهيلهم لإطلاق مشاريعهم السينمائية.
وفي سوريا الجديدة، وقبل مرور عام على الثورة اُطلقت تظاهرة افلام الثورة السورية في ايلول/سبتمبر الماضي برعاية وزارة الثقافة. عُرضت خلالها أفلام وثائقية وروائية ولدت من رحم الثورة. أفلام شكلت استعادة للزمن والذاكرة. وكانت بعض الأفلام كما «النزوح» و«دمشق يا بسمة الحزن» قد شاركت في مهرجانات عربية ودولية وفازت بجوائز.

الترشيح العربي للأوسكار

إلى الأوسكار رشّح لبنان فيلم «نجوم الأمل والألم» لتمثيله في مسابقة أفضل فيلم غير ناطق بالإنكليزية، ضمن الدورة الـ98 من جوائز الأوسكار. أخرج الفيلم سيريل عريس، وهو من بطولة حسن عقيل ومونيا عقل. ويمثل فلسطين في هذه المسابقة فيلم «فلسطين 36» للمخرجة آن ماري جاسر. فيما يمثل فيلم «صوت هند رجب» تونس. ويمثل الأردن فيلم «اللي باقي منك» للمخرجة شيرين دعيبس، والذي يعود بذاكرة المشاهد إلى حكايات عائلة فلسطينية تعيش في الأردن وتأثير أحداث الضفة الغربية وقطاع غزة على مسار حياتها. ويمثّل مصر فيلم «هابي بيرث داي» للمخرجة سارة جوهر، ويتناول حكاية امرأة تؤدي دورها نيللي كريم، تواجه تعقيدات حياتية بعد الطلاق. واختار العراق فيلم «مملكة القصب» للمخرج حسن هادي، وهو الفيلم الذي شارك في مهرجان «كان» تحت عنوان «كعكة الرئيس».

مهرجانات المسرح العربية

مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي/32 عقد في أيلول/سبتمبر بمشاركة عربية ودولية مميزة. في نتائجه فاز العرض الروماني «هاشتاغ نوتيل» بجائزة أفضل عرض. وفاز نص المخرج العراقي جواد الأسدي «سيرك» بجائزة أفضل نص. وحصد المخرج التونسي مُعز العاشوري جائزة أفضل إخراج عن عرضه «روضة العشّاق».
وفي العراق عقد مهرجان بغداد الدولي للمسرح في دورته السادسة للعام 2025 بمشاركة واسعة. وتوزعت العروض بين المسرح الوطني، ومسرحي الرشيد والمنصور. وتميز بحيوية ثقافية، وفاز بنتيجته الممثل التونسي حمودة بن حسين بجائزة أفضل ممثل عن دوره في مسرحية «أربعون». وأفضل عرض مسرحي متكامل حصدته الهند عن مسرحية «رقصة النسيج». وجائزة أفضل مخرج لمهند هادي من العراق عن عرض «مأتم السيد الوالد».
وفي لبنان ورغم كثافة الإنتاج المسرحي والعروض التي تشغل مسارح العاصمة بيروت وأخرى في الضواحي، فلا مهرجانات للمسرح، ولا رعاية رسمية لهذا الفن العريق في بلاد الأرز. وتشهد المسارح اللبنانية إقبالاً لافتاً بخاصة على بعض العروض التي تتميز ببساطة موضوعها، وبقدرتها على الإضحاك. عروض تعمل لزمن طويل يُدهش أحياناً صانعيها. ويستمر المسرح التجريبي بتقديم نفسه بطرق مختلفة. منها على سبيل المثال عرض مسرح زقاق «ثلاث آيات في الوحدة». أما عرض «ابو الزوس» للكاتبة والمخرجة لينا خوري من إنتاج الجامعة اللبنانية الأمريكية المقتبس والملبنن بإتقان، فقد شكّل علامة فارقة. وجمع في تجسيده 24 خريجاً من الجامعة لهم حضورهم في الفن وفي طليعتهم طارق تميم. وكذلك كان مميزاً عرض مارك قديح «إنتاج محلّي». لافت في غالبية عروض المسرح اللبناني الاكتفاء بالممثل أو الممثلة الواحدة، وأحياناً إثنان. قرار يحتمه الإنتاج. وفي مقابل تلك العروض المسرحية كان لبيروت لقاء مع عمل مسرحي وحيد بطعم مختلف. إذ قررت جمعية أطباء بلا حدود عدم دثر كلمات وصوت صبية من غزّة تعمل في مكتبها في غزّة. إنها «أنسام» التي كانت تتواصل مع مكتب بيروت برسائل صوتية ونصية وهي تقاتل من أجل الحياة، حياة المصابين وحياتها. من خلال تلك الرسائل ولدت مسرحية «غزّة عيتا الشعب غزّة» من إخراج لينا أبيض. عذابات النساء في ظل الإبادة من خلال أنسام من غزّة ونهلة من عيتا الشعب جرت مسْرحتها بكافة شروط المسرح التراجيدي، وبعيداً من الخطابة. عرض ترك أثراً بالغاً.

حفلات الغناء والمسرح الموسيقي
وصدمة رحيل زياد الرحباني

في 26 تموز/يوليو 2025 صُدم اللبنانيون برحيل زياد الرحباني. فنان لقّبه النقّاد بالعبقري. رحل رافضا علاج كبده، ورحل بهدوء. زياد شغل الناس في صمته وفي كلامه. شكّلت كلماته محطة يستشهد بها جيل واسع من المؤمنين بتوصيفه لحال اللبنانيين العصي على الحل. كلماته وسخريته تشبه نبع ماء مدرار. وموسيقاه حالة رائدة ومختلفة حتى عن الأخوين رحباني. نما وكبر تحت فيئهما إلى مرحلة المراهقة، وبعدها صار فرعاً لشجرة تصحّ فيه توصيفات الإبداع جميعها. رحباني بدأ في عمر الـ14 بلحن «سألوني الناس» وقطف نجاحه وشهرته بوجود الأخوين، والده عاصي وعمّه منصور. رحيل زياد اشعل الجدل لبنانياً، المتنازعون سياسياً تنازعوا على حبّه. ولبنان الشعبي والرسمي كان في وداعه، بدءاً من الحمرا الشارع الأحب إليه، وصولاً إلى بكفيا حيث تمت الصلاة على روحه. الأم الحزينة في تلقيها العزاء حفرت ألماً في النفوس. فسيدة الصمت فيروز فجعت ببكرها.
كارول سماحة الفنانة اللبنانية التي تمكنت من تحقيق مسيرة خاصة بها مُنيت برحيل زوجها وليد مصطفى عن 53 عاماً بعد صراع مع المرض. تعالت على حزنها البالغ، ونفّذت رغبة وليد بتقديم مسرحية «كلو مسموح» مهما كان لأن مصير 60 مشاركاً في هذا العرض مرتبط بها. تأجّل العرض لأيام، وهو الثاني بعد تأجيله لأشهر بسبب العدوان الصهيوني على لبنان. كان الحضور بانتظار ظهور كارول على المسرح، قدّم لها التحية تصفيقاً ووقوفاً من قبل البعض. زوجة مفجوعة برفيق حياتها تُقدّم عملاً مسرحياً وتغني.
وفي تشرين الأول/اكتوبر من العام 2025 فاجأت كارول سماحة الجمهور بطرح أغنية «ما بتنتركك وحدك» من كلمات وألحان زياد الرحباني، وهي الأولى بعد رحيله. أخرج الأغنية فيديو كليب روي خوري، فلامست الكلمات القلوب برقتها كلاماً وموسيقى وأداء، وكذلك حضور كارول المعبّر برقي.
نشُطت مهرجانات الصيف في لبنان رغم تواصل الغارات الصهيونية. وكذلك حفلات الغناء خاصة في مدينة بيروت وفي كازينو لبنان. وكان لافتاً تصريح وزير المالية اللبناني ياسين جابر أشار فيه بأن شركات تنظيم الحفلات تتهرّب من دفع الضرائب المتوجبة عليها عبر التحايل على القوانين. ووصفها بمبيضة للأموال، ووعدها بتحصيل كافة مستحقات وزارته.
الخطوة البارزة عربياً والتي تأتي في إطار حفظ الذاكرة الفنية تمثّلت بقرار المملكة العربية السعودية، البدء بأرشفةٍ كاملة للموسيقى العربية.
لبنانياً وفيما كان مئات الموسيقيين حول العالم يوقعون على بيان «لا موسيقى للإبادة الجماعية»، ولا حفلات في الكيان ولا مشاركة مع مؤيديه من الموسيقيين، عقد حفل المغني الفرنسي كينجي جيراك في كازينو لبنان. ولم يلق نداء حملة مقاطعة إسرائيل بإلغاء حفله أي تجاوب. فهذا المغني يشارك بجمع التبرعات للكيان، ويدمج نشيد «هتفكا» الصهيوني في أغنياته.
انشغل محبو صوت المطربة أنغام بمرضها قبيل فصل الصيف. ومن على فراش المرض في أحد مستشفيات ألمانيا دعتهم أنغام للصلاة من أجل شفائها. وهذا ما تحقق وعادت لإحياء حفلاتها. وفيما كان لخلافات شيرين عبد الوهاب مع طليقها ومع آخرين موقع اهتمام من محبيها، ينتظر محبو أصالة صدور ألبومها باللهجة السورية كما وعدت، في بدايات 2026.

رحيل محمد بكري

محمد بكري سرّع الرحيل، لم يحتمل قلبه كل هذا الأسى الذي نزل بشعبه على امتداد فلسطين التاريخية، وآخرها جلجلة غزّة. أسلم الروح في 24/12/2025 وهو المولود في 27/11/1953. فنان عصامي عُرف بحبه للشاعر والكاتب اميل حبيبي. حصد بكري نجاحاً كبيراً حين مثّل على المسرح نص «المتشائل» لحبيبي. ويدين بكري بوفاء كبير للمخرج اليوناني الفرنسي كوستا غفراس لأنه أخذ بيده إلى السينما العالمية حيث عُرض فيلم «Hannah K» في كان ونال جوائز.
أقلق بكري الصهاينة على الدوام وخاصة بعد كشف جرائمهم في مخيم جينين عبر فيلمه «جينين جينين»، فمنعت محكمة الاحتلال عرضه. مثّل بكري مع معظم مخرجي ومخرجات فلسطين، وكان مشجعاً لهم. نال الكثير من الجوائر العربية والعالمية. في العام 2024 عُرض له فيلم «ما بعد» من إخراج مها الحاج، وفيلم «اللي باقي منك» للمخرجة الأردنية شيرين دعيبس هو أحدث ظهور له، شاركه البطولة ابنه صالح، وهو مرشح للأوسكار لهذا العام ويحكي مأساة أربعة أجيال فلسطينية.
محمد بكري عاد جسداً إلى قريته البعنة في الجليل، حضوره كفنان باقٍ للأبد، فهو مناضل من الطراز الثابت والصلب. ترك أثراً فنياً كبيراً، وعائلة من الفنانين الذين تربوا وكبروا كما والدهم وهم صالح، وآدم وزياد.